ارتفاع أسعار المستلزمات الصحية يدفع المصريّات إلى البديل

غيّرت ليلى، اسم مستعار، نوع الفوط الصحيّة التي تستخدمها منذ سنوات، ببديل أرخص قبل عدة أشهر، مضيفة: "لكن هذا البديل لم يكن بالجودة المطلوبة" ما سبب لها التهابات ومتاعب صحية حسب وصفها.

تشرح ليلى وهي مستاءة "لم أتخيل أن يسبب البديل الأرخص هذه الأزمة، ما وفرته من أموال في شراء الفوط الصحيّة، دفعت أضعافه في علاج الالتهابات التي أصابتني".

خلال العام 2023، تضاعفت أسعار الفوط الصحيّة العادية ومستلزمات الدورة الشهرية للنساء، فارتفعت تكلفة عبوة الفوط الصحيّة من نحو 30 جنيهاً إلى أكثر من 60 جنيهاً لأغلب الأنواع.

"في البداية لم أولِ الأمر أهمية كبيرة، فكرت أنه يمكنني الاقتصاد في هذا البند أيضاً، لجأتُ لبديل محلي أرخص بنحو 20 جنيها، لكن الأمر لم يستمر طويل، فبعد نحو شهرين أصبت بالتهابات شديدة، واضطررت إلى وقف استخدام هذا النوع الرخيص".

وتواصل ليلى: "انتهى بي المطاف أدفع أضعاف المبلغ الذي وفرته في العلاج، غير أن فترة العلاج أثرت على قدرتي على عمل إضافي كنت أقوم به لتحسين دخلي لنحو شهرين، ما سبب لي خسائر مضاعفة".

حل مختلف لجأت إليه أماني، المهندسة المعمارية التي لجأت إلى استبدال الفوط الصحية بـ "أكواب الدورة الشهرية" التي يعاد استخدامها، توفيرا للنفقات.

تقول أماني لبلينكس إنها كانت تسمع كثيراً عن أكواب الدورة الشهرية، لكن لم تفكر في استخدامها يوماً هذه الأشياء كنا نسمع أن النساء الأجانب يستخدمنها، لكن بعد ارتفاع أسعار الفوط الصحية بشكل كبير قرأت عنها وقررت تجربتها".

تواصل أماني: "في البداية لم يكن الأمر مريحاً، لأننا في مصر معتادين على استخدام الفوط الصحية، واضطررت لشراء عدد مختلف من الأكواب بمقاسات مختلفة لتجربتها، وحاولت التأقلم عليها".

ويبلغ سعر كوب الدورة الشهرية الواحد في مصر نحو 350 جنيهاً (نحو 7.3 دولار).

تضيف أماني "كل النساء تأتي لهن الدورة الشهرية، لكن يتم التعامل مع مستلزماتها وكأنها من الرفاهيات، يرتفع ثمنها بشكل كبير دون تدخل من الدولة لدعمها، أو محاولة توفيرها بأسعار أرخص، خاصة للنساء الفقيرات".

الارتفاع المستمر في مستلزمات الدورة الشهرية دفع عددا من الجمعيات الخيرية إلى إدخالها ضمن التبرعات التي تقدم للأسر الفقيرة في مصر، مثل جمعية مرسال التي أعلنت في مطلع مارس 2024 أنها ستوفر مستلزمات العناية الشخصية والدورة الشهرية للنساء غير القادرات ضمن المساعدات التي تقدمها.

كذلك بدأت العديد من المبادرات النسوية والفردية في شن حملات للتبرع بمستلزمات الدورة الشهرية للنساء، مثل الناشطة الحقوقية أمنية إبراهيم التي بدأت في شراء الفوط الصحية بكميات كبيرة، لتوزعها على الصيدليات، بهدف توفيرها مجانا للنساء غير القادرات.

تفسّر أمنية لبلينكس سبب مبادرتها: "لاحظتُ تجاهل احتياجات النساء الصحية في العمل الأهلي والخيري في مصر، أثناء مساهمتي في توزيع الطعام والدواء للأسر غير القادرة".

وتضيف "بدأت أشتري فوط صحية بكميات كبيرة وأحجام مختلفة، وأتركها عند عدد من الصيدليات، وأتفق معهم أن يقدموها للنساء غير القادرات، سواء عبوة كاملة أو فوطة واحدة، حسب الاحتياج، لأنه كثيراً ما تفاجأ النساء بدورتهن الشهرية وهن في العمل أو خارج المنزل ولا يكون باستطاعتهن شراء عبوة كاملة".

وتواصل "أغلب الصيدليات تبيع الأدوية بالقطعة أو حسب الحاجة، لكن لا يحدث هذا مع مستلزمات الدورة الشهرية، تضطر النساء إلى شراء عبوة كاملة يمكن أن تكون غير قادرة على دفع ثمنها كاملاً".

وتتابع إبراهيم "أيضا أقدم الفوط الصحية لحارسات العقارات اللاتي يقضين وقتاً طويلاً في العمل، وعادة يكنّ غير قادرات على شراء الفوط الصحية، ويلجأن لبدائل غير صحية وغير آمنة تسبب لهنّ مشكلات صحيّة عادة".

تعرّف الأمم المتحدة "فقر الدورة الشهرية" بـ"عدم قدرة النساء على الوصول إلى منتجات الدورة الشهرية أو دفع ثمنها"، وتصف هذا الأمر بـ"المشكلة الحادة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا".

تقول الناشطة الحقوقية أمنية إبراهيم "دائماً ما يتم التعامل مع أزمة الوصول إلى مستلزمات الدورة الشهرية على أنها مشكلة النساء وعليهن حلها، حتى في الأسر الميسورة، لا يتم تخصيص جزء من ميزانية الأسرة لمستلزمات الدورة الشهرية، ومع الخفض المتتالي لقيمة الجنيه المصري والأزمة الاقتصادية، تفاقمت هذه المشكلة لدى العديد من النساء".