وثائق حصرية لبلينكس تكشف مسار تهريب عناصر داعش إلى العراق وسوريا

تذكر ﻮﺛﯿﻘﺔ ﺼﺎدرة ﻋما يعرف بـ"اﻟﺠﮭﺎز اﻷﻣﻨﻲ" لداعش في سوريا، حصلت عليها بلينكس، أن وسيطا للتهريب يدعى حيدر، هرب ١٠ عناصر للانضمام للتنظيم في العراق لكن ٣ منهم اعتقلوا فيما اختفى السبعة الآخرون.

يتشكك التنظيم وفقا للوثيقة التي حصلت عليها بلينكس من "حيدر ﺟﻮان ودي" واﻟﺬي ﺗﻮﻟﻰ ﻣﮭﻤﺔ ﻧﻘﻞ اﻟﻤﻘﺎﺗﻠﯿﻦ إﻟﻰ ﻣﻨﺎطﻖ ﻧﻔﻮذ اﻟﺘﻨﻈﯿﻢ ﻓﻲ اﻟﻌﺮاق وﺳﻮرﯾﺎ.

الوثيقة التي تعود إلى ديسمبر ٢٠٢١، وموجهة إلى قيادي في داعش يدعى "اﻟﻤﺜﻨﻰ اﻟﺠﺰراوي" تشير إلى شكوكهم وريبتهم بحيدر الذي يسهل نقل عناصرهم من كردستان وإيران.

وقد أبلغتهم اﻣﺮأة ﺗﺪﻋﻰ "أم اﻟﻄﯿﺐ اﻹﯾﺮاﻧﻲ" ﻧﻘﻼ ﻋﻦ ﻣﻘﺎﺗﻠﯿﻦ أﺟﺎﻧﺐ ﻓﻲ ﻣﺤﺎﻓﻈﺔ دﯾﺎﻟﻰ اﻟﻌﺮاﻗﯿﺔ بهذا الأمر، حيث يطالب مؤيدو داعش في كردستان العراق بتبيان حقيقة حيدر.

فما حدث للمجموعة الأولى أوقف عمليات تجنيد اللاحقين خوفا من مصير السابقين.

وﯾﺴﺮد أﻧﺼﺎر اﻟﺘﻨﻈﯿﻢ أﺳﻤﺎء ﺛﻼﺛﺔ أﺷﺨﺎص ﯾﻌﻤﻠﻮن ﻣﻊ ﺣﯿﺪر ﻓﻲ ﺗﺮﻛﯿﺎ اﻟﺬي ﯾﺘﻮاﺻﻠﻮن ﻣﻌﮫ ﻋﺒﺮ ﻣﻌﺮف ﻋﻠﻰ ﻣﻨﺼﺔ ﺗﻠﯿﻐﺮام.

وﯾﻘﺘﺮح ﺟﮭﺎز اﻷﻣﻦ ﻓﻲ داعش استجواب اﻟﻌﻨﺎﺻﺮ اﻟﻤﻮﺟﻮدﯾﻦ ﻓﻲ اﻟﻌﺮاق ﻋﻦ "ﺣﯿﺪر" وﻣﻦ ﻣﻌﮫ، ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ ﻟﻼﺳﺘﻌﺎﻧﺔ ﺑﻌﻨﺎﺻﺮ اﻟﺘﻨﻈﯿﻢ اﻟﻤﻮﺟﻮدﯾﻦ ﻓﻲ ﺗﺮﻛﯿﺎ ﻟﻤﺘﺎﺑﻌﺔ اﻟﺸﺨﺺ وﺷﺒﻜﺘﮫ.

في تسعينيات القرن الماضي كانت تنظيمات متشددة تتخذ من كردستان العراق معقلا لها وعلى رأسها تنظيم "أﻧﺼﺎر اﻹﺳﻼم" اﻟذﻲ اﺗﺨﺬ ﻣﻦ ﺣﻠﺒﺠﺔ تحديدا منطلقا لها.

