أزمة مزدوجة.. منتخب البرازيل يرجع إلى الخلف

تلقت البرازيل أسوأ خسارة في تاريخها، عندما فازت عليها ألمانيا بـ7 أهداف مقابل هدف، في نصف نهائي كأس العالم 2014، التي استضافتها على أرضها، وهي الهزيمة التي دقت نواقيس خطر لم يلتفت إليها الكثيرون في أرض السامبا.

ولم يسجل السيليساو حضورا مميزا في النسختين التاليتين من كأس العالم، حيث ودع من ربع النهائي في 2018 أمام بلجيكا (1-2)، وكذلك في 2022 كما سبق ذكره، ولم يقدم الأداء المرعب الذي اعتادته منه الجماهير.

ولم يختلف الحال كثير على صعيد كوبا أميركا، حيث خرج من ربع النهائي في 2015، ثم المجموعات في 2016، قبل أن يتوج بنسخة 2019 التي استضافها على أرضه، بعد مباريات مثيرة للجدل، دار حولها لغط كبير بسبب الأخطاء التحيكمية التي كانت تصب في صالح أصحاب الأرض.

وخسر المنتخب البرازيلي نهائي كوبا أميركا 2021 أمام الأرجنتين الطامحة لإنصاف قائدها ليونيل ميسي وقتها بهدف دون رد، قبل أن يودع النسخة الأخيرة للبطولة في 2024 من ربع النهائي بالخسارة من أوروغواي بركلات الترجيح عقب تعادل سلبي.

وبدا واضحا أن المنتخب المتوج بكأس العالم 5 مرات، يتربع بها على عرش أكثر المتوجين، يعاني بشدة على عدة أصعدة، أبرزها مع خطوطه الخلفية، التي كانت تتقدم أبرز أسباب السقوط في أغلب الأحيان، وكذلك على صعيد المدربين، بسبب ندرة المديرين الفنيين الوطنيين القادرين على تحمل ضغوط المسؤولية وتلبية معادلة الجماهير، بتقديم نتائج جيدة ومستويات رائعة.

يعاني منتخب البرازيل الحالي من أزمة على صعيد المدافعين، باتت واضحة بشدة منذ استبعاد القائد السابق تياغو سيلفا عقب الخروج من كأس العالم 2022، في ظل عدم وجود مواهب على الصعيد الدفاعي تتمتع بمواصفات اللاعب العصري في هذا المركز، وتقدم العديد من اللاعبين الموجودين في السن.

وتظهر الأرقام أنه منذ ابتعاد تياغو سيلفا عقب كأس العالم، ولذي كان ينظر إليه على أنه أحد المدافعين العصريين القادرين على الدفاع بقوة والمشاركة في بناء الهجمات وتسجيل الأهداف أيضا، خاض منتخب البرازيل 19 مباراة رسمية وودية على مدار عامي 2023 و2024 حتى الآن.

وخلال تلك المباريات، فاز السيليساو 7 مرات فقط، وتعادل 6، وخسر 6 كباريات، بينها 5 في عام 2023 الذي كان الأسوأ في تاريخ منتخب البرازيل على مر العصور.

وسجل راقصو السامبا خلال تلك المباريات 29 هدفا، بينم استقبلوا 23 هدفا، وخرجوا بشباك نظيفة في 5 مباريات فقط، واستقبلوا هدفين أو أكثر في مباراة واحدة في 6 مناسبات.

وسجل راقصو السامبا خلال تلك المباريات 29 هدفا، بينم استقبلوا 23 هدفا، وخرجوا بشباك نظيفة في 5 مباريات فقط، واستقبلوا هدفين أو أكثر في مباراة واحدة في 6 مناسبات.

ونشرت شبكة "إي إس بي إن" في نوفمبر 2023 تقريرا يتحدث عن أبرز 21 موهبة صاعدة في سماء الكرة البرازيلية في كل الخطوط، أعمارهم 21 عاما أو أقل.

وتضمنت القائمة وجود لاعب واحد فقط في مركز قبل الدفاع هو لوكاس بيرالدو، الذي انتقل إلى باريس سان جيرمان الفرنسي في شتاء العام الحالي قادما من ساوباولو، بجانب ظهير أيسر واحد هو كيفيسون لاعب فريق سانتوس البرازيلي.

