ترفيه‎

ظل مفقود وصيف قاتل.. كيف تواجه أميركا موجات الحرارة؟

نشر
AP
كيث لامبرت وعائلته يواجهون حرارة صيف شيكاغو الشديدة بالدخول والخروج سريعًا من المنزل وإبقاء الستائر العازلة مسدلة دائمًا. يقول: "الأمر يتعلق حقًا بتقليل التعرض للشمس ومحاولة إدارة نقاط التبريد بأفضل ما يمكن".
لامبرت يشبه عشرات الملايين من الأميركيين الذين يواجهون موجات حر تتجاوز باستمرار 32 مئوية، وغالبًا ما تضرب الحرارة بقوة أكبر ذوي البشرة الملوّنة وذوي الدخل المنخفض، رغم أنه يعد أسرته من الطبقة الوسطى. يضيف لامبرت "هناك رابط مالي يحدد مستوى الراحة والرفاه في ظروف الحر الشديد".
ويوضح: "إذا لم تتوفر الوسائل للتبريد، فأمامك ثلاثة خيارات: أن تُخبَز، أو تعاني وتتأقلم، أو تبحث عن أماكن مكيّفة".
سجلات الوفيات في مدن أميركية تُظهر أن الحرارة تقتل وفق خطوط اجتماعية واقتصادية وعرقية. دعاة العدالة البيئية يرجعون التفاوت لعقود من سياسات إسكان تمييزية، خصوصًا "الخطوط الحمراء" في ثلاثينيات القرن الماضي التي قيّمت الأحياء استثماريًا بناء على العِرق وحرمت الأقليات من الرهون العقارية.
أليشيا وايت، مؤسسة "مشروع بيتالز"، تقول: "الخطوط الحمراء ومظالم البيئة التاريخية ضد مجتمعات السود تصل اليوم إلى ذروتها لأنها تؤثر على الجميع"، وتؤكد: "لكنها تؤثر على مجتمعاتنا أكثر".
الحر الشديد ليس مجرد انزعاج؛ إنه السبب الأول لوفيات الطقس في الولايات المتحدة. تقرير وفيات في نيويورك يذكر أن موجات الحر "تقتل بالمتوسط 350 شخصا كل عام".

الحر لا يخلق صورا مثيرة كالأعاصير

إريك كليننبرغ، أستاذ علم الاجتماع بجامعة نيويورك ومؤلف كتاب "موجة حر: تشريح اجتماعي لكارثة في شيكاغو"، يقول إن موجات الحر "قاتلة للغاية لكن يتم تجاهلها"، فالحرارة غير مرئية ولا تخلق صورًا مثيرة كالأعاصير أو الفيضانات.
ويضيف: "المتأثرون بها غالبًا غير مرئيين في الحياة العامة مثل الفقراء، والسود، والمسنون، والذين يعيشون في أحياء معزولة".

حلول لمواجهة الحرارة القاتلة

البيئيون يرون حلولًا حضرية لمواجهة الحر: زراعة المزيد من الأشجار، إنشاء حدائق ومروج، وتغطية الأسطح بالنباتات.
في أريزونا، منظمة "أنليميتد بوتنشل" تطوّر مجموعات عمل للغابات الحضرية لزيادة غطاء الأشجار في مقاطعات بالولاية.
تووشا تراهان تقول: "الأحياء الأفقر هي الأكثر حرارة لأنها ببساطة أقل أشجارًا". وتضيف: "يمكنك أن تقود في حيٍّ ما وترى فرقًا كبيرًا في الغطاء الشجري بالعين".
في الخريف الماضي، أقرّ مجلس مدينة نيويورك قوانين تُدرج الأشجار ضمن خطط الاستدامة وتلزم بخطة للغابات الحضرية لرفع الغطاء الشجري من 22% إلى 30% بحلول 2035، ومع ذلك تفتقر أحياء يغلب عليها السود واللاتينيون لمساحات خضراء.
وايت تشير إلى أن منظمتها تعمل على تزويد الأحياء السكنية بموارد لإنشاء مساحات خضراء مثل الحدائق المجتمعية. فمنذ 2015 ساعد "مشروع بيتالز" في افتتاح 10 مساحات تتراوح بين ربع فدان وخمسة أفدنة. وتقول: "هذه المساحات تُنقّي الهواء وتُخفض الحرارة".
وتوضح أن هذه الأماكن، مثل مساحة في حي جامايكا بكوينز، ليست فقط للظلال والتبريد، بل لبناء الروابط: "يجلس الناس للحوار، يقرؤون، يدرسون، ويزرعون طعامهم". وتقارن: "في نيويورك، او الغابة الإسمنتية، كثيرون لا يصلون لمساحات خضراء على الإطلاق".

تظليل مواقف الحافلات بالأشجار

مع ارتفاع الحرارة وأنماط التطوير، يرى الخبراء أن السخونة ستزداد ما لم تُتخذ إجراءات. بعضهم يستخدم البيانات لتنبيه المجتمعات.
كيفن لانزا، أستاذ مساعد بمدرسة الصحة العامة في "يو تي هيلث هيوستن" بأوستن، يعمل للحد من التعرض للحر في مواقف الحافلات، إذ تعتمد مجتمعات ملوّنة في تكساس على النقل العام، ما يزيد تعرضها للحرارة الشديدة.
دراسة لانزا عام 2019 تُظهر أن "أشد الأيام حرارة" تشهد انخفاضًا في الركاب، لكن "تظليل المواقف بالأشجار يجعلها أبرد بمرتين، وبالتالي يمنع خسائر حادة لشركات النقل".
هذه النتائج تدفع هيئة نقل هيوستن وغيرها لإعادة تصميم مواقف الانتظار لزيادة تدفق الهواء. وحتى شهر يونيو أُعيد تصميم ستة أماكن انتظار مع توقع استبدال المزيد خلال ستة أشهر. وفي 2023، تستخدم "كاب مترو" في أوستن الدراسة لوضع خطة لزراعة المزيد من الأشجار في المدينة وبالقرب من المواقف القائمة.
في كاليفورنيا، تقول جوليا سيلفر، الباحثة في "معهد سياسات وسياسة لاتينوس" بجامعة كاليفورنيا في لوس أنجلوس، إن عائلتها "تقضي معظم الصيف داخل البيت أو في أماكن مكيّفة" بسبب موجات الحر القياسية، وتصف قضاء الوقت في الخارج بأنه "أصبح لا يُطاق".

الفوارق ليست عشوائية

في يونيو، أطلق المعهد "لوحة المناخ والصحة للاتينيين" كمصدر مركزي يُظهر فوارق المناخ في أحياء اللاتينيين عبر كاليفورنيا، وجرى تطويرها بإرشاد لجنة استشارية تضم خبراء في عدالة المناخ والصحة العامة وعدالة البيانات. اللوحة تُظهر أن "90% من سكان كاليفورنيا من أصل لاتيني يواجهون تفاوتات مناخية"، من تلوث أعلى إلى مزيد من أيام الحر الشديد مقارنة بالبيض.
سيلفر تؤكد: "الفوارق ليست عشوائية"، وتوضح أن الهدف "تزويد القادة والوكالات الحكومية ببيانات موثوقة تعكس التجربة الفعلية". وتضيف: "كلما اشتد تغير المناخ، كلما ازدادت صعوبة العيش ومخاطر التواجد خارجًا".

حمل التطبيق

© 2025 blinx. جميع الحقوق محفوظة

© 2025 blinx. جميع الحقوق محفوظة