"منصات الصواريخ خارج مناطقه".. هل يتخوف حزب الله من "بيئته"؟

استهدف حزب الله مراكز إسرائيلية في منطقة مزارع شبعا المحتلة انطلاقا من المناطق المُحاذية لها والتي تعتبرُ ذات غالبية سنية مثل كفرشوبا.

وأطلق الحزب صواريخه باتجاه إسرائيل من منطقة الضهيرة السنية أيضا وفيها سكان من "البدو"، كما أنه استخدم بلدة يارين التي تضم خليطا سنيا ومسيحيا منصة لإطلاق الصواريخ باتجاه المستوطنات الإسرائيليّة.

ولا تزال ذكرى حرب تموز حاضرة في الذاكرة اللبنانية، لأنها خلّفت 1200 قتيل معظمهم من المدنيين، فضلا عن دمار كبير لحق بالبنى التحتية الرئيسية في لبنان. كذلك، أدّت تلك المواجهة التي استمرّت 33 يوما إلى تدمير الضاحية الجنوبيّة لبيروت، معقل الحزب.

تناقضت الآراء بين لبنانيين يحاولون تفسير خطوة الحزب، ما انعكس كذلك على آراء المحللين السياسيين الذي تحدثت إليهم بلينكس.

يشيرُ الباحث في الشؤون الاستراتيجية والخبير العسكري، هشام جابر، إلى أن استخدام حزب الله تلك المناطق بغية تنفيذ عملياته ضدّ الإسرائيليين لم يكن في إطار زجّها بالمعركة كما يُقال.

يشرح جابر لـ بلينكس: "الحديث عن تطييف المناطق مرفوض. طبيعة الحدود الجغرافية، وتحديدا في مزارع شبعا هي التي فرضت ميدانيا على حزب الله اللجوء إلى مناطق قريبة منها لتنفيذ عملياته وليس من المناطق التي تعتبر خاضعة له".

عن المنظمات الفلسطينية في لبنان، يقول جابر إن لديها وجودا عسكريا في لبنان ولكن ليس لديها "قدرات عسكرية" لشنّ هجمات من الجنوب، الذي يعتبر حزب الله فاعلاً فيه بشكل كبير.

في المقابل، يقول المُحلل السياسي اللبناني، مكرم رباح، لـ بلينكس، إنّ "أداء حزب الله يفتقر للحكمة"، معتبرا أن "الحزب لا يهتم بالخطر الذي يمكن أن يمتدّ إلى لبنان، كما أنه يختار أفضل طريقة بالنسبة له لتأدية الرسائل العسكرية بغضّ النظر عما يمكن أن يطال لبنان من تهديدات".

يوضح رباح أنّ المناطق التي لجأ إليها حزب الله لتنفيذ عملياته قريبة جغرافيا من المواقع التي أراد استهدافها، معتبرا أنَّ هذا الأمر يعتبر تهديدا للسكان هناك بتلقي ضربات إسرائيليّة، وقال: "حزب الله مستعدّ لتعريض كل لبنان للخطر، ولو كانت لديه مصلحة لإطلاق صواريخ من عكار مثلاً لفعل ذلك من أجل مصلحته".

يرى رباح أنّ العمليات التي نفذها الحزب لا تحمل أية أهمية عسكرية كونها لم تؤدّ إلى ضرر حقيقي، معتبرا أن ما يقوم به حزب الله الآن يأتي ضمن قواعد الاشتباك المرسومة مع الإسرائيليين منذ العام 2006.

تطرّق تقرير لصحيفة "لوفيغارو" الفرنسيّة، إلى "الخشية" من جرّ حزب الله اللبنانيّين إلى الصراع القائم في الداخل الفلسطينيّ، وأوردت أنه "منذ مهاجمة مقاتلي حركة حماس للمستوطنات الإسرائيلية نهاية الأسبوع الماضي، يتم التدقيق في أدنى تطوُّر على الجبهة الإسرائيلية وأدنى إعلان سياسي بما في ذلك في لبنان، وذلك لتقييم احتمالات فتح جبهة مع إسرائيل".

الصحيفة الفرنسية أشارت أيضا إلى أنّ أغلب الزعماء السياسيين اللبنانيين يعارضون سيناريو اندلاع الجبهة مع إسرائيل، موضحة في الوقتِ نفسه أنَّ السلطات اللبنانية لا تملك سيطرة مباشرة على الخيارات الإستراتيجيّة لحزب الله.

وسعَت أحزاب مسيحية عديدة في لبنان مثل حزب الكتائب والقوات اللبنانية والتيار الوطني الحرّ، إلى إطلاق تحذيرات مباشرة وغير مباشرة عبر ممثليها ونوابها، من خطورة اندلاع حرب ضدّ لبنان باعتبار أنّ البلاد غير مُجهزة لأيّ مواجهة.

نزح الكثير من سكان المناطق المحاذية للحدود مع إسرائيل إلى مناطق لبنانية أخرى أكثر أمانا.

يقولُ علي، مواطن لبناني من الجنوب، لموقع بلينكس: "النزوحُ حصل منذ تنفيذ أول عملية للحزب الأحد 8 أكتوبر. هذا الأمر بديهيّ، فمن لديه أطفال ونساء وكهول سيضطر لحماية نفسه مع عائلته خصوصا أنه لا ملاجئ أو أماكن آمنة. في المقابل، هناك مواطنون بقوا في منازلهم ليس لأنهم لا يخشون الحرب، بل بهدف حمايتها من أي سرقة قد تطالها".

وفي الضاحية الجنوبية لبيروت، معقل حزب الله، الحياة عادية، فالمتاجر مفتوحة ولا إغلاق، كما أن الحركة نشطة في مختلف الشوارع التي امتلأت بأعلام فلسطين والشعارات الخاصة بحزب الله.

تقول أم خليل، 81 عاما، وهي من سكان الشياح لموقع بلينكس: "وين بدنا نروح بحالنا إذا صار حرب؟ الله يهدّي البال. عنا بيت بالجنوب بس الدار مش أمان إذا صار شيء، وهون ممكن تدمر البيوت علينا متل ما صار زمان".

ساد انقسام بين لبنانيين حول مسألة استقبال النازحين من عدمه، وذلك في ظلّ نزوح بعض سكان الجنوب باتجاه مناطق لبنانيّة أخرى.

وظهر عبر مواقع التواصل الاجتماعي من يؤيد هذا الأمر في حين أنّ مواطنين آخرين اعترضوا على ذلك، وأكدوا أن منازلهم مفتوحة لأبناء الجنوب مهما كانت الخلافات السياسية مع الحزب.

وبرزَ أيضاً الانقسام بين اللبنانيين حول اعتبار فلسطين هي "القضية الأولى"، فمنهم من رأى أن لبنان هو القضية الأساسية وليس فلسطين، فيما وجد بعضٌ آخر أنَّ القضية المركزية للعرب كانت وستبقى مرتبطة بالقدس، وأنّ ما يجري حالياً على أرض فلسطين لا يتحمل موقفاً رمادياً.