تخفيضات العام الجديد تشعل سوق عمليات التجميل اليمني

في ذلك الشارع المزدحم بفوضى العبور، اختارت اليمنية منى (اسم مستعار) العيادة التي ستخضع فيها لنفخ وجهها للمرة الثانية، مستغلة تخفيضات الموسم لتخوض غمار التجربة من جديد، وتحافظ على جمالها بوجه ممتلئ يشبه وجه إحدى الفنانات، أو يقترب من ملامحها.

تسرد الشابة لبيلنكس تفاصيل عمليتها الأولى قبل عامين، حين واجهتها مشكلة الإفصاح لوالدها الذي من المستحيل أن يتقبل رغبتها في نفخ وجهها، فقررت إجراء العملية والبقاء عند جدتها أسبوع حتى تزول آثار التورم وأعراض عملية حقن البوتكس.

وتقول منى من محافظة تعز جنوب اليمن، إنها نفخت وجهها للتخلص من نحافته ولأنها مقبلة على الزواج وتؤمن بمثل جدتها الشعبي "الوجه مصباح الجسد"، وتريد أن تكون العروس الأجمل التي تبهر الجميع بحضورها.

وتضيف "واجهت مشكلة جديدة في تكلفة العملية فأخذت من والدي مبلغ خاص برسوم التخرج والذي تجاوز 400 دولار وذهبت لإجراء العملية، ورافقتني صديقاتي وخضعت لعميلة حقن البوتكس في الخدود والوجه".

ولجأت العروس العشرينية إلى إقناع جدتها التي تفاجأت بتورم وجهها وانتابتها نوبة هلع شديدة، أنها أصيبت بحساسية لن تزول آثارها إلا بعد أسبوع.

وتوضح الشابة المقبلة على الزواج أنها ستعيد نفخ وجهها وحقنه بالبوتكس في المرة القادمة بمساندة زوجها، ولن تحتاج لاختلاق مبررات.

فيما احتفظت منى بسر خضوعها لعملية نفخ الوجه، أفصح الشاب نصّار لأصدقائه أنه خضع لعملية زراعة شعر ناجحة للتخلص من الصلع.

ويستطرد الشاب من محافظة إب وسط اليمن الذي التقته بلينكس في عيادة تجميل، أن مناداته "بالأصلع" تسبب في لجوئه لعملية التجميل أملاً في التغلب على التنمّر الذي عانى منه منذ سنوات.

ولم يستطع الشاب الثلاثيني إخفاء كثافة شعره عن زملائه وصارحهم بأنه خضع لعملية زراعة شعر كلفته 500 دولار أميركي، لكنه تفاجأ بنظرتهم له واستنكارهم لخضوعه للعملية التجميلية باعتباره رجل ولا يعيبه الصلع.

توضح أم نبيل 75 سنة من محافظة البيضاء وسط اليمن لبلينكس، أنها حاولت البحث عن حلول آمنة لمساعدة ابنتها على شد ترهّل الصدر.

وتستغرب أن هناك موسم تخفيضات لعمليات التجميل، حيث صدمتها جارتها بأن تكلفة العملية سيتجاوز 2000 دولار.

وتسرد أنها رفضت لجوء ابنتها لعمليات التجميل إلا بفتوى شرعية، وهو أمر صعب طرحه على رجال الدين في منطقتها، ما اضطرها إلى اقناع ابنتها أن الصدر المترهل هامش طبيعي للواجبات البيولوجية للأمومة بعد الرضاعة، ولا يفسد جمال روحها.

في اليمن الفقير بالإحصائيات، يشهد الاستثمار الطبي في سوق التجميل ازدهاراً ملحوظاً بعد أن ارتفع عدد عيادات التجميل إلى 100 عيادة، منها 47 في صنعاء، وبمعدّل 500 % عن عام 2014.

كانت مراكز وعيادات التجميل لا تتجاوز 5 عيادات و 3 مراكز في صنعاء، ونسبة قليلة من أبناء المجتمع اليمني يرتادونها بحسب دراسة تم عرضها في مؤتمر اليمن الثالث لأطباء التجميل عام 2019.

وبحسب الدراسة خضعت أكثر من 3 آلاف سيدة يمنية لعملية تجميل الأنف خلال نفس العام.

وتحتضن اليمن 311 أخصائي ومتدرب في طب التجميل، فيما تتراوح تكلفة عمليات التجميل من 300 إلى 2000 دولار، وهو مبلغ لا يملكه الفقراء ولكنهم يبحثون عنه في عيادات المخيمات المجانية والتخفيضات السنوية التي تتجاوز 50%.

التقت بلينكس الدكتور محمد الشرجبي، استشاري أول جراحة تجميل ومحاضر بعدد من الجامعات الروسية، وعضو الجمعية اليمنية للتجميل والترميم، للبحث عن إجابات حول سبب إقبال اليمنين على عمليات التجميل رغم الظروف المادية الصعبة، وتدهور الوضع الاقتصادي.

يؤكد الشرجبي أن التجميل يعتبر تخصص جراحي وينقسم إلى فئتين، الأولى هي الجراحة الترميمية الخاصة بإعادة بناء جزء من الجسم أو تحسينه لتصحيح العيوب الوظيفية الناجمة عن حوادث، أو التشوهات الخلقية، وفئة الجراحة التجميلية.

ولفت إلى أن إقبال اليمنيين أكثر على جراحة الترميم والإصلاح خاصة في الفترة الأخيرة بسبب مخلفات الحرب، وبنسبة أقل على عمليات التجميل التكميلية.

وبيّن أنّ غالبية المقبلين على عيادات التجميل هم من الطبقة الوسطى والفقراء الذين يلجأون لعمليات الترميم الوظيفي بعد أن اكتسبوا الثقة بالطبيب اليمني، وانتشار النتائج الناجحة للعمليات عبر وسائل التواصل الاجتماعي، والمخيمات المجانية والتخفيضات السنوية.

الطبيب أكدّ أن عمليات التجميل بحسب ملاحظته تتركز على شد الترهل في الصدر والبطن وتجميل الأنف، وهو ما تظهره أعداد المقبلين على المخيمات الخيرية التي يقيمها أطباء التجميل بين حين وآخر، والإقبال على عيادته خاصة مع اقتناص فرص التخفيضات والعمليات المجانية آخر وبداية العام.

وقال إن 80 % من الشعب اليمني يعاني من عيوب في الأنف، ما يستوجب عمليات تصحيحية لوظيفة الأنف، ولا يقبل على هذه العمليات سوى 10%.