سياسة
.
"لا مصالحة ولا وحدة" بحسب زعيم كوريا الشمالية كيم جونغ أون، ثم تجربة لنظام يدعى "هايل-5-23" والذي يعني تسونامي باللغة الكورية، الجمعة 19 يناير.
هذا ملخص لما قامت به كوريا الشمالية خلال أقل من 72 ساعة لترتفع تهديدات الحرب في شبه الجزيرة الكورية.
ورغم زيادة التوتر، فإن خبراء يرون أن بيونغ يانغ لن تكون قادرة على اتخاذ قرار متسرع بشأن خوض الحرب مع الجارة الجنوبية.. فلماذا لجأت كوريا الشمالية إلى هذا الاستعراض النووي الذي أسمته "التسونامي المشع"؟
في خطابه أمام مجلس الشعب الأعلى مطلع هذا الأسبوع، خرج زعيم كوريا الشمالية كيم جونغ أون أمام أعضاء البرلمان في بلاده ليقول إن دستور بلاده يجب أن يتضمن منطقة ممارسة حكومة بلاده لسلطاتها.
البنود الحالية لدستور بيونغ يانغ "لا تتضمن التعريف السياسي والجغرافي عن المنطقة التي تمارس فيها سلطة الدولة" بحسب النسخة العربية من موقع نيه نارا الدعائي التابع لكوريا الشمالية.
أضاف كيم أنه "من المهم إدراج مسألة الاستيلاء على جمهورية كوريا الجنوبية، وتسويتها واسترجاعها تماما وضمها إلى أراضي جمهوريتنا، في حالة اندلاع حرب في شبه الجزيرة الكورية"، علاوة على وضع كوريا الجنوبية الدولة الأكثر عداء.
وطلب كيم حذف عبارات "الشطر الشمالي من الجمهورية"، "الاستقلالية والتوحيد السلمي والوحدة الوطنية الكبرى" من الدستور.
في عام ١٩٩٧، قدمت كوريا الشمالية في عهد كيم جونغ إل، والد الزعيم الحالي، المواثيق الثلاثة لتوحيد الوطن، لتخلد في نصب تذكاري مطلع الألفية، بحسب موسوعة الثقافة الكورية التابعة لأكاديمية الدراسات الكورية في سول.
جاء كيم الحفيد ليعلن خطة لإخلاء هذا النصب الذي وصفه بالقبيح، والقضاء التام على مفاهيم "التوحيد"، "المصالحة" و"أبناء الجلدة".
لم يتوقف الأمر عند ذلك، فمصطلح "الأرض الموشاة بالذهب، الممتدة إلى ثلاثة آلاف ري" التي ترمز إلى كامل شبه الجزيرة الكورية قد حظر، لدرجة بث أغنية كيم جونغ إل، والد الرئيس الحالي، بالموسيقى فقط دون الكلمات التي تتضمن المصطلح، بحسب منظمة أرشيف كوريا الشمالية ومقرها كندا.
وإذا كانت نشرات الأخبار تضمن شبه الجزيرة الكورية كاملة في خرائطها كدولة واحدة، فقد بث التلفزيون الرسمي أخبار الطقس بخريطة تشير فقط إلى حدود كوريا الشمالية عند دائرة عرض ٣٨ الفاصلة بين الكوريتين، بحسب موقع إن كيه نيوز.
مسيرة"هايل" أو تسونامي التي كانت بطل التجربة الأخيرة لكوريا الشمالية، الجمعة 19 يناير، لم يكن الظهور الأول لها على الساحة، ففي مارس اختبرت بيونغ يانغ النسخة الأولى مما تقول عنه إنه "سلاح سري" قادر على توليد "تسونامي مشع".
وفي الشهر التالي أجرت بيونغ يانغ اختبارا للنسخة الثانية "هايل ٢"، بحسب وكالة أنباء يونهاب.
