مساعدات أوكرانيا.. شراء الوقت دون النصر المنشود

بصورة رسمية، تسعى كييف لـ"تحرير" كل الأراضي التي خرجت عن سيطرتها منذ عام 2014، لكن الأمر قد يبدو غير واقعي.

ورغم قدوم المساعدات العسكرية الغربية إلى أوكرانيا التي قد تمنع إعلان هزيمتها خلال عام 2024، فإن الأشهر القليلة الماضية أظهرت خطورة اعتماد كييف المفرط على المساعدات العسكرية الأميركية، بحسب أندريوس تورسا، مستشار أوروبا الوسطى والشرقية في شركة تينيو الاستشارية لسي إن بي سي الإخبارية.

علاوة على ذلك فإن هناك نقصا في الرؤية المشتركة بين كييف وحلفائها الغربيين حول تعريف معنى النصر، وكيفية تحقيقه والموارد اللازمة لذلك، بحسب تورسا.

ولذلك فإن هناك حاجة إلى الحديث عن سيناريوهات أخرى لا تتضمن "تحرير" جميع الأراضي، ولكن هذه السيناريوهات تعتمد على الفارق الذي ستحدثه الحزمة الأخيرة، ونتائج الانتخابات الأميركية.

في هذه الحالة يمكن استنزاف روسيا ودفعها إلى التراجع خاصة في منطقتي خيرسون وزابوروجيا، وحينها يمكن فتح الباب لمحادثات وقف إطلاق النار تحصل فيه كييف على ضمانات أمنية كبيرة.

لكن في الوقت نفسه سيكون هناك توازن، إذ سيكون هناك وقف إطلاق نار دون "استعادة الأراضي القديمة، في مقابل عدم تمكن موسكو من السيطرة على المزيد من الأراضي"، بحسب الخبير العسكري الأوكراني أولكسندر موسينكو إلى "إن بي سي".

ويشير موسينكو إلى أن أوكرانيا لن تعترف أبدا بالأراضي التي ضمتها روسيا، لكن وقف إطلاق النار سيمنحها الوقت ويجعلها تحتفظ بسيادتها منتظرة الوحدة مرة أخرى على شاكلة ما حدث في ألمانيا مطلع تسعينيات القرن العشرين.

وفق التقديرات الأميركية، فإن روسيا خسرت نحو 300 ألف شخص من قوتها بين قتيل وجريح، ولا تزال لديها ميزة من ناحية الموارد البشرية، في المقابل تواجه أوكرانيا أزمة.

هذه الأزمة انعكست بصورة واضحة في قانون التعبئة العسكرية الذي أُقر في أبريل 2024، وينص على الآتي:

• تخفيض الحد الأدنى لسن التجنيد من 27 إلى 25 عاما.
• اعتماد نظام الاستدعاءات الإلكترونية.
• توقيع عقوبات قاسية على الأشخاص الذين ينتهكون قواعد التعبئة.
• يتعيّن على المواطنين المتقدمين للحصول على جوازات السفر تقديم وثائق التسجيل العسكري الخاصة بهم مثل القانون السابق.

البند الأهم يرتبط بتسريح الجنود، وينص على تسريح الذين خدموا بصورة متواصلة لمدة 36 شهرا خلال فترة الأحكام العرفية، بشرطين:

• إذا لم يكن هناك أي تصعيد في ساحة المعركة.
• إن كان لدى أوكرانيا احتياطيات بشرية كافية وجاهزة بحلول عام 2025 لاستبدال الجنود، بحسب ما كشفته رويترز.

تُضاف إلى ذلك الضغوط التي تمارسها كييف حتى على المواطنين المقيمين في الخارج، فعلقت بصورة مؤقتة الخدمات القنصلية للذكور بين 18 و60 عاما، من أجل تحديث بيانات التسجيل العسكري.

وبعد التحديث سيحصل هؤلاء المواطنون ممن يحملون وثائق تسجيل عسكري صالحة على حق الوصول الكامل إلى الخدمات القنصلية، بحسب سي إن إن.

وتظل مشكلة القوة البشرية هي الأزمة المتنامية لدى كييف، لا سيما مع تكثيف روسيا عمليات التجنيد، وإذا لم يحل هذا الأمر فإن احتمالية شن أوكرانيا هجوما مضادا واسع النطاق في عام 2025 تقل، بحسب روب لي، الباحث في معهد أبحاث السياسة الخارجية لواشنطن بوست.

يتوقّع رئيس الاستخبارات العسكرية الأوكراني كيريلو بودانوف، تفاقم الوضع قرابة منتصف مايو ومطلع يونيو، معتبرا أنها ستكون "فترة عصيبة" بالنسبة إلى أوكرانيا، بحسب فرانس برس.

وفي الوقت الذي تشن فيه روسيا هجوما للسيطرة على بلدة تشاسيف يار ذات الأهمية الاستراتيجية، فإن رئيس الأركان الأوكراني أولكسندر سيرسكي قال إن "الوضع الأكثر تعقيداً" هو في منطقة بوكروفسك وكوراخوف، إذ "يستمر القتال العنيف".

وقد أعلنت روسيا السيطرة على سيمينيفكا القريبة من بلدة أفدييفكا التي سيطرت عليها مؤخرا، وذلك بعد يوم واحد من سقوط قرية نوفوباخموتيفكا وكذلك منطقة أوتشريتيني الواقعة على المرتفعات، إذ يقول المحللون إن روسيا تسيطر على معظمها الآن.