خياران أمام إسرائيل في "المرحلة الثانية".. وكلمة السر في الوقود

منذ السابع من أكتوبر وحتى اليوم، شنت إسرائيل غارات جوية غير مسبوقة على قطاع غزة المحاصر أصلا، فاتورة تلك الهجمات الجوية كانت باهظة بحسب وزارة الصحة في غزة التي قدرت أعداد القتلى بما يصل إلى ٨٠٠٥ شخص.

إلا أن إسرائيل تُظهر الآن استعدادها لخوض المرحلة التالية من القتال، بحسب تقرير أعده موقع بلومبيرغ، يشي ذلك القرار بأن الحكومة الإسرائيلية حولت انتباهها أخيرا من أزمة الأسرى، ومحاولات التفاوض بشأنهم، ويتخطى عدد هؤلاء ٢٣٩ شخص وتحفظت حماس عليهم منذ هجومها أوائل أكتوبر واصطحبتهم إلى غزة.

من جهة أخرى يبدو أن إسرائيل تعتقد أن حزب الله لن يتخطى حاجز المناوشات على الجبهة الشمالية، مما يمنحها هامشا للقتال في الجنوب.

يبدو أن المفاوضات بشأن الأسرى كانت تسير على نحو جيد حتى الخميس الماضي، عندما ظهر متغير جديد على طاولة النقاش، وفقا لتصريحات مسؤولين أميركيين لشبكة إن بي سي نيوز.

المتغير الجديد كان الوقود، فالمحادثات سارت على نحو جيد حتى يوم الخميس وكان من المتوقع الوصول لاتفاق بحلول عطلة نهاية الأسبوع إلا أن حماس طالبت بالحصول على الوقود مقابل الإفراج عن أعداد كبيرة من الأسرى، مما أدى لانهيار المحادثات يوم الجمعة.

عرقلة المحادثات في ملف الأسرى لا تروق لذويهم في تل أبيب، فوفقا لوكالة فرانس برس قال الناطق باسم عائلات الأسرى حاييم روبنشتاين، إن الأُسر مستاءة مما وصفه بـ "انعدام اليقين المطلق" بشأن مصير ذويهم في ظل عمليات القصف الكثيف، مؤكدا أن "العائلات لا تنام، تريد إجابات وتستحق إجابات".

بالعودة للمرحلة الجديدة من العملية العسكرية، فأمام إسرائيل الآن طريقان لخوض المعركة إما عن طريق عملية غزو موسعة أو من خلال عمليات محدودة متفرقة، وهو الأمر الذي يتعقد مدير مبادرة سكوكروفت لأمن الشرق الأوسط في برنامج الشرق الأوسط التابع للمجلس الأطلسي للأبحاث، جوناثان بانيكوف أن إسرائيل ستكشف عنه النقاب خلال الأيام المقبلة، وفقا لتحليل نشره على موقع المجلس الأطلسي.

إلا أن الولايات المتحدة لا تقف صامته أمام هذا الخيار، لأنها تفضل تجنب خوض عملية غزو واسعة مع الاكتفاء بعمليات برية صغيرة ولها أهداف محددة، وذلك إلى جانب الهجمات الجوية، وبالرغم من أن واشنطن لا تملي هذا الرأي على إسرائيل بحسب بانيكوف، إلا أنها تعتبره أحد أفضل الوسائل للحد من اتساع رقعة الصراع في المنطقة.

من جهة أخرى لا يؤثر اختيار اسرائيل أي من الطريقين تسلك على الإطار الزمني للحرب، خاصة مع وضع هدف إسرائيل المعلن بعين الاعتبار، وهو القضاء على حماس نهائيا، في تلك الحالة سوف تستغرق الحرب أسابيع أو أشهر، وقدر مسؤولين تلك الفترة الزمنية لبلومبيرغ بين ٦ أسابيع و٦ أشهر.

يؤيد تلك الرؤية جناح من الجمهور في إسرائيل بحسب صحيفة وول ستريت جورنال الأميركية، من بينهم رئيس الوزراء السابق نفتالي بينيت، الذي دعا لـ"الصبر الاستراتيجي"، مع فرض حصار طويل الأمد على غزة بدلا من إرسال قوات سريعا للقتال في المدن، وأضاف في منشور على منصة إكس: "اجعل مرور الوقت في صالحنا.. لدينا كل الوقت في العالم".

إذا التزمت إسرائيل بالخيار الأول، وشنت هجمتها الواسعة على قطاع غزة، قد تخرج إسرائيل من الحرب خاسرة حتى ما إذا حققت هدفها، إذ يعرض ذلك النمط من الهجمات أمنها طويل الأمد للخطر بحسب الزميل غير المقيم في مبادرة سكوكروفت لأمن الشرق الأوسط التابعة لبرامج الشرق الأوسط التابعة للمجلس الأطلسي، دانيال إي. موتون في تحليل على موقع المجلس.

ففي حال أرسل الجيش الإسرائيلي قوات كبيرة إلى غزة، سوف يؤثر حجم تلك القوات على فرص تعرض إسرائيل لهجمات من حزب الله أو من الفصائل الأخرى التي قد تستغل الموقف.

مجريات القتال أيضا سوف تؤثر على أمن إسرائيل المستقبلي، خاصة وأن القتال سوف يقع بين صفوف المدنيين، وفقا لموتون سيكون من "المستحيل" أن تتمكن إسرائيل من القضاء على حماس دون زيادة كبيرة في أعداد القتلى من المدنيين، وكلما سقط مدنيون كلما أصبحت مهمة تهيئة الظروف بعد انتهاء الصراع أصعب.

من وجهة نظر بعض المحللين، يبدو أن الهدف الذي يدفع إسرائيل للمضي قدما بعيد المنال، إذ أن تفكيك حماس نهائيا غير قابل للتحقق، فوفقا لهيئة الإذاعة البريطانية يقول المحلل العسكري أمير بار شالوم، من إذاعة الجيش الإسرائيلي إنه لا يعتقد أن إسرائيل "قادرة" على تفكيك كل عضو في حماس، فيما يمكنها بالتأكيد إضعاف.

أما مايكل ميلستين، رئيس منتدى الدراسات الفلسطينية في جامعة تل أبيب، فيرى أيضا أن تدمير حماس سيكون "أمرا معقدا للغاية" إذ أن حماس لديها ما بين ٨٠ و ٩٠ ألف عضو يعملون في إطار الرعاية الاجتماعية والدعوة، إلى جانب حوالي ٢٥ ألف آخرون يعملون تحت لواء الجناح العسكري.