تدرّج رامي الشطري (33 سنة) في العمل السينمائي لسنوات طويلة، قبل أن يتمكن من تحقيق حلمه بإخراج عدد من الأفلام التي شاركت في مهرجانات دولية عديدة.

وكباقي المخرجين من الجيل الجديد، فإنه واجه مصاعب وتحديات عدة في صناعة السينما العراقية أبرزها مساحة الحرية في طرح المواضيع وسط ظروف سياسية ومجتمعية شائكة تجعل من عمله السينمائي بالغ الصعوبة.

حياة رامي تمثل واقع الظروف التي عاشها ، في العام 2016 قتل فنان صديق لرامي ويدعى كرار نوشي بسبب مظهره المختلف وشعره الطويل، اختطفته جماعات مسلحة وعذبته قبل ان ترميه جثة في أحد شوارع بغداد.

تلك الحادثة تركت أثراً كبيراً في نفسية رامي، وهي بحسب كلامه توضح المحاذير التي يتعامل فيها عند صناعة أفلامه وتنفيذها، فالكثير من المواضيع السينمائية قد توضع في خانة المحرمات والفجور، وقد تنهي بحياة صاحبها اذا ما مس بعض المعتقدات المجتمعية.

رغم كل العقبات التي تكتنف طريق صناعة السينما، إلا أن المخرجين الشباب كثيراً ما نجحوا في ترك بصمتهم، وصنعوا أفلاماً نافست عالمياً، كفيلم ابن بابل للمخرج عطية الدراجي الذي حصد أكثر من 60 جائزة عالمية.

أما حول أسباب محدودية السينما العراقية، فأن بعض المخرجين يرى أن غياب الثقافة والوعي المجتمعي في الإقبال على الأفلام العراقية، والبحث عن الأفلام التجارية يمثل سبباً في محدودية صناعة السينما، كما يوضح المخرج والناقد عصام الشمري.

ويقول الشمري إن الجمهور العراقي منجذب نحو السينما التجارية العربية والأجنبية، ويحضر أفلامها، لكنه يحكم مسبقاً على السينما العراقية بأنها سينما النخبة، لذا ترى أن الإقبال على مشاهدة السينما من قبل النخب الفنية والثقافية.

الشمري دعا إلى تثقيف المجتمع نحو مشاهدة الأعمال العراقية الهادفة، وإعادة الذوق المعهود في السابق والذي أثّرت عليه الحروب والظروف السيئة التي عاشتها البلاد.

وزارة الثقافة العراقية أعلنت مؤخراً عن ترشيح فيلم "الجنائن المعلقة" لجائزة الأوسكار الأشهر عالمياً، وأوضحت دائرة السينما والمسرح في وزارة الثقافة أن ترشيح الجنائن المعلقة للأوسكار، جاء لتفعيل دور السينما والحراك الفني السينمائي للوصول به إلى مصاف الدول المتقدمة فنياً وسينمائياً.

وأشارت الهيئة إلى أن الفيلم حصل على منحة إنتاج من وزارة الثقافة وحقق نجاحات في المهرجانات الدولية والعربية التي شارك بها وحصل على جوائز عديدة.

وبحسب مختصين فأن هذا الترشيح سيسهم في إعادة تواجد العراق ضمن المهرجانات العالمية للسينما، ويفتح باب التنافس للارتقاء بصناعة السينما في العراق، كما يشرح حكمت البيضاني، رئيس قسم السينما والمسرح في كلية الفنون.

ويشير إلى أن الفيلم سيمثل واجهة تنقل إلى العالم وجود سينما جيدة في العراق، تكافح للبقاء والعودة.

أضاف البيضاني أن مشاركة الفيلم ستفتح باب المنافسة بين صناع السينما، وبالأخص الشباب، إذ بإمكانهم أن ينافسوا عالمياً من باب الترشّح داخلياً وبالتالي زيادة عدد الأعمال وكل هذا طبعاً مرتبط بالدعم المالي إن توّفر.

ورغم ترشيح "الجنائن المعلقة" لكنه لم يسلم من نقد داخلي سواء على صعيد الجمهور أو حتى على صعيد بعض الأوساط السينمائية داخلياً.

ويتناول الفيلم في أحداثه، الأخوين أسعد وطه اللذّين يكسبان لقمة العيش من خلال جمع المعادن والبلاستك من مكبّ النفايات الأسطوري الشهير باسم جنائن بابل المعلقة.

يلفت انتباههم مكبّ نفايات الجيش الأميركي خلال احتلاله للعراق، ويضم مجلات "خليعة" ضمن عدد من باقي الأشياء، وفيه يعثر أسعد على دمية مطاطية مهملة ويقرّر امتلاكها، وإحضارها إلى المنزل، وحينما تختبر الدمية علاقة الأخوين، يواجهان قلقاً ما يهدّد صلتهم الأخوية، ضمن تحدّي الحب وصلة الدم، الذي تنتصر فيه روح الدعابة والبراءة.

لكن الفيلم بعد عرضه في صالات السينما ببغداد نال الكثير من الجدل على العبارات التي استخدمت، والتي اعتبرها البعض جنسية ولا تتلائم مع العادات والتقاليد المجتمعية العراقية

الناقد السينمائي كاظم مرشد، نشر تدوينة في "فيسبوك" بعد عرض الفيلم، أرفقها بـ 4 وسوم إلى جهات سياسية، قائلاً إنّ "الفيلم يتحدث عن واقع الناس في مجتمع مشار إليه برموز دينية واضحة، وبيئة تشير إلى مناطق بعينها"، وأضاف "أدعو من لهم جمهورهم الواسع والكبير في هذه المناطق لمشاهدة الفيلم ورؤية واقع الحال وهل هناك مبالغة في الطرح، أم أن واقع الحال الحقيقي هو هكذا".

في المقابل، رد الكثير من العاملين في الفيلم حينها على الناقد ومنهم مخرج الفيلم متهمين إياه بالتحريض على قتلهم.

مخرج "الجنائن المعلّقة" أحمد ياسين، يقول إنهم تجاوزا اليوم وبعد الترشيح ما حصل، مبيناً أن الأهم هو ما حققه الفيلم من نجاح، وبالتالي لا يوجد عمل سينمائي في العراق يروق لكل الأذواق، وبالأخص التي لا تتقبل أي فكرة خارجة عن مفهومها.

أما بخصوص ما بعد الترشح، فأن ياسين اشتكى من رفض الحكومة لتمويل حملة ترويجية لترشح الفيلم، وهو ما يحصل مع باقي الأفلام المرشحة.