بينما كانت أغلب الأسماء الأخرى التي تضمنها التقرير من المهاجمين، ولاعب الوسط، وشملت أسماء مثل نجم ريال مدريد الواعد الحالي إندريك المنتقل إليه من بالميراس، وكذلك فيتور روكي الذي انضم لبرشلونة الإسباني قادما من أتلتيكو باراناينسي، بما يشير إلى وجود ندرة في المواهب الدفاعية بالكرة البرازيلية.

وتضم القائمة الحالية لمنتخب البرازيل أسماء لمدافعين مخضرمين إلا مدافع أرسنال غابرييل ماغاليس صاحب الـ26 عاما، بجانب لاعب باريس سان جيرمان ماركينيوس صاحب الـ30 عاما، ولاعب يوفنتوس الإيطالي كثير الأخطاء دانيلو صاحب الـ33 عاما، بجانب لاعب واعد وحيد هو بيرالدو صاحب الـ20 عاما.

بينما تبرز أبرز المشاكل الأخرى في منتخب البرازيل في غياب مدرب قادر على قيادة المسؤولية وتحمل الضغوط الكبرى التي تفرضها الجماهير على من يتحمل هذا المنصب، وإقناع الجماهير بشخصيته أمثال كارلوس ألبرتو بيريرا وماريو زاغالو وغيرهما.

وقد أشارت دراسة نشرتها مجلة El Economista المكسيكية إلى أن مهنة مدرب كرة القدم، هي مهنة عالية الضغط والإرهاق في أي مكان في العالم، لكن ذلك الأمر يحدث بشكل مضاعف في البرازيل.

وقام التقرير بتحليل 10 دوريات من جميع أنحاء العالم، 5 من كل من أوروبا والأميركيتين، بين عام 2002 وحتى 2014، ووجد أن المدرب البرازيلي يقضي في المتوسط 15 مباراة فقط في منصبه، مما يجعل رؤساء الأندية البرازيلية الأكثر صعوبة في الإرضاء في لعبة العالم، استجابة لضغوط الجماهير، وقد يمتد ذلك بالطبع إلى المنتخب حال سوء النتائج.

بينما يظل المدرب في المتوسط بوظيفته لمدة 41 مباراة في إيطاليا، و42 مباراة في إسبانيا، ويتمتع مدربو الدوري الأميركي بأكبر قدر من الأمان الوظيفي، حيث يستمرون في العمل لمدة 88 مباراة في المتوسط، يليهم عن كثب نظراؤهم في إنجلترا (80 مباراة).

وأشارت الدراسة إلى أن الخوف المتزايد من خسارة المباريات، وبالتالي خسارة الوظيفة، له تأثير ضار على اللعبة نفسها في البرازيل، مما يغلق الباب أمام ثقافة التجريب التكتيكي وتصعيد المواهب أمام المدربين، وبالتالي يعجزون عن وضع أي نوع من الخطط طويلة الأجل.

وأوضحت أن المدربين البرازيليين ظلوا لسنوات يدركون أن 3 هزائم في فترة قصيرة من الزمن قد تعني الإقالة، لذا كانوا يلجأون إلى تأمين دفاعاتهم بوجود ثنائي من لاعبي خط الوسط الدفاعيين في الأساس مع قدرة محدودة على التمرير أو المراوغة،مما أدى لاختفاء الكرة الشاملة تدريجيا من السيليساو.

ومن أجل ذلك حاول مسؤولو الاتحاد البرازيلي استقدام مدرب مخضرم من خارج البلاد لتولي المسؤولية، ودخلوا في محادثات مطولة مع عدد من المدربين الكبار أبرزهم الإيطالي كارلو أنشيلوتي، لكن الأخير فضل البقاء مع فريقه ريال مدريد، لمواصلة نجاحاته معه، مؤجلا خوض المغامرة في أرض السامبا.

واضطر السيليساو إلى تعيين مدرب وطني جديد هو دوريفال جونيور، تواصلت معاه الأداءات الغير مقنعة، وإن تحسنت النتائج جزئيا، إلا أنها لا تزال متذبذبة، والدليل المصير الذي بات يهدد الفريق بالغياب التاريخي عن المونديال.