بيئة

هل تدفعنا تغيّرات المناخ نحو أزمة غذاء عالمية؟

نشر
blinx
في ظلّ التسارع غير المسبوق في وتيرة الظواهر المناخية المتطرّفة، من جفاف وحرائق وفيضانات، بدأت البشرية تلمس وجهاً جديداً لأزمة المناخ: طعام أغلى، موائد أفقر، وأجساد أكثر مرضاً.
سلّطت دراسة حديثة نشرتها مجلة Environmental Research Letters في 21 يوليو 2025 الضوء على العلاقة المباشرة بين تغيّر المناخ وارتفاع أسعار المواد الغذائية حول العالم، موثّقةً أكثر من 15 حالة تضخّم غذائي وقعت بين 2022 و2024، كانت جميعها مرتبطة بأحداث مناخية متطرّفة.

تأثير التغيّرات المناخية على أسعار المواد الغذائية حول العالم

أثبتت الدراسة أن موجات الحرّ والجفاف والفيضانات تسبّبت في تدمير محاصيل استراتيجية ورفعت أسعار سلع أساسية بشكل غير مسبوق في قارات متعددة.

الفيضانات

ففي المملكة المتحدة، ارتفعت أسعار البطاطس بنسبة 22٪ في غضون شهرين فقط بعد شتاء شديد الرطوبة. وفي باكستان، تسبّبت فيضانات أغسطس 2022 في ارتفاع أسعار الأغذية الريفية بنسبة 50٪. أما أستراليا، فسجّلت قفزة مذهلة في أسعار الخس بنسبة 300٪ في يونيو 2022 عقب فيضانات الربيع.

موجات الحرّ

لم تقتصر الآثار على تلك المناطق، إذ شهدت آسيا ارتفاعات حادة في أسعار المواد الغذائية بسبب موجات الحرّ. ارتفع سعر البصل في الهند بنسبة 89٪ والبطاطس بنسبة 81٪ في مايو 2024، بينما سجّلت كوريا الجنوبية زيادة بنسبة 70٪ في أسعار الملفوف، وقفزت أسعار الأرز في اليابان بنسبة 48٪. سجّلت الصين، بدورها، زيادة بنسبة 30٪ في أسعار الخضروات. أما في فيتنام، فقد تضاعفت أسعار قهوة الروبوستا في يوليو بعد موجة حرّ في فبراير، فيما ارتفعت أسعار الكاكاو العالمية بنسبة 280٪ بعد تدمير المحاصيل في غانا وساحل العاج. جنوب إفريقيا سجّلت ارتفاعاً بنسبة 36٪ في أسعار الذرة في أبريل 2024.

الجفاف

أما الجفاف، فقد لعب دوراً محورياً في تأجيج الأسعار. في أوروبا، ارتفعت أسعار زيت الزيتون بنسبة 50٪ في إيطاليا وإسبانيا خلال يناير 2024. وفي الولايات المتحدة، قفزت أسعار الخضروات بنسبة 80٪ في كاليفورنيا وأريزونا بسبب الجفاف. كما سجّلت المكسيك زيادة بنسبة 20٪ في أسعار الفواكه والخضروات. وارتفعت في إثيوبيا أسعار الغذاء بنسبة 40٪ في مارس 2023، بينما قفزت أسعار الأرز في إندونيسيا بنسبة 16٪ بفعل الجفاف المستمر.

ارتفاع الأسعار... بداية انهيار صحي واسع

لا تقف أزمة المناخ عند حدّ تضخّم أسعار الغذاء، بل تتجاوزها لتضرب بنية الصحة العامة.
وفقاً لتقرير صادر عن جامعة موناش الأسترالية، يؤدّي ارتفاع الأسعار الناتج عن التضخّم وركود الأجور إلى أزمة معيشية مركّبة ذات أبعاد مادية ونفسية وسلوكية. تبدأ هذه الأزمة بانعدام الأمن الغذائي، وفقر الطاقة، وتأجيل الرعاية الصحية، وتدهور ظروف السكن، ثم تتحوّل إلى ضغوط نفسية مزمنة تؤثّر على العلاقات الأسرية وتُنتج حالات من الاكتئاب والقلق، وقد تصل إلى التفكير في الانتحار.
ومع تفاقم الضغط، يُضطر الأفراد إلى تغيير سلوكياتهم، مثل العمل لساعات أطول، أو تقليص الإنفاق على الطعام الصحي والنشاط الرياضي، أو الانتقال إلى مساكن أقل جودة، مما يؤدي إلى انهيار في التوازن النفسي والجسدي.
في ويلز، حذّر تقرير صادر عن البرلمان الويلزي من أنّ أزمة تكاليف المعيشة تحوّلت إلى حالة طوارئ صحية عامة، شبيهة بجائحة كوفيد-19.

كيف تدفعنا تغيّرات المناخ نحو مجاعة عالمية؟ (أ.ب)

وقد كشف التقرير أن الغذاء أصبح ميدان صراع للبقاء، إذ يدفع إنعدام الأمن الغذائي الأسر نحو استهلاك أطعمة رخيصة، عالية السعرات، منخفضة القيمة، مما يرفع معدلات السمنة وأمراض القلب والسكري.
أفاد أكثر من 44٪ من مرضى الكلى في المملكة المتحدة بأنهم فوّتوا وجبات ضرورية بسبب الغلاء، ما يهدّد حياتهم.

حمل التطبيق

© 2025 blinx. جميع الحقوق محفوظة

© 2025 blinx. جميع الحقوق محفوظة