اللجوء إلى هذه البقعة الجغرافية سببه تداخل اﻟﻤﻨﺎطﻖ اﻟﺤﺪودﯾﺔ ﺑﯿﻦ ﻛﺮدﺳﺘﺎن اﻟﻌﺮاق وإﯾﺮان ووﻋﻮرﺗﮭﺎ ﻓﻀﻼ ﻋﻦ صعوبة السلطات الحدودية السيطرة الكاملة عليها.

ومع صعود داعش عام ٢٠٠٦، اكتسبت كردستان أهميتها حيث أنشأت ما يعرف ﺑـ "ﻛﺘﺎﺋﺐ ﻛﺮدﺳﺘﺎن" ﻟﻜﻦ ﻟﻢ ﯾﻌﺮف ﻋﻨﮭﺎ ﻧﺸﺎط ﻛﺒﯿﺮ ﻧﻈﺮا ﻟﻠﻘﺒﻀﺔ اﻷﻣﻨﯿﺔ ﻟﻠﻘﻮات اﻟﻜﺮدﯾﺔ، إلا أن الأمر تغير مع سيطرة التنظيم على الموصل.

فقد عمل داعش على جذب الأكراد عبر نشر ﻣﻘﺎطﻊ ﻣﺮﺋﯿﺔ ﺑﺎﻟﻠﻐﺔ اﻟﻜﺮدﯾﺔ ﻟﻤﻘﺎﺗﻠﯿﻦ ﻣﻦ ﻛﺮدﺳﺘﺎن اﻟﻌﺮاق ﻓي محاولة لإﺣﯿﺎء اﻟﺤﺎﺿﻨﺔ اﻟﺸﻌﺒﯿﺔ اﻟﻘﺪﯾﻤﺔ ﻟﻠﺴﻠﻔﯿﺔ اﻟﺠﮭﺎدﯾﺔ ھﻨﺎك.

خلال هذه الفترة وصل مئات المقاتلين الأكراد خاصة من ﺳﻜﺎن ﻣﺪﯾﻨﺔ ﺣﻠﺒﺠﺔ وﻗﺮى ﺑﯿﺎرا وطﻮﯾﻼ وﻣﺎ ﺣﻮﻟﮭﺎ إلى الموصل في مجاميع صغيرة بحسب ما تحدثت مصادر مطلعة لبلينكس.

وﺧﺼﺺ داﻋﺶ ﻣﻨﻄﻘﺔ "اﻟﻘﺼﻮر" ﻓﻲ ﻣﺤﺎﻓﻈﺔ ﻧﯿﻨﻮى ﻛﻤﻜﺎن ﻻﺳﺘﻘﺒﺎل اﻟﻤﻘﺎﺗﻠﯿﻦ اﻷﻛﺮاد اﻟﻘﺎدﻣﯿﻦ ﻣﻦ ﻛﺮدﺳﺘﺎن، ﺣﯿﺚ ﻛﺎﻧﻮا ﯾﺴﻠﻜﻮن طﺮﻗﺎ ﻋﺪة، إﻣﺎ ﻋﺒﺮ ﻣﺪﯾﻨﺔ ﻛﺮﻛﻮك أو ﺑﻌﺾ اﻟﻄﺮق اﻟﻮﻋﺮة ﺑﯿﻦ ﻣﺤﺎﻓﻈﺘﻲ أرﺑﯿﻞ وﻧﯿﻨﻮى.

ويساعد في هذا الأمر ﺿﺒﺎط ﻓﻲ قوات اﻟﺒﯿﺸﻤﺮﻛﺔ ﻣﻘﺎﺑﻞ أﻣﻮال ﯾﺪﻓﻌﮭﺎ اﻟﺘﻨﻈﯿﻢ، وﻓﻘﺎ ﻟﻠﻤﺼﺎدر.

ﺑﻌﺪ اﻟﻘﻀﺎء ﻋﻠﻰ ﻣﻌﺎﻗﻞ داعش ﻓﻲ اﻟﻤﻮﺻﻞ العراقية واﻟﺮﻗﺔ السورية تغيرت الاستراتيجية وكذلك الطرق، فكانت عمليات التهريب تبدأ من كردستان العراق إلى ﺗﺮﻛﯿﺎ وﻣﻦ ھﻨﺎك إﻟﻰ ﺳﻮرﯾﺎ واﻧﺘﮭﺎءا ﺑﻤﻌﺎﻗﻞ اﻟﺘﻨﻈﯿﻢ ﻓﻲ البادية اﻟﺴﻮرﯾﺔ، بحسب المصادر.

