إسرائيل.. "من ليس معنا فهو ضدنا"

يوم الثلاثاء، انفجر غضب كامل المنظومة السياسية الإسرائيلية في وجه الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش لمجرد قوله إن "هجمات حماس لم تحدث من فراغ. لقد تعرض الشعب الفلسطيني لـ56 عاماً من الاحتلال الخانق".

وزير الخارجية الإسرائيلي إيلي كوهين ألغى اجتماعه مع غوتيريش فوراً للاحتجاج على ذلك التصريح، بينما طالب السفير الإسرائيلي للأمم المتحدة جلعاد إردان غوتيريش بـ"الاستقالة من منصبه فوراً" متهماً إياه بـ"إظهار التفهم" تجاه ما وصفه بحملة "القتل الجماعي للأطفال والنساء وكبار السن". وأضاف إردان بأن غوتيريش "لا يصلح لقيادة الأمم المتحدة".

أيضاً، رئيس المعارضة يائير لابيد اتهم غوتيريش بتقديم "مبررات وتبريرات للإرهاب الهمجي"، مضيفاً "لا يوجد أي تكافؤ بين ديمقراطية تحترم القانون وتدافع عن نفسها وبين منظمة إرهابية وحشية ارتكبت مذبحة ضد المدنيين".

في ظل هذا الضغط الشديد، قام غوتيريش بتوضيح موقفه قائلاً "إن مظالم الشعب الفلسطيني لا يمكن أن تبرر الهجمات المروعة التي شنتها حماس. ولا يمكن لتلك الهجمات المروعة أن تبرر العقاب الجماعي للشعب الفلسطيني".

ومع ذلك، توالت الهجمات الإسرائيلية ضده القائلة إنه يجب اعتبار غزة مثل "ألمانيا النازية" ما يعطي لإسرائيل الحق في قصفها بلا تمييز كما فعل الحلفاء في مدينة درسدن الألمانية خلال الحرب العالمية الثانية.

صباح يوم الاثنين، وصلت عدة حافلات إسرائيلية لنقل نحو 200 صحفي أجنبي لحضور فيلم دعائي عما فعلته حركة حماس في هجومها يوم 7 أكتوبر.

إحدى تلك الصحفيات روت أنها بمجرد ركوبها الباص، صعد متحدث باسم الجيش الإسرائيلي ليصرخ بصوت عالٍ وهو يحمل ملصق دعائي، مذكراً إياهم بأعداد القتلى وأن حماس "شر محض"، وادعى بأن الحركة قامت باختطاف النساء والأطفال بهدف "اغتصابهن".

وقالت الصحفية الأميركية نفسها إن إسرائيل فرضت عليهم مشاهدة الفيلم وإلا سيخسرون أوراق اعتمادهم كصحفيين في إسرائيل، وهي الأوراق التي تتيح لهم الوصول للحكومة والجيش والتنقل في مناطق المعركة بحرية.

أما الفيلم نفسه، فقد تم تجميعه ومعالجته من مجموعة ضخمة من مقاطع الفيديو التي قالت إسرائيل إن المهاجمين أنفسهم صوروها أو كاميرات المراقبة بالإضافة لمشاهد ما بعد المعارك. وترفض الحكومة الإسرائيلية نشر عن هذا الفيلم للعامة.

يوشيفيد ليفشيتز كانت أحد الرهائن العجائز التي قامت حركة حماس بتحريرها بداية الأسبوع "لدواع إنسانية" على حد تعبير الحركة. وفي مقطع فيديو تسليم ليفشيتز للصليب الأحمر، ظهرت وهي تصافح أحد مقاتلي حماس وتقول له "شالوم" أي سلام، وهو ما قلب السوشيال ميديا في إسرائيل رأساً على عقب، لتحديه الرواية الإسرائيلية الرسمية القائلة إن الأسرى في غزة يتم تعذيبهم واغتصابهم.

ليفشيتز ظهرت يوم الثلاثاء في مؤتمر صحفي قالت فيه إنه تم ضربها في لحظات أسرها، وأن ما خاضته في عملية نقلها لغزة وإدخالها في "شبكة عنكبوتية من الأنفاق" يعتبر تجربة "كالدخول في الجحيم". لكنها أضافت بأنه بعد وصولها غزة، تلقت رعاية طبية من خاطفيها ومعاملة حسنة وأطعموها مما كانوا يأكلونه هم، وأنهم قاموا بتوفير متطلبات النظافة الشخصية للنساء.

ما قالته ليفشيتز فجر موجة غضب عارمة ضدها في إسرائيل، دفعت مسؤولي الحكومة نفسها للقول إن تصريحاتها تسببت "بالإضرار بالمصالح الإسرائيلية"، بينما شككت صحيفة جيروزاليم بوست في صحتها العقلية وقالت إنه لا يمكن الوثوق بشهادتها بعد الصدمة التي عانت منها.