"ما لا يُهدم كله يُحرق كله".. منازل غزة تعود للحياة عام 2092

هناك بعض البيانات ترسم لنا صورة ما حدث للقطاع ومدنه ومنازله.

أفرج مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية عن تقرير مساء الأربعاء ٣١ يناير، أكد فيه أنه بحلول نهاية نوفمبر من العام الماضي، دُمر أو تضرر 37 ألفا و379 مبنى سكني كامل في قطاع غزة، أي ما يعادل حوالي 18% من إجمالي البنايات في القطاع.

يعتقد المؤتمر الأممي أن مستوى الدمار الناجم عن العملية العسكرية، جعل قطاع غزة غير صالح للعيش.

ذلك ليس كل شيء، فصور الأقمار الاصطناعية تُظهر حجم دمار متزايد، بحسب الخبير الاقتصادي لدى المؤتمر رامي العزّة الذي شارك في إعداد التقرير.

يقول العزة: "تشير البيانات الجديدة إلى أن 50% من المباني في غزة متضررة أو مدمرة بالكامل".

وفقا لرصد أعده البنك الدولي من خلال لقطات الأقمار الصناعية والإفادات الإعلامية، فحوالي ٤٥٪ من المباني السكنية في غزة، تم تدميرها منذ السابع من أكتوبر، بحسب صحيفة تايمز أوف إسرائيل.

قبل قرابة ٤ أشهر فقط، كانت تلك الوحدات تضج بالحياة، وتقيم فيها مئات الآلاف من الأسر، لذا فعلى وقع تلك البيانات يُعتقد أن مليون شخص من سكان القطاع، أصبحوا بلا مأوى.

القصف المستمر على قطاع غزة، والذي تمدد من المناطق الشمالية إلى الجنوب، ليس عامل الخطر الوحيد على المنازل في غزة.

فهناك خطر آخر يتمثل في الجنود الإسرائيليين، أنفسهم.

على مدار الشهر الماضي، حرق جنود من الجيش المئات من المباني في قطاع غزة، في ممارسة أصبحت شائعة، كما يوضح تحقيق نشرته صحيفة هآرتس الإسرائيلية مساء الأربعاء 31 يناير.

في بعض الأحيان تأتي هذه الممارسة في استجابة لأوامر مباشرة من القادة، ولكن في بعض الأحيان ينشر الجنود مقاطع فيديو لأنفسهم وهم يضرمون النيران في المنازل على مواقع التواصل الاجتماعي، بغرض الانتقام لوفاة أحد الجنود الزملاء، أو ربما للانتقام من أحداث السابع من أكتوبر ذاتها.

في إحدى الحالات، ترك الجنود مبنى دون أن يحرقوه، ولكنهم خلّفوا في الوقت ذاته هذه الرسالة لزملائهم: "لن نحرق هذا المنزل كي تستمتعوا به.. وعند المغادرة سوف تعلمون ماذا تفعلون"، بحسب الصحيفة الإسرائيلية.

يحاول تقرير مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية الإجابة على هذا السؤال.

بحسب التقرير الأممي قد يستغرق الأمر سبعة عقود كاملة كي يعود القطاع إلى مستوى إجمالي الناتج المحلي الذي سجله في العام ٢٠٢٢، وبالتالي يتمكن من المساهمة في إعادة إعمار مبانيه.

الوصول إلى إعادة الإعمار بشكل كامل ليس قطعيا بالطبع، ولكن في حالة توفر شروط محددة، وهي أن تبدأ عملية إعادة الإعمار على الفور، مع عودة غزة إلى متوسط معدل النمو الذي شهدته على مدار السنوات الـ١٥ الماضية وهو 0.4%.

تؤكد الوكالة الأممية في تقريرها أن فاتورة إعادة الإعمار ستصل إلى عشرات المليارات من الدولارات، وأنها تحتاج في سبيل ذلك إلى "مساعدات دولية ضخمة"، سواء لإعادة الإعمار، أو دفع التنمية إلى مستوى يجعل القطاع أكثر ملاءمة للعيش.

هناك شرط ثالث بحسب التقرير الأممي، ويتمثل في أن أي حل للأزمة يتطلب وقفا للحرب، ورفع الحصار، والتحرك نحو حل الدولتين.

وأضاف أن الهدف لا يمكن أن يكون ببساطة: "العودة إلى الوضع الذي كان قائما قبل أكتوبر 2023.. لا بد من كسر الحلقة المفرغة للتدمير وإعادة الإعمار الجزئي".