أسرة وطفولة

الموت يطارد شباكهم.. رحلة صيادي اليمن بزمن الحوثي

نشر
Yemen - blinx
في قلب البحر الأحمر، حيث يعانق المدى الأزرق الأرض، كان قاسم علي قاسم، الصياد اليمني، يبحر بسلام مع أسرته على قوارب صغيرة، يروي لهم البحر قصص الرزق والأمل.
لكن هذا البحر، الذي كان مصدر أحلامهم، تحول إلى ساحة للموت والمخاطر بعد أن اجتاحت المنطقة عاصفة الحرب الحوثية بلا رحمة.

ذكريات البحر وأحلام الصيد

بمزيج من الحزن والألم، يسترجع قاسم ذكريات الأيام الخوالي قائلاً: "كنا ننطلق من المكلا، عاصمة حضرموت. كانت رحلاتنا البحرية مليئة بالدفء. قبل شروق الشمس، نبحر حتى المساء، محملين بالآمال وقاصدين لقمة العيش الحلال. لكن بين عشية وضحاها، تحولت الأمور إلى مأساة حقيقية، وحولت الهجمات الحوثية البحر إلى جحيم لا يرحم".

حجم المأساة.. بالأرقام

تشير إحصاءات رسمية إلى أن نحو 60% من الصيادين في محافظة الحديدة غربي اليمن فقدوا مصادر دخلهم بسبب الهجمات الحوثية على السفن التجارية في البحر الأحمر.
وفي فبراير من العام الماضي، أفاد مدير مكتب الإعلام في الحديدة، علي الأهدل، بأن نحو 300 ألف شخص يعملون في مهنة الصيد، تأثر 60% منهم بشدة جراء التصعيد الحوثي.

البحر الأحمر.. ممر غير آمن

يقول قاسم وهو يربت على قلبه المثقل بالهموم: "كان البحر مكانا للأمل. أما اليوم، فأينما ذهبنا، نكون في مرمى نيران الحوثيين. ضرباتهم لا تفرق بين صياد وآخر، بين قارب يحمل الرزق وآخر".
ويضيف: "فقدنا 40 صيادا من منطقتنا وحدها. كانوا إخوة لنا، لكنهم اختفوا فجأة. كل يوم نبحث عنهم، فلا نجد إلا الفراغ والمجهول".

معاناة متفاقمة

أشار قاسم إلى أن الظروف الجوية القاسية زادت من معاناة الصيادين: "مع الخطر الحوثي الداهم، تضربنا الرياح الموسمية بقوة، مما يجعل الأوضاع المعيشية أكثر صعوبة".

الهروب من الخطر.. مخاطرة وموت

يسعى الصيادون إلى الهروب من الخطر بالإبحار إلى سواحل الصومال والدول الأفريقية، لكن هذه المغامرات محفوفة بالمخاطر.
يقول قاسم: "تذهب ساعات في البحر، تصطاد وتكدح، لكنك قد تعود بلا شيء بسبب الضربات العشوائية. نحن لا نعرف إذا كنا سنموت بيد الحوثيين أو بسبب العواصف".
يؤكد هربي بنده، مدير عام الموانئ في هيئة المصائد السمكية بالبحر الأحمر، أن المناطق التي كانت مصدر رزق الصيادين أصبحت مناطق خطر دائم.
ويقول: "من الحيمة جنوب الحديدة إلى باب المندب، كل هذه المناطق أصبحت غير آمنة. أي رحلة بحرية قد تنتهي بفقدان الحياة بسبب الجنون الحوثي".

هجر البحر وتغيير المهنة

يشير بنده إلى أن العديد من الصيادين اضطروا لترك البحر، والاتجاه إلى مهن أخرى مثل البناء والزراعة.
البعض لجأ إلى المحافظات الجنوبية مثل أبين وحضرموت والمهرة، تاركين ذكريات البحر وراءهم.
وتجاوزت حالات الفقدان في صفوف الصيادين 240 حالة. يقول بنده بحزن: "ما زلنا نعيش على وقع الأخبار المؤلمة، ونعلم أن هذه المأساة قد تستمر".

حمل التطبيق

© 2025 blinx. جميع الحقوق محفوظة

© 2025 blinx. جميع الحقوق محفوظة