أما العراق فكان الوضع أفضل أمنيا، ولذلك كانت عمليات التهريب محدودة، وأعلن الأمن الكردي بشكل شبه اعتيادي عن اﻋﺘﻘﺎل ﻋﻨﺎﺻﺮ ﻟﻠﺘﻨﻈﯿﻢ ﻗﺒﯿﻞ ﺗﻨﻔﯿﺬ ھﺠﻤﺎﺗﮭﻢ، ﻟﻜﻦ ﻛﺎن أﺑﺮزھﺎ أواﺧﺮ 2021 ﺑﺈﻟﻘﺎء اﻟﻘﺒﺾ ﻋﻠﻰ ﻋﺪة أﺷﺨﺎص ﯾﻨﺘﻤﻮن ﻟﻠﺘﻨﻈﯿﻢ ﻣﻦ ﻣﺪﯾﻨﺔ ﺣﻠﺒﺠﺔ وﻣﺎ ﺣﻮﻟﮭﺎ ﻛﺎﻧﻮا ﯾخططون لﺗﻨﻔﯿﺬ ھﺠﻤﺎت إرھﺎﺑﯿﺔ.

أطلق تنظيم داعش خلال ٢٠٢٣ حملة لتجنيد عناصر جدد، استهدفت مقاتلين من طاجيكستان ودول آسيا الوسطى، لا سيما هؤلاء ذوي الخبرة من الجماعات الإرهابية الأخرى، بحسب ما أوردت صحيفة الغارديان.

وتكشف المعلومات الاستخباراتية الغربية التي ضُمنت في تقرير حديث للأمم المتحدة حول أنشطة داعش، أن فرعه المحلي في أفغانستان المعروف بـ"داعش خراسان" عمل على تجنيد مقاتلين بارزين من جماعة أنصار الله، وهي جماعة متطرفة مخضرمة في طاجيكستان.

وقد استخدم داعش تليغرام ومجموعة أخرى من وسائل التواصل الاجتماعي لبث الدعاية التي تستهدف الطاجيك وغيرهم في المنطقة، ويشير التقرير المقدم إلى مجلس الأمن في يناير إلى وجود

"تركيز كبير للجماعات الإرهابية في أفغانستان"

وأضاف التقرير أنه رغم انخفاض عدد هجماتها فإنه ينظر إليها على أنها أكبر تهديد داخل أفغانستان، مع القدرة على نقل هذا الخطر إلى المنطقة وخارجها، وأنه قد استخدم استراتيجية تجنيد أكثر شمولا، بما في ذلك من خلال التركيز على جذب عناصر طالبان والمقاتلين الأجانب المحبطين.

كشفت وثائق حصرية حصلت عليها بلينكس أن الجهاز الأمني لتنظيم داعش في سوريا، لعب دورا على مدى السنوات الماضية في إنشاء خلايا في دول وسط آسيا، للتخطيط لشن عمليات داخل روسيا.

في إحدى المراسلات الخاصة بتنظيم داعش والتي حصلت عليها بلينكس، يتحدث "المثنى الجزراوي" القيادي في تنظيم داعش في سوريا، عن بداية التنسيق بين التنظيم وفرعه في كازاخستان.

وتصل الوثائق إلى طلب الفرع إعلان التأييد لزعيم داعش السابق أبو إبراهيم القرشي، الذي قتل في عملية خاصة نفذها الجيش الأميركي في فبراير 2022 في إدلب.

فيما تظهر وثيقة ثالثة لجهاز الأمن في التنظيم، سيرة ذاتية لأحد العناصر السابقين في الجيش الروسي وهو من أنغوشيا الروسية ويدعى أبو سعد الأنغوشي، كان يسعى للانضمام إلى داعش.

وقد انتهى الأمر برفض طلب انتسابه أو إرسال ملفه لفرع التنظيم في العراق فإنهم سيستقبلونه إن أمّنوا طريق وصوله، أو تأجيله لوقت آخر.