سياسة
.
شعار "معاً نستطيع الفوز" هو شعار رفعه الإسرائيليون في ظل شن الحرب الإسرائيلية على غزة كمحاولة لتوحيد الشارع الذي شهد انقسامات سياسية حادة على مدار العام الماضي.
لكن بعد نحو ٤ أشهر، يبدو أن هذا الشعار يتلاشى وآخر علامات ذلك هو ثورة الفنادق الإسرائيلية التي تؤوي عشرات آلاف النازحين من الشمال ومستوطنات غلاف غزة على النزلاء.
بعض أبرز تلك الفنادق في إيلات والجليل وتل أبيب قامت بإخطار النازحين بأنه سيتم طردهم خلال 10 أيام لإفساح المجال للسياح الأثرياء، وخاصة في عيد الفصح، وفقاً لصحيفة The Marker التابعة لهآرتس.
فما القصة؟ وكيف تحاول إسرائيل إغراء النازحين بالعودة لبيوتهم برشاوى مختلفة؟
في أعقاب الهجوم الذي شنته حركة حماس في السابع من أكتوبر، هرع نحو 220 ألف إسرائيلي لإخلاء منازلهم في البلدات المحيطة بغزة وفي الشمال على حدود لبنان.
تزامن مع ذلك انقطاع السياحة بشكل كامل عن إسرائيل خوفاً من الحرب وإلغاء الفعاليات الدولية التي كان من المخطط عقدها خلال العامين 2023-2024.
هذا الأمر أثر بشكل بالغ السلبية على قطاع الفنادق الإسرائيلية التي أصبحت خاوية من النزلاء.
لذلك، قامت معظم تلك الفنادق بفتح أبوابها للنازحين مقابل مبلغ ثابت تقاضته الفنادق من الحكومة عن كل نازح، لكن ذلك هو أقل مما يدفعه السياح الأجانب حيث تتقلب أسعار الغرف بشكل يومي صعوداً وهبوطاً وفقاً للموسم.
بعض النازحين الذين فرو من بيوتهم من الشمال وجدوا أنفسهم في فندق "قصر غابة الكرمل" الفاخر الذي يعد أحد أرقى وأكثر الفنادق المرغوبة والمرموقة في إسرائيل في أعلى جبل الكرمل وفقاً للقناة 12 العبرية.
النازحون في الفندق المحاط بالخضرة والمناظر الطبيعية الخلابة يقولون إنهم يحصلون على 3 وجبات طعام يومياً من يد شيف ماهر بالإضافة لخدمات تنظيف شامل ومنتجع صحي مفتوح لهم ويمكنهم طلب العلاجات والمساج، وكل ذلك بالمجان على نفقة الحكومة.
الآن، تقول صحيفة هآرتس إن هناك تعافيا تدريجيا في عودة السياح لإسرائيل وهو ما دفع بعض تلك الفنادق لإخطار النزلاء من النازحين بأن عليهم المغادرة.
مساء يوم الأحد، وبدون أي مقدمات، أخطرت بعض فنادق سلسلة "إسروتيل" النزلاء من النازحين بأن عليهم إيجاد مكان آخر قبل يوم 1 مارس، وأنه لا يمكن نقلهم لفنادق أخرى من التي تملكها تلك الشركة الأم، بحسب إسرائيل هيوم.
في الوقت نفسه، لم تسمح إسرائيل بعد بعودة النازحين لمنازلهم في الشمال خشية التصعيد مع حزب الله، وهو ما يضع أولئك الإسرائيليين في مأزق.
سلسلة "إسروتيل" تمتلك 23 فندقاً في مختلف أنحاء البلاد مثل تل أبيب وإيلات والشمال، لكنها تريد أن تسمح للنازحين بالبقاء في 5 فنادق فقط. اثنان في إيلات، وواحد في تل أبيب وآخر في هرتسليا والأخير على بحيرة طبريا وفقاً للصحيفة الإسرائيلية.
الفنادق تتحجج بأن اتفاقيتها مع وزارة السياحة الإسرائيلية ستنتهي بحلول نهاية شهر فبراير، لكن مديرة فندق نيفي إيلان قالت إنه حتى إذا تم تمديد الاتفاقية، فلن يتمكن النازحون من البقاء في الفندق إلا لنهاية شهر مارس على أبعد تقدير لأنه تم تأجير الفندق بأكمله لعميل بدءا من شهر إبريل.
وتنقل إسرائيل هيوم عن أليجرا بيرتس، من كريات شمونة والمقيمة في فندق الملك سولومون في إيلات بأنها أنجبت طفلها الرابع قبل أسبوعين فقط ومع ذلك أبلغتها إدارة الفندق أن الغرف تم حجزها وعليها الرحيل.
بينما يقول يشالوم بن شبات، وهو رجل مطلق وأب لطفلين مقيم في فندق نيفي إيلان مع والده (90 عاما)، إن مديرة الفندق قالت لهم "اسمعوا، ابدأوا في البحث عن مكان آخر لكم. لقد تم تأجير الفندق بمناسبة عيد الفصح".
