حملة "دفا" في سوريا.. "نور" تتحدى برد دمشق بمبادرة
وسط أزقة دمشق الباردة وأحزانها المتراكمة، وعلى وقع دوي الرعد وبريقه، وفي أجواء صقيع يناير الشتوية المخيفة، ومن قلب معاناة الفقراء اليومية وحاجتهم لما يقيهم من برد الشتاء تولدت الفكرة للشابة السورية نور السقا، التي أطلقت مبادرة "دفا" بهدف الوصول إلى قلب كل محتاج بثوب دافئ، أو مبلغ بسيط يعيد له شيئًا من دفء الحياة.
عبر صفحتها على فيسبوك، كانت الشرارة الأولى التي أطلقتها تقول الفتاة السورية نور السقا، لبلينكس: "كان هدفى أن يصل صوتي لكل ذو قلب رحيم، بعد أن استوقفني مشهد لأحد الأطفال يلتحف الفضا في شتاء يناير البارد".
وتردف: "أنا لست ناشطة سياسية أو شخصية مشهورة، بل فتاة عادية أعيش وسط مجتمعي في دمشق، أعيش معاناتهم وأحلامهم وآمالهم، ومن وقع معاناتهم استلهمت الفكرة، فهناك عشرات العائلات فقدت أعمالها، ومئات الأطفال حُرموا من أدنى مقومات الحياة، وأسر تواجه الشتاء بلا غطاء أو ملاذ".
تحكي نور: "لم يكن بيدي حل، وأعرف أني لن أستطيع أن أقدم جميع الحلول بمفردي فأنا مجرد صبية سورية أعيش كل يوم في هذا المجتمع، قررت أن أحاول ولو بالقليل، لأنه كما نقول، إيد واحدة لا تصفق.. لما تشوف طفل بردان وما عندك القدرة تساعده، بتدرك أن المساعدة ولو بسيطة ممكن أن تغيّر حياته".
تروي نور أن فكرة المبادرة نشأت بعدما شاهدت طفلاً في الشارع يرتجف من البرد. وتحكي: "لحظة واحدة كانت كافية، طفل بردان وما عنده شيء يلبسه، فكرت أبدأ أساعد لو شخص واحد فقط، وبما أنني لا أستطيع القيام بكل شيء بمفردي، قررت أن أطلب مساعدة الناس".
تجاوب الناس كان ملفتا وملهما لها، سواء من داخل سوريا أو من المغتربين بالخارج، ودفعها ذلك لاستعادة الحماس وتدشين واسترجاع حملة كنت قد بدأتها منذ 3 سنوات لنفس الغرض، وحققت نتائج مذهلة وأثبتت تلاحما شعبيا وجماهيريا كبيرا.
مع استمرار الأزمات الاقتصادية في سوريا بعد سقوط النظام وتوقف الأعمال، عادت نور بفكرة جديدة لمبادرة "دفا" للمرة الثانية، وتستهدف المبادرة الأطفال من عمر سنة وحتى نهاية المرحلة المدرسية.
وتقول نور: "الأطفال ليس لهم ذنب في ما يحدث، كبرت معاناتهم بسبب الظروف، ولابد أن نحاول توفير احتياجاتهم الأساسية، ولو بأبسط الإمكانيات".
تثق الفتاة السورية في أن مبادرتها ستحقق انتشارا واسعا في كافة سوريا، فهي لا تهدف إلى نجاح حملاتها في دمشق وحدها، لذا أعلنت عن فرحتها حين انضم شباب وفتيات من محيطها لمساعدتها في جمع الملابس وفرزها وتوزيعها على المحتاجين.
وتضيف: "الحملة ما زالت في بدايتها، لكنني متفائلة، فالكثير من الأشخاص استجابوا، والذين يبعثون حتى بمبلغ 100 دولار قادرون على تغيير حياة عائلة كاملة، 100 دولار في سوريا يمكن أن تُحدث فرقا كبيرا".
تهدف نور إلى أن يكون لأثر حملتها جوانب معنوية أخرى، فإضافة إلى الملابس التي تُدفئ الأطفال، تعيد هذه المبادرة الشعور بالأمان والكرامة لهم ولأسرهم.
وتقول: "الدفا ليس فقط في الجسد، بل في النفس أيضا، فعندما يشعر الطفل أنه يرتدي شيئا دافئا ومرتبا، يشعر بأنه ليس وحيدًا، وأن هناك من يهتم به".