أصدقاء نتنياهو "ليسوا لوقت الضيق"

تسريبات الوزيرة السابقة وعضوة الكنيست المقربة من نتنياهو كانت عبارة عن محادثة لها عبر "واتساب" مع سيدة أخرى انتقدت سلوكها في الوزارة وأداء الحكومة. فكان رد أتباريان: "أنت لا تعرفين كم حطمني (نتنياهو) وأنا أبقي فمي مغلقاً. بعد دقيقة واحدة من انتهاء الحرب سأفضح كل شيء، لكن الآن عليّ أن أتراجع. لقد كتمت غضبي الشخصي ضد نتنياهو لعدة أشهر".

وأضافت غاليت: "الوحوش التي نشأت في ظل حكوماته في الشمال والجنوب هي ما كسرتني وجعلتني أستقيل (في إشارة إلى حركتي حماس وحزب الله)".

نتنياهو تعرّض لموجة انتقادات عنيفة منذ السابع من أكتوبر، بسبب تبنيه استراتيجية تقوية حماس في غزة، بهدف تعميق الانقسام الفلسطيني، ومنع قيام حل الدولتين. ولكن رهانه ذلك كان خاسراً من وجهة نظر المجتمع الإسرائيلي، لأنه منح حماس الوقت والهدوء والقوة لشنها أعنف هجوم على إسرائيل منذ عقود.

أتباريان قالت أيضاً، إنها كانت مقتنعة بالصورة التي رسمها نتنياهو عن نفسه حتى يوم السابع من أكتوبر، وهي صورة أنه "سيّد الأمن".

وكان رئيس الوزراء اليميني قد حرص على مدار العقد الماضي على تصوير نفسه، أنه الشخص الوحيد القادر على حماية البلاد ومنحها الأمان والهدوء.

وزيرة البروباغندا الإسرائيلية السابقة ردت على الانتقادات الموجهة إليها في المحادثة المسربة، قائلة إن "خلاصة القول هي أننا كنا على رأس السلطة وكانت البلاد في وضع رهيب، بالطبع لدينا مسؤولية، ولهذا السبب لقد استقلت على الفور بعد أحداث السبت الأسود. آمل أن يظهر هنا شيء جديد وأكثر صحة من الانكسار، وإلا سننتهي جميعاً".

بهذا الشكل تسوّق أتباريان لاستقالتها بصفتها فعلاً نبيلاً وشجاعاً، وسط امتناع جميع زملائها في الحكومة عن القيام بخطوة مماثلة.

لكن حقيقة الأمر أن وزارتها كانت من دون ميزانية أو كادر مناسب، وكانت تعاني تجاهل أجهزة الدولة الأخرى لها، واشتكت الوزيرة السابقة من ذلك الأمر مراراً وتكراراً، لذلك لم يكن منصبها على قدر من الأهمية، ولم تضحِّ بالكثير عند استقالتها والعودة إلى مقاعد الكنيست.

هذه الخطوة تمثّل القفز من مركب غارق، إذ تسعى أتباريان للقول بأنها الوحيدة التي امتلكت الجرأة على تحمل مسؤولية ما حدث يوم السابع من أكتوبر ومغادرة منصبها.

هجوم أتباريان على نتنياهو يأتي بالتزامن مع إظهار أحدث استطلاعات الرأي، أن فقط ما نسبته 4% من الإسرائيليين اليهود يعتقدون أن رئيس وزرائهم يُعدّ مصدراً موثوقاً للمعلومات حول الحرب، وأظهر استطلاع رأي آخر أن نحو 76% من الإسرائيليين يريدون من نتنياهو الاستقالة وحل الحكومة، في حين قال 94% من الإسرائيليين إن حكومة نتنياهو تتحمّل مسؤولية الفشل في يوم السابع أكتوبر.

ودعا رئيس المعارضة يائير لابيد إلى الإطاحة بنتنياهو من منصبه وتشكيل حكومة "إعادة إعمار وطني"، كما انقض رئيس الوزراء السابق إيهود باراك، على نتنياهو وحمّله المسؤولية عن "أكبر فشل في تاريخ إسرائيل".

تُعدّ تلك النسب هائلة وغير مسبوقة في تاريخ السياسة الإسرائيلية في العقد الماضي على الأقل، وهو ما يدلل على انهيار صورة نتنياهو ومستقبله السياسي وتحوله إلى شخصية "مشعة نوويّاً"، يسعى السياسيون للنأي بأنفسهم عنه، لكيلا يطولهم جزء من سيل الانتقادات الشعبية الموجهة ضده.

مع كل انتقاداتها لرئيس الوزراء الإسرائيلي، تقول أتباريان إن "نتنياهو شخصية مستديرة ومعقدة، إنه ليس الشيطان، وتبيّن أنه ليس الملاك الذي كنت أقدّره ذات يوم. مع عيوبه، فهو الوحيد الآن الذي يستطيع الصمود أمام هذا الضغط المجنون دون أن ينهار، ولديه قدرات دولية لا يمتلكها أي شخص آخر في المجال السياسي، وهذا أمر بالغ الأهمية الآن".

بهذا الشكل قد تكون استراتيجية أتباريان إمساك العصا من المنتصف، إذ تُبقي جميع الأبواب مفتوحة.