بين الواقع والإعلام.. لبنان يعيش "لبنانَين"

"نظراً للظروف الاستثنائية التي يمرّ بها لبنان، منها التهديد الأخير للكيان الصهيوني الذي أربك حركة الملاحة الجوية في مطار بيروت. وحرصاً منا ومن النجوم، الذين كانوا سيحيون حفلات الصيف في لبنان، على سلامة جمهورهم، قرّرنا تأجيل الحفلات"، بهذا المنشور أعلنت شركة GMH التي تنظّم حفلة عدد من الفنانين بينهم: تامر حسني وأصالة وعاصي الحلاني وهيفا وهبي، تأجيلها إلى "مواعيد ستعلن لاحقاً".

هذه ليست المرة الأولى التي يشهد لبنان في أوجّ "ازدهاره الصيفي الفني"، أزمة أو عقبة تحول دون استمرار المشهد "الإيجابي". تهديد أمني يشلّ حركة الطيران، لكن أيضاً حركة السياحة والنشاط الاقتصادي.

والبعض يأخذ الموضوع على محمل الجدّ ويعيش "الضياع" بين أن يبقى أو يعود، أو بين أن يؤجّل رحلته إلى لبنان أو لا.

أما البعض الآخر، يتابع حياته وما يزال يحاول التمسّك بأنها "بروباغندا سياسية أمنية"، تسعى لإيقاف النشاط اللبناني، و"مش عارفين كيف بدهم يوقف البلد كل يومين تهديد وتهديد، كل ما يشوفه بلدنا مزدهر وفي ناس مغتربة وسواح عم تجي وهني كلهم ٣ شهور صيفية"، على حد قول إحدى المتابعات في تعليق لها على إنستغرام.

يشهد صيف لبنان 2024 واقعاً جديداً "منتعشاً" نوعاً ما، بإرادة الشعب التي يعتبرها العديد "أقوى من أي أزمة"، ولأنّ حب الحياة هو جينة في نمط حياة اللبناني مقيماً أم مغترباً.

وعندما يتجه اللبناني إلى بلده، عادة ينسى ما يتمّ تداوله في وسائل الإعلام حول الأزمة والحرب والمشاكل التي لا تنتهي، في المقابل، يواجه الزحمة على الشواطئ أو يعتذر منه النادل في المطعم لعدم وجود مكان فارغ وليكون على waiting list، فضلاً عن دعوات الأفراح وقائمة الحفلات والمهرجانات في مختلف المناطق الساحلية والجبلية.

هذا وعمدت وزارة السياحة هذا العام إلى إطلاق حملة وطنية سياحية تحت شعار "مشوار رايحين مشوار"، ليكون "مشواراً للصمود والأمل بوطن مزدهر متقدّم كما كان، وبإذن الله سيعود"، كما صرّح وزير السياحة في حكومة تصريف الأعمال وليد نصّار.

وتشمل الحملة مختلف المناطق اللبنانية، وتهدف إلى اكتشاف جمال لبنان وتاريخه وثقافته، وتعزيز السياحة كوسيلة لدعم الاقتصاد والمجتمع. هذا وتقيم السياحة جسوراً للتواصل بين الثقافات وتعزيز الإبداع، كما تساهم في تحسين جودة الحياة.

"إجازة روعة.. لأول مرة منذ غربتي لأكثر من ١٠ سنوات أقضي إجازة ممتعة لهذه الدرجة"، هكذا وصفت المغتربة كارول إجازتها الأخيرة في لبنان. كما تحدثت عن شعورها بأنها كانت في "لبنان آخر"، لا يمتّ بصلة إلى ما كانت تسمعه من البعض الذين نصحوها بالتريّث حتى يظهر مصير الحرب والأزمة.

روت كارول حادثة بسيطة حصلت معها، عندما توجهت هي وأصدقائها إلى أحد المطاعم المعروفة في وسط بيروت عند الساعة ١٠ مساء، ليعتذروا منهم لعدم وجود أي طاولة فارغة. كان هذا حال بعض المطاعم هناك قبل أن يجدوا مكاناً، ولكن "لم يزعجني الانتظار قليلاً.. بل كنت سعيدة أنّ الوضع تحسّن عما كان عليه سابقاً وأفضل ألا أجد مكاناً فارغاً على أن أجد أنّ المكان مقفل بالكامل".

صحيح أنّ الأسعار "نار نار"، "عندما يعود جميع المغتربين، يصبح لبنان مثل الجنة"، كما يذكر بعض المواطنين لـبلينكس الذين قابلتهم جاسمن حنا في برنامجها Into the streets.

ويرى البعض أنّ لبنان "أفضل بلد في العالم"، وحتى زحمة السير في هذا الوقت مبرّرة ولا داعي للتذمّر لأنّ زحمة الناس هي "أمر جيّد للاقتصاد".

هذا ليس رأي اللبناني، ولكن صنف صانع المحتوى هاري جاغرد لبنان كأفضل وجهة للسهر في العالم. وذكر أنه زار لبنان أكثر من مرة، و"الطريقة التي يسهر فيها اللبناني لا تشبه أي مكان آخر.. هم يعيشون اللحظة ويحتفلون حتى الصباح".

وسبق عام ٢٠٢٢ أن أعلن أنّ لبنان جوهرة مخفية في الشرق الأوسط، والشعب لديه نظرة رائعة للحياة، و"على الرغم من تدهور الوضع الاقتصادي، فالشعب اللبناني يجد طريقة ليكون سعيداً وممتناً لما لديه".