الرشاوى تطرق أبواب "مخافر لبنان"

مصادر أمنية لبنانية أكدت لبلينكس حادثة الرشاوى، وقالت إنها حصلت داخل مخفر بلدة غبالة بقضاء كسروان.

برقية أمنية صادرة عن المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي تكشف أسماء عنصرين أمنيين ارتبط اسمهما بالحادثة، هما الرقيب جوليان كيرللس وجان بيار لابا. كذلك، تم ترك عنصرين آخرين رهن التحقيق هما المعاون أول ربيع الحموي والرقيب أول رفيق طربيه.

أما فيما يتعلق بالسجينيْن المتورطيْن، فهما فراس رياض ميمو (سوري الجنسية) وباسيل سامر علوش (سوري الجنسية).

مصادر قضائية لبنانية قالت لبلينكس، إن التحقيقات مستمرة في الحادثة، مشيرة إلى أنه تم الادعاء على من يلزم في القضية، وهناك إجراءات تأخذ مسارها.

ولفتت المصادر إلى أن مسألة الرشاوى داخل المراكز الأمنية قائمة، وقد وردت ملفات كثيرة إلى القضاء بهذا الخصوص، وهي قيد المتابعة.

ما حصل في مخفر غبالة لا يمثل الحادثة الوحيدة.

بحسب مصادر بلينكس، فإن أحد مخافر العاصمة اللبنانية بيروت جرى فيه استبدال تهمة بأخرى، لقاء إخراج موقوف يُدعى "ر".

بحسب المعلومات، فإنّ الشخص المذكور تم توقيفه بتهمة "اتجار بالمخدرات"، لكنه لقاء بدل مالي، بلغ أكثر من 5 آلاف دولار، جرى استبدال تهمة أخرى أقل وطأة بالتهمة المنسوبة إليه، والاكتفاء بأنه تم ضبط سيجارة من "حشيشة الكيف" بحوزته.

التهمة الأولى كفيلة بإدخال الموقوف السجن لسنوات، لكنه وفي إطار التهمة الأخرى بات خارجه الآن وأصبح طليقا.

يقول مصدر أمني لبلينكس، إن أزمة الرواتب فاقمت مسألة تقاضي الرشاوى، مضيفا "العسكري يتقاضى الآن راتبا لا يتجاوز الـ300 دولار شهريا، وهذا المبلغ لا يكفيه حتى يوم الخامس من الشهر. عندما تُعرض عليه رشوة، قد يضطر إلى تقاضيها من أجل العيش".

ويوضح المصدر أن المشكلة متفاقمة، وسببها الأزمة الاقتصادية في لبنان، مشيرا إلى أن مديرية قوى الأمن الداخلي هي أكثر مؤسسة على تماس مباشر مع المدنيين، وهذا سبب قد يسمح بحصول رشاوى دائمة.

المصدر يقول أيضا، إن مديرية قوى الأمن ترسل دائما برقيات إلى عناصرها تفيدهم بضرورة الالتزام بالقوانين وعدم الخضوع لأي مغريات مهما كانت.

مقابل هذه الحوادث، تبرز عناصر أمنية تعمل في مجالات أخرى إلى جانب مهمتها العسكرية الأساسية، وذلك بقصد العيش وبسبب تدني قيمة الرواتب.

العسكري في قوى الأمن "ع" (43 عاما)، قال لبلينكس إنه فضّل العمل في الزراعة حاليا كي يستطيع الصمود مع عائلته، وقال: "أريد أن أعيش مع أطفالي، ولا يمكن أن أقبل بتقاضي رشوة. هناك ضمير إنساني ومهني، وأفضّل أن أعمل ليلا ونهارا ولا أن أتقاضى أموالا لا أستحقها".

المجند في الجيش "أ" تحدث لبلينكس (27 عاما)، قال إن الظروف الصعبة تدفع جميع العسكريين إلى العمل في مجالات عديدة، ويقول "ماذا عسانا أن نفعل؟ نحن في عز شبابنا ورواتبنا الآن مع الزيادات المالية التي أقرت، لا تتجاوز حدود الـ300 دولار. مع ذلك، نعمل بضمير حي ولا نتقاضى أي رشوة ولا نساوم على كرامتنا".

وأردف: "خدمتي 4 أيام أسبوعيا منذ الصباح وحتى ساعات بعد الظهر، وبعد ذلك أؤدي بعض الأعمال المتفرقة ضمن المهارات التي اكتسبتها في الصيانة الكهربائية".

العميد المتقاعد في الجيش جورج نادر، قال لبلينكس، إن الظروف التي وصل إليها العسكريون صعبة جدا، لكنه أكد أنه ما من شيء يبرر تقاضي الرشاوى.

وقال: "يجب على الدولة أن تحفظ هيبة العسكري براتب ينصفه ويجعله يشعر بالاكتفاء.. هذا الأمر ضروري جدا، والبلد لا يستمر من دون مؤسسات عسكرية قوية، ويجب تحسين أحوال العسكريين وأوضاعهم، سواء أكانوا في الخدمة الفعلية أو متقاعدين".