نتنياهو يحارب على جبهة من نوع آخر

بالنسبة لنتنياهو، ما يزال احتمال التقدم باستقالته غير مطروح إلى الآن، على الجهة الأخرى يرى الجمهور استقالة رئيس الوزراء ضرورية، يظهر ذلك من جليا من خلال نتائج استطلاعات الرأي، ومن بينها استطلاع أجرته القناة ١٣ الإسرائيلية ووجد أن 76% من الإسرائيلين يرون أن هناك ضرورة لاستقالة نتنياهو، بينما رأى 64% أنه يجب إجراء انتخابات بعد الحرب مباشرة.

مسألة جدلية أخرى يتعارض فيها رأي نتنياهو مع آراء الجماهير، وهي من يتحمل مسؤولية هجمة حماس التي أسفرت عن مقتل 1400 إسرائيلي.

في مؤتمر صحفي آخر نهاية الأسبوع الماضي، تحدث نتنياهو عن مرحلة الأسئلة والإجابات "ولكن عندما تنتهي الحرب".

في الوقت ذاته لم يرجح رئيس الوزراء أو يُعلن مسؤوليته السياسية عن الهجوم بأي حال، في أعقاب المؤتمر شارك نتنياهو منشور على منصة إكس ألقى خلاله باللوم على الأجهزة الأمنية التي لم تحذره من هجمات حماس، لاحقا اعتذر نتنياهو وحذف المنشور المثير للجدل.

على الجهة الأخرى لا يتفق الإسرائيليون مع نتنياهو في براءة ذمته مع هجمات الـ 7 من أكتوبر إذ قال 44% من المشاركين في استطلاع القناة 13 أنهم يحملون نتنياهو مسؤولية الهجوم، بينما ألقى 33% المسؤولية على رئيس هيئة أركان الجيش وكبار المسؤولين فيه، أما نصيب وزير الدفاع من اللوم فبلغ 5% فقط.

منذ العام ١٩٩٦ وحتى الآن يجلس بنيامين نتنياهو كرسي رئيس الوزراء ثم يضطر للتخلي عنه بفعل الانتخابات ثم يتمكن من العودة مجددا.

هذه المرة، يعتقد محللون أن بقاء نتنياهو على كرسي رئاسة الحكومة مسألة وقت فقط، من بين هؤلاء رؤوفين حزان، أستاذ العلوم السياسية في الجامعة العبرية في القدس الذي أكد لوكالة فرانس برس أنه بالرغم من أن رئيس الوزراء سياسي لامع، إلا أنه يلعب الآن على كسب الوقت.

لعبة كسب الوقت تلك لا تتوقف لدى حاجز التواصل مع الجمهور لكنها تتدخل في استراتيجية إدارة المعركة كذلك، حيث يقول حزان: "يعلم بالفعل أنه يقاتل من أجل بقائه وكل قرار يتخذه في هذه الحرب يهدف إلى ضمان بقائه".

الصراع الخاص الذي يخوضه نتنياهو ليس خفيا أيضا، إذ يؤكد حزان أن أعضاء التحالف على دراية به، وعلى دراية بأن لعبة نتنياهو قد انتهت بالفعل.

بعض الأصوات في إسرائيل تطالب رسميا باستقالة نتنياهو، بالرغم من المعركة الدائرة، من بين هؤلاء الجنرال الإسرائيلي المتقاعد نوعام تيبون، الذي قال إن نتنياهو بحاجة إلى الاستقالة الآن، وفقا لموقع فوكس وأضاف في تصريحات لإحدى القنوات الإسرائيلية: "يحتاج الناس إلى الشعور بالأمان.. عليهم أن يتأكدوا من أننا سننتصر. لا أعتقد أنه يستطيع أن يقودنا إلى النصر".

هناك ٣ سُبل لخروج نتنياهو من السلطة، أولهم تقدمه باستقالته، وهو الأمر الذي لم يبدي رئيس الوزراء استعدادا لفعله حتى الآن، والثاني هو إجراء الانتخابات رسميا وخسارة تحالفه للأغلبية البرلمانية، إلا أن الانتخابات لن تعقد قبل مرور ثلاث سنوات من اليوم.

أما آخر السيناريوهات فيتضمن أن يصوت ضده في الكنيست 5 على الأقل من أعضاء الائتلاف الحاكم الذي شكله ما قبل الحرب.

من ثم تبدو الحرب المندلعة حاليا مسألة مصيرية بالنسبة لبنيامين نتنياهو، كما أكد أحد كبار المسؤولين في حزب الليكود الذي يقوده رئيس الوزراء لصحيفة وول ستريت جورنال الأميركية، فقال إن مصير مصير نتنياهو يعتمد على نتيجة الحرب مع حماس، لكن المسؤول الذي لم يُذكر اسمه أكد في الوقت نفسه أنه من غير المرجح أن يبقى نتنياهو زعيما للحزب، ومن ثم رئيسا للوزراء.

ولكن يبدو أن رئيس الوزراء لن يستسلم بغير قتال على كافة الأصعدة، إذ قالت صحيفة هآرتس الإسرائيلية إنها علمت أن مكتب نتنياهو طلب بالفعل من سكرتير مجلس الوزراء خلال الأسابيع الأخيرة مجموعة من الوثائق السرية الخاصة باجتماعات المجلس الأمنية السابقة، الأمر الذي يرجح جيدي ويتز، الصحفي في هآرتس أنه متعلق بإعداد فريق نتنياهو لمعركة "كسب الرأي العالم" في مرحلة ما بعد الحرب.

بالرغم من أن تداعيات استقالة نتنياهو الآن على القتال الدائر في غزة غير معروفة، لكن بعض الآراء تشير إلى أن غيابه عن الساحة سيفتح آفاقا سياسية جديدة من شأنها أن تغير مسار إسرائيل.

فعلى سبيل المثال، سوف يزيح غياب نتنياهو عددا من الحواجز التي تحول دون الوصول لحل سياسي في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، حسب فوكس، إذ أن سياسة نتنياهو خلال الفترة الماضية اعتمدت على التوسع الاستيطاني والتقسيم السياسي ومحاولات ضم الضفة الغربية.