أتشيربي قاتل برشلونة.. عاد من الموت ليصنع المعجزات

لم يكن أشد المتفائلين بمستقبل المدافع الإيطالي المخضرم فرانشيسكو أتشيربي يتوقع قبل 12 عاما أنه سيواصل مشواره في ملاعب كرة القدم، بل أنه سيواصل مشواره في الحياة من الأساس، لكن ما حدث بعدها كان أشبه بالمعجزات.

وكان آخر حلقات مسلسل معجزات أتشيربي ما فعله (الثلاثاء) في مباراة فريقه إنتر ميلان الإيطالي أمام برشلونة الإسباني، في إياب نصف نهائي دوري أبطال أوروبا، عندما تقمص دور السوبر مان وأعاد فريقه للبطولة في الوقت القاتل بعدما كان على وشك الوداع.

أتشيربي سجل هدفا في الدقيقة الثالثة من الوقت بدل الضائع أنقذ به فريقه من توديع البطولة، حيث تعادل به الإنتر مع برشلونة 3-3، لتمتد المباراة لأشواط إضافية ويتمكن "الأفاعي" من تسجيل الهدف الرابع عبر ديفيد فراتيسي ليتأهلوا للنهائي الثاني في آخر 3 نسخ.

وكتب المدافع صاحب الـ37 عاما بذلك صفحة جديدة في قصته التاريخية، التي باتت ملهمة ليس في عالم كرة القدم فقط، بل في الحياة بشكل عام، ودليلا على أنه بالعزيمة والإصرار يمكن تحدي المستحيل.. فماذا حدث مع أتشيربي حتى تصبح قصته ملهمة للأجيال؟

بدأ المدافع الواعد مسيرته في فريق بافيا بدوري الدرجة الرابعة الإيطالي الذي نشأ بين صفوفه، قبل أن يتنقل بين عدة فرق صغيرة أخرى في الدرجات الأعلى مثل ريناتا وسبيزيا وريجينا، قبل أن يشتريه نادي الدرجة الأولى جنوى في 2011، لكنه لم يلعب معه.

وانتقل أتشيربي إلى كييفو فيرونا وقدم معه موسما مميزا في الدوري الإيطالي ليلفت أنظار العملاق ميلان الذي قام بضمه في صيف 2012 من أجل تعويض مدافعه المخضرم أليساندرو نيستا الذي رحل عن صفوفه في ذلك الوقت لخوض تجربة في الدوري الأميركي.

لكن المدافع الإيطالي تعرض لحادث عائلي حزين في ذلك الوقت بوفاة والده، مما زج به في دوامة الاكتئاب وإدمان الكحول، ليفشل في حجز مكان أساسي في تشكيلة ميلان ويهدر فرصة العمر، ويرحل عنه سريعا في الشتاء عائدا إلى جنوى، الذي أعاره إلى كييفو ليكمل معه الموسم.

وفي صيف 2013 انتقل أتشيربي إلى ساسولو الذي كان عائدا وقتها إلى دوري الدرجة الأولى الإيطالي، واكتشف خلال الفحص الطبي عن طريق الصدفة إصابته بسرطان الخصية، ليخضع لعملية جراحية سريعة لإزالة الورم ويتماثل للشفاء.

وشارك أتشيربي في 13 مباراة من موسم 2013-2014 في الدوري الإيطالي قبل أن يفشل في اختبار المنشطات في ديسمبر 2013؛ لكنه نفى استخدام أي عقاقير محظورة لتحسين الأداء، ليتبين أن ذلك كان بسبب مستويات هرمونية غير منتظمة ناجمة عن عودة السرطان.

خضع المدافع الإيطالي بعدها للعلاج الكيميائي لنحو شهرين، كان خلالهما حريصا على حضور جلسات التدريب رغم الوهن والضعف الذي كان يشعر به بسبب العلاج، ليتمكن من قهر السرطان من جديد ويعود إلى الملعب في الموسم التالي.

ظل أتشيربي مع ساسولو حتى 2018، قبل أن يقدم على خطوة مهمة بالانتقال إلى لاتسيو الذي تألق بين صفوفه وقاده للفوز بكأس إيطاليا في موسمه الأول، وكذلك السوبر الإيطالي، وجعله منافسا شرسا في الدوري.

وبعد تألقه مع لاتسيو في موسمه الأول بدأ أتشيربي يحجز مكانه الأساسي في منتخب إيطاليا في عام 2019، رغم أنه بدأ الانضمام له قبل ذلك الوقت بـ7 سنوات، لكنه كان ملازما للدكة عندما يتم اختياره، ولم يظهر إلا في مباريات تعد على أصابع اليد خلال تلك الفترة.

لكن اللعب مع عملاق العاصمة فتح طريق المدافع العملاق إلى تشكيلة الآزوري الأساسية، ليصبح عنصرا لا غنى عنه في صفوفه، ويبدأ في كتابة تاريخه الخاص.

واصل أتشيربي كتابة التاريخ عندما أسهم في تتويج منتخب إيطاليا بلقب كأس أمم أوروبا (يورو 2020)، التي تأجلت لعام لتقام في عام 2021 بسبب فيروس كورونا، بعد الفوز على إنكلترا في النهائي بركلات الترجيح، ليعتلي الآزوري العرش القاري بعد غياب 53 عاما وقتها.

وقدم المدافع العملاق مستويات مميزة أعاد بها هيبة الدفاع الإيطالي الذي ظل يعاني لسنوات طويلة خلال الفترة الأخيرة، قبل أن يعثر في وجود أتشيربي على تشكيلة مميزة تمكنت من إعادته لمنصات التتويج من بوابة اليورو، بجانب تحقيق المركز الثالث مرتين في دوري الامم الأوروبية عامي 2021 و2023.

انتقل أتشيربي إلى إنتر ميلان للمرة الأولى معارا في موسم 2022-2023، بتوصية من مدربه السابق في لاتسيو سيموني إنزاغي الذي انتقل إلى فريق "الأفاعي"، قبل أن ينتقل إليه بشكل نهائي بعدها عقب الأداء المميز الذي قدمه في موسم الإعارة.

وقاد المدافع المخضرم إنتر ميلان في 2023 للعودة إلى نهائي دوري أبطال أوروبا بعد غياب 13 عاما، قبل الخسارة من مانشستر سيتي بشق الأنفس بهدف دون رد.

وعلى الصعيد المحلي، قاد الفريق لتحقيق 4 ألقاب في أول عامين، بينها الدوري الإيطالي في 2024، وقبلها كأس إيطاليا في 2023، بجانب لقبين للسوبر الإيطالي في نسختي 2022 و2023.

وخلال الموسم الحالي يسير الفريق بنجاح نحو استعادة لقب دوري أبطال أوروبا المفقود منذ 15 عاما، بعدما تأهل الفريق للنهائي بفضل هدف أتشيربي القاتل، لينتظر الفائز من مواجهة باريس سان جيرمان الفرنسي وأرسنال الإنكليزي في إياب نصف النهائي.