نتنياهو يستعين بـ"العماليق" في "خطاب الإبادة"

وفقاً للعهد القديم هم أبناء أليفاز ابن عيسو شقيق يعقوب ونجل إسحق ابن إبراهيم. عاشوا في فلسطين في صحراء النقب، وهم أبرز أعداء بني إسرائيل تاريخياً ودارت بينهم حروبا ومعارك مختلفة.

يذكر سفر الخروج أن العماليق هاجموا اليهود أثناء عبورهم في سيناء، وأن موسى أمر يوشع بن نون أن يذهب لقتالهم. ويقول السفر بأن موسى وقف على جبل يدعو لهم رافعاً يديه، وأنه كلما هم بأن ينزل يديه تعثر الجيش، لذلك أبقى يداه مرفوعتان للسماء طول المعركة وطلب من مساعدين له أن يساعداه في إبقاء يديه مرفوعتين.

وفي سفر صاموئيل، هاجم العماليق النقب وزيكلاغ في فلسطين خلال نهايات عهد الملك شاؤول (طالوت في الإسلام) وأحرقوا زيكلاغ وأسروا أهلها. ليقوم بعدها الملك داوود بحملة عسكرية لاسترداد ما سلبه العماليق وليقتل الرجل الذي قتل الملك شاؤول.

توجد نظريات مختلفة حول أصل العماليق، حيث ينسبهم البعض للعموريين البدو الرحالة الملقبين باسم "الكنعانيين الشرقيين" لتحدثهم نفس لغة الكنعانيين، وتوجد آراء تقول إن وجودهم يمتد لما قبل إبراهيم.

بعض المفكرين الإسلاميين قالوا إنهم من سلالة حام ابن نوح. وهو ما دفع البعض للاعتقاد بأنه كان هناك شعبان مختلفان يحملان نفس الاسم.

أما عماليق فلسطين فلهم أسماء مختلفة، كالجبارين والعمالقة.

لذلك، يعتقد بعض مفسري القرآن بأن الآية "قَالُوا يَا مُوسَى إِنَّ فِيهَا قَوْمًا جَبَّارِينَ وَإِنَّا لَنْ نَدْخُلَهَا حَتَّى يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِنَّا دَاخِلُونَ" هي إشارة لعماليق فلسطين.

سفر صاموئيل يوجه لقتل العماليق بلا تفرقة، فالإصحاح 15:3 يقول "فالآن اذهبوا واضربوا العماليق ودمروا كل ما لهم ولا تعفوا عنهم. بل اقتلوا كلاً من الرجل والمرأة، الطفل والرضيع، البقر والغنم، الجمل والحمار".

وفي سفر التثنية الإصحاح 25:19 "فَمَتَى أَرَاحَكَ الرَّبُّ إِلهُكَ مِنْ جَمِيعِ أَعْدَائِكَ حَوْلَكَ فِي الأَرْضِ الَّتِي يُعْطِيكَ الرَّبُّ إِلهُكَ نَصِيبًا لِكَيْ تَمْتَلِكَهَا، تَمْحُو ذِكْرَ عَمَالِيقَ مِنْ تَحْتِ السَّمَاءِ. لاَ تَنْسَ".

"أي ذكر للعماليق هو دعوة صريحة للإبادة الجماعية" هكذا غرد إيلي فايلي رسام الكاريكاتير الأميركي اليهودي.

هذا رأي يوافق عليه حاخام إسرائيلي يهودي اسمه إلحنان ميلر، حيث قال إنه منذ خطاب نتنياهو، وصله اتصالان من شخصين مختلفين، أحدهما صحافي فلسطيني من القدس والآخر أكاديمي بارز في إحدى الجامعات المهمة في الولايات المتحدة ومناصر لإسرائيل، كلاهما سألاه عن معنى اقتباس نتنياهو من الكتاب المقدس "تذكروا ما فعله العماليق بكم".

ورد إلحنان قائلاً إن ما تذكره التوراة عن العماليق يمكن تصنيفه "كإبادة جماعية" من وجهة نظر القانون الدولي، "ويتناقض تماماً مع التمييز بين مسلحي حماس والمواطنين الأبرياء الذي يتحدث عنه الجيش الإسرائيلي وبقية النظام السياسي والأمني".

يروي ميلر بأنه حتى الأكاديمي المناصر لإسرائيل رد عليه بأن هذا "الخطاب كان بمثابة لائحة اتهام للمحكمة الجنائية الدولية تكتب نفسها بنفسها".

اختتم ميلر حديثه قائلاً إن "نتنياهو إرهابي في المجهود الحربي. هذا هو السبب رقم 1.000.001 لإزالته من منصبه".

ذكر نتنياهو ليوشع بن نون في حديثه عن الفلسطينيين يعتبر أيضاً علامة مقلقة للغاية.

وزير المالية الإسرائيلي والحاكم الفعلي للضفة الغربية بتسلإيل سموتريش كان قد اقتبس خطته المعروفة باسم "خطة الحسم" عام 2017 مما فعله يوشع بن نون مع أهل أرض كنعان في غزوه مدينة عاي.

هدف خطة سموتريش تلك هو "تحطيم أي أمل للفلسطينيين في دولة مستقلة"، إذ يمنح الفلسطينيين أحد ٣ خيارات: إما الرحيل وترك البلاد أو الرضا بالعيش في منزلة أقل من الإسرائيليين بدون جنسية أو حقوق متساوية، أو المقاومة والموت.

لذلك، شبه بعض الإسرائيليين تلك الخطة بمبادئ "النازية" عن التفوق العرقي والحق الحصري في ملكية الأرض ونيل الحقوق لشعب دون آخر.