اجتياح بلا عودة.. لماذا يخشى بايدن من مرحلة ما بعد الحرب؟

لإلقاء نظرة متفحصة على البدائل المطروحة أمام القطاع بعد انتهاء حرب يُعتقد أنها لم تبدأ بعد، علينا العودة إلى آونة الاستقرار القريبة، حيث شكلت حركة حماس نظام السلطة القائم في القطاع.

بشكل ما، لم يكن لدى إسرائيل تحفظ واضح على تلك السيطرة، حتى مع نشوب أكثر من حرب في قطاع غزة مع حماس، إذ اعتمدت استراتيجية إسرائيل على القيام بحملات عسكرية، هدفها ليس القضاء على حماس، وإنما تحجيم قدرتها على تنفيذ ضربات مستقبلية.

اعتاد المسؤولون الإسرائيليون أن يطلقوا على تلك الاستراتيجية في التفاعل "سياسة جز العشب"، بحسب ما ورد في تقرير أعدته صحيفة وول ستريت جورنال الأميركية.

اعتقدت إسرائيل، أن أهداف حماس سوف تتبدل مع الوقت، فهدف "القضاء على إسرائيل" بحسب الصحيفة الأميركية لن يكون في المقدمة دائما، خاصة مع انغماس حماس في السلطة داخليا.

هجوم ٧ من أكتوبر الذي أسفر عن ما يزيد عن ١٤٠٠ قتيل على الجانب الإسرائيلي، بدل ملامح تلك السياسة على الأرجح، فما تنشده إسرائيل الآن هو اجتثاث حماس بشكل نهائي من غزة.

حتى إذا تمكنت إسرائيل بالفعل من تنفيذ أهدافها الميدانية من الحرب وتمكنت من القضاء على قادة حماس في القطاع بشكل كامل، لا يعني ذلك بالضرورة القضاء على الحركة، فهناك قادة للحركة يتنقلون بين عواصم المنطقة، بالإضافة إلى مناصرين في الضفة الغربية، ومن ثم يبرز احتمال أن تبقى حماس ذاتها في السلطة بعد انتهاء الحرب، ولكن في ثوب سياسي فقط بعد أن تُنزع منها قدرتها العسكرية، حسب تقرير أعدته صحيفة واشنطن بوست الأميركية.

يعتقد أن هذا الاحتمال يتقاطع من استراتيجية كان نتنياهو قد تبناها منذ أمد، وهي استمرار الانقسام بين السلطة الفلسطينية في الضفة وحركة حماس في القطاع.

وفي حال خلقت الحرب حالة من الفراغ التام، دون أي تجسيد لحركة، قد يؤول القطاع إلى السلطة الفلسطينية المستقرة في الضفة الغربية، والتي غادرت القطاع في العام ٢٠٠٧، أي قبل ١٦ عاما.

ما إن استقر الجنود الإسرائيليون في القطاع بعد الحرب، سيتعين عليهم مواجهة موجات من "المقاومة"، على حد وصف مايكل ميلشتين، الخبير في الشؤون الفلسطينية وضابط المخابرات السابق في الجيش الإسرائيلي الذي تحدث لصحيفة وول ستريت جورنال، مؤكدا أن مسؤولية ملايين من الفلسطينين في غزة، أغلبهم من الفقراء وسوف تقع على كاهل إسرائيل أيضا.

من جهة أخرى يخشى محللون أن يتسبب احتلال طويل الأمد للقطاع في تعزيز الدعم الموجه لحماس لا العكس، وهو ما عبر عنه أستاذ الأمن الدولي بجامعة برمنغهام البريطانية، عساف سنيفر الذي ذكر في تحليل له نُشر على موقع ذا كونفيرزيشن، أن ظهور حركة حماس بشكل بارز تزامن في الأصل مع الانتفاضة الفلسطينية الأولى، ثمانينيات القرن الماضي، لذا يستبعد أن يؤدي الاحتلال إلى "القضاء على أيديولوجية حماس".