وفي نوفمبر الماضي وعقب إطلاق كوريا الشمالية لقمرها الصناعي من أجل التجسس، تحرك الجنوب لاتخاذ الخطوة التي كانت محل نقاش ورغبة لدى المسؤولين، فقد علق جزئيا الاتفاقية العسكرية الموقعة بين بيونغ يانغ وسول خلال حقبة الرئيس الجنوبي السابق مون جيه إن عام ٢٠١٨.
وبموجب التعليق الجزئي ستستأنف عمليات الاستطلاع والمراقبة ضد الشمال في المنطقة المحيطة بخط ترسيم الحدود العسكري الذي يفصل بين شطري شبه الجزيرة الكورية "المنطقة منزوعة السلاح"، بحسب ما أفادت وكالة أنباء يونهاب.
وفي رد على ذلك، لم تتوقف كوريا الشمالية عند التعليق الجزئي لإحدى مواد المعاهدة، فقد أعلنت في بيان نقلته وكالة الأنباء المركزية عدة إجراءات:
1. عدم التزام الجيش الشمالي بالاتفاقية العسكرية بين الطرفين.
2. استعادة كافة الإجراءات العسكرية التي توقفت بموجب الاتفاقية العسكرية .
3. تحميل كوريا الجنوبية المسؤولية الكاملة في حالة نشوب اشتباك لا يمكن إصلاحه بين سول وبيونغ يانغ.
الإجراءات الجنوبية وما قابلها من كوريا الشمالية قد يدفع إلى حدوث استعراض للقوة مثل انتهاك الحدود البحرية ونشر مدفعية ساحلية وإلقاء منشورات ليزيد من احتمال حدوث مواجهات عسكرية بحسب رئيس جامعة الدراسات الكورية الشمالية يانغ مو-جين لفرانس برس.
وسط التكهنات حول احتمالية المواجهة العسكرية الشاملة بين الكوريتين اللتين تواجهان حالة الهدنة منذ عام ١٩٥٣، مع انتهاء الحرب، فإن الواقع يجعل اتخاذ بيونغ يانغ لقرار الحرب صعبا وسط التحديات.
ويقول الزميل غير المقيم في منتدى الاستراتيجية النووية الكورية (ROKFNS) في سول، لي ديه هان، في حديث خاص لبلينكس إن بيونغ يانغ لن تكون قادرة على اتخاذ قرار متسرع بشأن الحرب رغم حديثها العدائي.
ويعزي "لي دي هان" ذلك إلى تغير الموقف بين الحرب قبل ٧٠ عاما والآن، إضافة إلى تكاليف الحرب مشيرا إلى أن الوضع العسكري والاقتصادي لكوريا الشمالية يجعل من الصعب أن تشن حرب ضد الجنوب بمفردها.
ويضيف "ليمكن اعتبار هذه التحركات من قبل كوريا الشمالية مجرد احتجاج على التعاون الأمني بين كوريا والولايات المتحدة واليابان والتحالف بين جمهورية كوريا والولايات المتحدة". ويمكن النظر إليها أنها عمل سياسي من جانب كيم جونغ أون لتوحيد الجبهة الداخلية في بلاده.
رغم ذلك، فإن الوضع يتدهور بوتيرة سريعة في شبه الجزيرة الكورية بحسب الباحثة المتخصصة في شؤون كوريا الشمالية الدكتورة غابريلا بيرنيل.
وترى بيرنيل في حديث خاص مع بلينكس أن إعلان كوريا الشمالية تخليها عن هدف الوحدة مع الجنوب يمثل تحولاً كبيراً في سياستها، ورجحت أن يتأثر الوضع الأمني هذا العام في شبه الجزيرة بسبب ذلك، وأن تكون هناك تحركات أكثر عدوانية من كلا الجانبين.
ويعد وقوع اشتباكات عسكرية عرضية على طول الحدود بين الكوريتين هو أكثر ما يثير القلق حاليا، لا سيما مع انقطاع التواصل بين الشمال والجنوب، حيث يمكن أن يتطور إلى مواجهة شاملة.
© 2024 blinx. جميع الحقوق محفوظة