أبعد من مصالح النساء.. لماذا أقرت فرنسا الإجهاض في دستورها؟

يقول رئيس جمعية عدالة وحقوق بدون حدود، الدكتور فرانسوا ديروش، إن إدراج الإجهاض في الدستور ما هو إلا "انحراف وأداة سياسية" لصرف انتباه الفرنسيين عن قضايا أكثر أهمية، مثل تباطؤ اقتصاد البلاد.

ويرى ديروش في تصريحات لبلينكس أن التصويت على القرار لا يخلو من دوافع سياسية، أبرزها التضييق على اليمين المتطرف الذي بات يدق أبواب السلطة في فرنسا في السنوات الأخيرة.

تشير استطلاعات الرأي إلى احتمال فوز المرشحة عن حزب التجمع الوطني مارين لوبان في الانتخابات الرئاسية لعام 2027.

ويعتقد آخرون أن الخطوة الفرنسية جاءت لتجنب السيناريو الأميركي حيث قامت المحكمة العليا الأمريكية بإلغاء الحق في الإجهاض في العام 2022.

تمتلك المرأة الفرنسية الحق القانوني في الإجهاض منذ العام 1975 بعد إقرار "قانون فيل" بدعم من وزيرة الصحة آنذاك سيمون فيل.

على مدى العقود الخمسة الماضية، وسّعت فرنسا مواد قانون فيل، إلى درجة اعتباره من بين القوانين الأكثر ليبرالية في أوروبا.

ويعطي القانون للمرأة وحتى القاصرات الحق في إجهاض الحمل حتى نهاية الأسبوع 14، دون انتظار جلسات استشارية، كما يخوّل لهن الاستفادة من التأمين الصحي لتغطية أي إجراءات صحية.

إنهاء الحمل في أوقات متأخرة ممكن أيضا إذا كان الحمل يشكل خطرا على صحة الحامل البدنية أو العقلية، أو إذا كان يعاني الجنين تشوهات خلقية.

تشرح نويمي غاردي، خبيرة القانوني الدولي، بجمعية "بلانين فاميليال" المعنية بشؤون تنظيم الأسرة، أن الإجهاض يتمتع بالفعل بحماية قانونية.

عن السبب لإدراجه في الدستور تقول غاردي لبلينكس: "بمثابة ضمان جديد لمواجهة صعود اليمين المتطرف في فرنسا".

ويعد تعديل أو إلغاء مواد الدستور أكثر تعقيدا من تعديل أو إلغاء نصوص قانونية لأنه يتطلب تصويتاً متطابقاً من كلا المجلسين، أو تصويت ثلاثة أخماس أعضاء البرلمان مع استفتاء شعبي إذا جاءت المبادرة من رئيس الجمهورية، وفقا لموقع سود ويست.

أعرب الفاتيكان في 7 فبراير عن معارضته "لكل حقٍّ في إلغاء روح بشرية"، كما ذكَّر بذلك خلال اجتماع أعضاء المجلسين للتصويت.

وترى غاردي أن رأي الفاتيكان لا يمثل سوى أقلية من المجتمع الفرنسي، لأن 80٪ من الفرنسيين يؤيدون إدراج حق الإجهاض في الدستور، وفقا لاستطلاعات أجرتها شركة إيفيوب المتخصصة في استطلاعات الرأي.

وأعرب العشرات من الممثلين المنتخبين من الجمهوريين، وعشرات من حزب التجمع الوطني، رفضهم إدراج الإجهاض في الدستور في اجتماع مجلسي النواب والشيوخ في فرساي، وفقا لصحيفة لوباريزيان.

تشرح غاردي لبلينكس، أحد المصاعب التي تواجه تواجه تطبيق "قانون فيل" من واقع تجربة الـ50 عاما الماضية، "على الرغم من وجود قانون فيل، تضطر 18% من النساء الراغبات في الإجهاض للتنقل من مقاطعة لأخرى للحصول على خدمات طبية تمكنهن من الإجهاض".

بحسب غاردي تشتكي نساء فرنسيات من نقص حبوب الإجهاض، بالإضافة إلى إغلاق أكثر من 130 مركز إجهاض خلال آخر 10 سنوات.