كيف أصبح عمال الإغاثة أهدافا في حرب غزة؟

منذ بداية الحرب المشتعلة في قطاع غزة، تحذر منظمات إغاثية من أن نظام التنسيق فيما بينها وبين القوات الإسرائيلية معيب، ويعرّض حيوات العاملين للخطر.

هناك نماذج متعددة على تلك الخطورة، بعضها وقع قبل أشهر من استهداف قافلة مطبخ العالم التي قُتل فيها 7 عمال إغاثة.

فتقول مجموعة من المنظمات الإغاثية، من بينها الأونروا وأطباء بلا حدود، إن قوافلها ومبانيها تعرّضت لهجمات ما لا يقل عن 9 مرات، على الرغم من مشاركة إحداثياتها ومساراتها مع السلطات الإسرائيلية، بحسب صحيفة واشنطن بوست الأميركية.

بعيدا عن مناطق توزيع المساعدات ودوائر الصراع المشتعلة، تقول مؤسسات إغاثية إن مواقع إقامة موظفيها تتعرّض للهجمات كذلك، كمنظمة العون الطبي للفلسطينيين التي قالت إن مجمعا سكنيا تابعا لها في منطقة المواصي تعرّض لهجمة في يناير الماضي، ما أدى إلى تدمير المبنى بالإضافة إلى عدد من الإصابات.

في المواصي كذلك تعرّض منزل تقيم فيه أسر منظمة أطباء بلا حدود لهجوم عبر دبابة، في فبراير الماضي، ما أدى إلى مقتل زوجة أحد الموظفين وزوجة ابنه، بحسب وكالة أسوشيتد برس.

يبدأ الأمر لدى وحدة متخصصة تابعة للأمم المتحدة، تقدم إليها المنظمات الإغاثية إحداثيات مواقعها الإنسانية.

وهناك أيضا إخطارات بشأن حركة عمال الإغاثة أنفسهم، سواء في المناطق التي يوجد فيها قتال نشط أم لا.

وفي حال رغبة عمال الإغاثة في الانتقال في منطقة بها قتال نشط، عليهم تقديم البيانات قبل يوم واحد من الرحلة، بما يتضمن نقطة بدايتها ونقطة نهايتها مع معلومات عن المركبات ذاتها، والسائقين وركاب القافلة.

ترسل وحدة الأمم المتحدة المسؤولة بعد ذلك تلك المعلومات إلى "وحدة تنسيق أعمال الحكومة في المناطق"، وهي الوحدة المسؤولة عن تنسيق العمل مع وكالات الإغاثة في الجيش الإسرائيلي، التي من المفترض أن تشارك بدورها تلك المعلومات مع القوات الإسرائيلية ذاتها.

في السابق لم تسر الأمور على هذا النهج، إذ اعتادت "وحدة تنسيق أعمال الحكومة في المناطق" على لقاء مسؤولي الأمم المتحدة بصورة يومية للتنسيق فيما بينهم، كما يقول العقيد الإسرائيلي المتقاعد غريشا ياكوبوفيتش، لـ"الواشنطن بوست" الأميركية.

لكن العقيد المتقاعد يضيف أن انعدام الثقة بين الجيش الإسرائيلي من جهة والأمم المتحدة من جهة أخرى أثر في قنوات الاتصال والتنسيق بين الطرفين.

وتتهم إسرائيل أفرادا من وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين، بالضلوع في هجمة حماس في السابع من أكتوبر.

بعض المنظمات الحقوقية تعتقد أن حادثة مطبخ العالم ليست إلا تكرارا لحالات سابقة، وليست فريدة بأي حال، ومن بين هؤلاء ساريت ميخائيلي، المتحدثة باسم "بتسيلم", وهي منظمة حقوقية إسرائيلية.

وتقول ميخائيلي لوكالة أسوشيتد برس، إن الواقعة الأخيرة لفتت أنظار العالم فقط، لأن من قُتلوا "كانوا أجانب"، على حد وصفها، وأكدت في الوقت ذاته ضرورة وجود تحقيق واسع في قواعد الاشتباك.

أما تانيا الحاج حسن، وهي طبيبة تابعة لمنظمة العون الطبي للفلسطينيين، فتقول بعد قضائها أسبوعين في أحد مستشفيات غزة، إن الكثير من الإصابات الواردة تضمّنت إطلاق نار على أطفال ومسنين، الأمر الذي وصفته بأنه "ليس حالة شاذة" وإنما نمط استهداف، وأضافت: "لا أعتقد أنه يتم استهداف الأطفال على وجه التحديد، الفهم والاستنتاج اللذان تصل لهما أن الجميع أصبح هدفا".

بالنسبة لمؤسسة وورلد سنترال كيتشن التي فقدت 7 من أعضائها الأسبوع الماضي، فقد علقت عملياتها في قطاع غزة.

وفيما تُعلن مجموعات الإغاثة تعليق عملياتها، إلا أنها لا تعلن أي خطط للانسحاب التام من القطاع، فبحسب وكالة رويترز، تقول منظمات إغاثة إنه لم يعد هناك شيء إضافي يمكنها عمله لحماية أفرادها في قطاع غزة، ومن ثم فإنه يتعين على إسرائيل أن تتجنب قتلهم.

والخميس الماضي، صرّح المتحدث باسم الأمم المتحدة، ستيفان دوجاريك، بأن أحد الأمور التي من الممكن أن تحسّن نظام التنسيق الحالي هو وجود إمكانية تواصل مباشر ما بين منظمات الإغاثة والجيش الإسرائيلي، بدلا من العبور بين عدة طبقات من التنسيق المدني العسكري.