يشالوم يستنكر ذلك قائلاً إنه لم يبقَ في الفندق أصلاً سوا عائلتين وأنه قام بإدخال أبنائه في مدرسة في تلك المنطقة.
لكن أفيشاي ستيرن، عمدة كريات شمونة التي هاجر سكانها للفنادق يقول إن إدارة فنادق "إسروتيل" تخجل من استضافة سائحين بجوار النازحين في نفس المكان.
ما فعلته الفنادق تجاه نزلائها من النازحين دفع أفيشاي ستيرن رئيس بلدية كريات شمونة للقول إن "شعار معاً سننتصر" لا صلة له بتلك الفنادق.
واتهم ستيرن سلسلة "أسروتيل" باستغلال معاناة النازحين عندما قررت الفنادق استقبالهم في المقام الأول.
"عندما لم يكن هناك سياح في أشهر الشتاء، رأونا كمخزون لحوم ودجاج يبيض بيضاً ذهبياً. لقد تم استغلالنا. لقد احتضنوا سكان كريات شمونة، حتى أنهم تواصلوا معنا لإرسال المزيد والمزيد من السكان إلى فنادق السلسلة، ولكن الآن مع قدوم الربيع والصيف، يريدون تهجيرنا مرة أخرى ويفضلون الأموال على الوحدة الضرورية جداً في أوقات الحرب".
إسرائيل هيوم نقلت عن المتحدث باسم بلدية كريات شمونة، دورون شانفر دعواه للنازحين في الفنادق المنوي إخلاؤها رفض تلك الأوامر والبقاء حيثما كانوا.
"ليكن واضحاً، لن نقبل أي إخلاء قسري. نطلب من سكاننا عدم الاستجابة للرسائل التي يتلقونها من إدارة إسروتيل والبقاء في الفنادق. نحن لسنا ألعوبة لأي أحد. حتى قوة الجيش لن تستطيع إخراج سكاننا من الفنادق".
يوم الأحد أيضاً، تمت الموافقة على خطة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير المالية بتسئليل سموتريش لإعادة سكان منطقة غلاف غزة لمنازلهم وخاصة بلدة سديروت والكيبوتسات المحيطة بها، وفقاً لهآرتس.
ولإغراء النازحين بالعودة على الرغم من مخاوفهم الأمنية، تعرض الحكومة الإسرائيلية عليهم منحة لمرة واحدة بمقدار 120 شيكل لكل فرد عن كل يوم قضوه في النزوح إذا قرروا العودة يوم 1 مارس، و60 شيكل عن كل طفل.
هذا يعني أن الشخص الواحد سيحصل على 15,480 شيكل بينما سيحصل زوجان على 30,960 شيكل وإذا كان لديهما طفل واحد فسيحصلان على 38,700 شيكل، أو 46,400 شيكل في حال وجود طفلان.
وفي حال قرر النازح عدم العودة، فإن لديه مهلة لغاية يوم 7 يوليو القادم، ولكن ينقص مبلغ المنحة عن كل يوم يقضيه بعيداً عن بلدته.
مع ذلك، تقول القناة 12 الإسرائيلية إن سكان مناطق غلاف غزة غاضبون من الحكومة والجيش ويشعرون بالقلق تجاه أمنهم وذلك بعد أن قرر الجيش تقليص عدد قوات وحدات الاحتياط في غلاف غزة.
في منتصف شهر فبراير، أعلن وزير المالية المتطرف سموتريش ووزير الهجرة والاستيعاب أوفير صوفر عن برنامج مكافآت مالية للمهاجرين الجدد الذين سيقبلون بالسكن في الجنوب أو الشمال أو في مستوطنات الضفة الغربية.
صحيفة هآرتس قالت إن حزمة الإغراءات تلك تبلغ تكلفتها الإجمالية 70 مليون شيكل (حوالي 20 مليون دولار)، وستمنح نحو 2000 شيكل شهرياً (550 دولار) لمدة عامين لأي شخص يقبل بذلك العرض.
وخصص الوزيران مبلغ 80 مليون شيكل إضافية لإنشاء "مراكز استيعاب المجتمع" التي ستتيح للمهاجرين الجدد لإسرائيل العيش في شقق جديدة فارغة خلال السنوات الأولى.
أما من يختارون السكن في حيفا أو وسط البلاد، فلن يحصلوا سوى على مساعدات تبلغ بضعة مئات من الشواكل لمدة عامين.
القانون الإسرائيلي الحالي يمنح المهاجرين اليهود الجدد مساعدة في دفع الإيجار لمدة خمس سنوات تبلغ قيمتها 402 شيكل للعائلة و223 شيكل للشخص الأعزب بعد مكوث 8 أشهر في البلاد. ويتضاعف هذا المبلغ لـ800 شيكل للعائلة و400 شيكل للفرد بعد المكوث أكثر من عام لحد عامين.
ولكن بعد ذلك، تبدأ تلك المساعدات بالانخفاض التدريجي إلى أن تصل في العام الخامس لما يقل عن 100 شيكل (حوالي 27 دولار).
© 2024 blinx. جميع الحقوق محفوظة