"بوتوكس مغشوش" يغزو جنة السياحة التجميلية

آزر ضحية البوتوكس "المضروب" تحدّث لبلينكس عن تجربته قائلاً إنه قبل 3 سنوات بدأ يشعر بعدم ارتياح لظهور بعض التجاعيد على جبينه ومحيط عينيه، حتى وجد صدفة إعلاناً لأحد مراكز التجميل على موقع فيسبوك، وكان يعرض حقن بوتوكس بمقابل مُغر بالنسبة إليه.

سريعا، حجز آزر موعداً، في البداية تساءل عن مدى خبرة ومهنية صاحبة المركز خاصة وأنها تقدّم نفسها على أنها أخصائية تجميل، في حين أنه كان يسمع عن أن مثل هذه التدخلات لا يجريها إلا الأطباء، لكن المسؤولة طمأنته وأكدت أنها تلقت تدريباً بأوروبا في البوتوكس والفيلر وحتى الليزر.

يضيف آزر أنه بعد خضوعه للحصة الأولى بحوالي 5 ساعات بدأ يحس بآلام بسيطة، لكن وجهه كان قد احمّر بالكامل وظهرت عليه بقع داكنة شبه محترقة.

عندما اتصل لاحقاً بصاحبة مركز التجميل، أكدت أن الأمر طبيعي ووصفت له كريماً يعالج تهيّج البشرة تسبب بدوره في تعكير الوضع الصحي لآزر مما دفعه إلى الإسراع إلى عيادة طبيبة أمراض جلدية، أخبرته أن بشرته تضررت بالكامل، وعندها تأكد أنه كان ضحية لعملية تحايل.

في السنوات الأخيرة، تزايد الطلب على التدخلات التجميلية في تونس، وتحديداً لحقن البوتوكس والفيلر فانتشرت ظاهرة ممارسة العملية التي تبدو سهلة، داخل مراكز الحلاقة والتجميل غير المختصة وغير المرخّص لها.

معظم هذه المراكز يعرضون هذه الخدمات مقابل 100 دينار، حوالي 30 دولار للجلسة الواحدة، في حين أن كلفتها الحقيقية تفوق 300 دينار، وبالتالي يستقطبون الزبائن من الشرائح الاجتماعية المتوسطة المتأثرين بنجوم منصات التواصل الاجتماعي والإعلام.

في هذا الإطار، توضح طبيبة التجميل والأمراض الجلدية، وفاء داوود أن القيود التي تفرضها وزارة الصحة التونسية ساهمت في انتعاش السوق الموازية، إذ ترّخص للصيدلية المركزية حصراً بتوريد حقن البوتوكس، كما أنها لا تباع إلا بوصفات من أطباء العيون والأعصاب لأغراض محددة.

وتتابع الطبيبة أن هذه السياسة جعلت غير المختصين وحتى بعض الأطباء يجلبون البوتوكس إلى تونس بطرق غير قانونية، وهي طبعاً ذات جودة سيئة ومضرّة بالجلد، لأن طريقة خزنها ونقلها لا تحترم الشروط والبروتوكولات الصحية.

تجدر الإشارة إلى أن الدائرة الجنائية المختصة في قضايا الفساد المالي بالمحكمة الابتدائية بتونس كانت أدانت قبل أشهر طبيبة تجميل وقضت بسجنها 11 عاماً، بعد اكتشاف تزعمها لشبكة تهريب حقن البوتوكس من تركيا، المصدر الرئيسي للبضاعة المغشوشة في تونس، وفق ما كشفته مصادر جمركية.

وضمّت الشبكة المتورطة، موظفين في جمارك مطار تونس قرطاج، واثنين آخرين يعملان بإحدى شركات النقل الجوي.

وتمكنت السلطات التونسية من الكشف عن هذه العصابة إثر ضبط الطبيبة بالمطار، بينما كانت تحاول إدخال بضاعتها التي تبيّن أنها منتهية الصلاحية.

وحسب إحصائيات من الجمارك التونسية، فإن قيمة البوتوكس الذي تم ضبطه خلال العام 2023، تتجاوز 500 ألف دينار، حوالي 200 ألف دولار.

مستشفيات تونس ومراكز التجميل المتخصصة تقوم بمعدل 150 ألف عملية تجميل سنوياً، معظمها لشفط الدهون وشدّ الصدر والوجه، مما صعد بها إلى المركز الثاني أفريقياً في جراحة التجميل، لأنها تستقطب أعداداً كبيرة من الأوروبيين الراغبين في تحسين مظهرهم بأقل التكاليف بالاستعانة بوكالات مختصّة في السياحة التجميلية.

وليس التجميل فحسب ما يستهوي زوّار المستشفيات والعيادات التونسية، فوفقاً لتقرير لوكالة فرانس براس، شكلت السياحة الطبية إجمالاً نصف إيرادات قطاع السياحة في البلاد، الذي يمثل برمته 9 % من الناتج المحلي الإجمالي، وذلك لأن الوجهة التونسية تمثّل حلّا لآلاف الأجانب من الراغبين في الحصول على مساعدة طبية للإنجاب بأقل التكاليف وعلى أيدي إطار طبي مشهود له بالكفاءة.

في المقابل، تأخذ هذه السمعة العالمية منحى تنازلياً في السنوات الماضية، بسبب ممارسات بعض مراكز التجميل، وأيضا لغياب تأطير رسمي وجدّي من الدولة لتنظيم هذا القطاع.