مجد الخيل والبارود.. ماذا يقول "سفيان" عن "التبوريدة" المغربية؟

يحكي سفيان في حديثه مع بلينكس أنه لا يذكر تحديدا متى كانت أول مرة يحضر فيها عرض تبوريدة، فهو نشأ وسط عائلة حرصت على نقل هذا الفن جيلا بعد الآخر، لكنه يذكر جيدا أول مشاركة له في الاستعراضات.

يقول إنه "أحس حينها بالرهبة والنشوة معا"، فالتبوريدة استعراض محفوف بالفرجة وبالخطر أيضا جراء استعمال البارود.

هذا الاستعراض يبدأ بالأهازيج والزغاريد بعد انطلاق الفرسان عبر صف متراص ممتطين خيولا مزينة في سباق يمتد لنحو مئة متر، وينتهي بتوجيه البنادق صوب السماء ثم إطلاق النار دفعة واحدة، في مشهد يحاكي احتفالات شبيهة بالانتصار.

الفارس الشاب لا يرى في التبوريدة مجرد فن تراثي يمتد لنحو 5 قرون تعلم من أجداده الحفاظ عليه، بل يراها هواية ومتنفسا لا يمكن الاستغناء عنها، يقول إن "الساعات التي يقضيها في الاعتناء بالخيول أو في ساحات الاستعراض هي أكثر لحظاته سعادة".

وفق رئيس الفيدرالية الجهوية لفنون التبوريدة ورياضة التبوريدة في منطقة سلا القنيطرة بالرباط، فتاح مرشيش، تتعدد المناسبات التي يحيي فيها المغاربة عروض التبوريدة، لكنه يقول في حديثه لبلينكس إنها كانت تقام قديما عند انتهاء فصل الصيف احتفاء بمحاصيل المزارعين.

وبعدها صارت تقام عند كل مناسبة للفرح كالأعراس وحفلات ختان الأطفال إلى جانب المناسبات الدينية والاحتفالات الوطنية، إلى أن صارت تقام من أجلها المهرجانات الثقافية والمسابقات، حسب كلام فتاح مرشيش.

وبتاريخ ديسمبر من العام 2021 أدرجت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونسكو) "التبوريدة"، في قوائمها للتراث الثقافي غير المادي العالمي.

وأكد رئيس فدرالية الفروسية، أن هذا القطاع صار مقننا وتحت أنظار السلطات المغربية نظرا لاعتماده على البنادق، وضمانا لسلامة المشاركين والمتفرجين.

بعد أن كانت ساحات التبوريدة حكرا على الرجال دون النساء، يقول فتاح مرشيش إن المغربيات اليوم اقتحمن الساحات وصرن ينافسن الفرسان.

فقبل سنوات قليلة كان من المستحيل أن تجد امرأة واحدة في "سربة" الفرسان، أما اليوم فيمكن أن تجد ثلاثة نساء أو أكثر بينهم، وفق كلام المتحدث ذاته.

ويواصل قائلا "بل يمكن أن تجد سربة كاملة من النساء تقودهن امرأة تدعى المقدمة" ويحكي أنهن إلى جانب إتقانهن لهذا الفن، يحرصن على ارتداء أفخم الألبسة التقليدية وأجودها، ويؤكد أن عدد فرق النساء "الخيالة" يزداد سنة بعد أخرى.

ويقول المتحدث ذاته، إن رواد هذا الفن التراثي ومحترفوه، يراهنون على انخراط الجميع فيه نساء ورجالا من أجل الحفاظ على رأسمالهم الرمزي الذي توارثته قرى المغرب وبواديه أبا عن جد.