بعد رفع سعر الخبز.. كيف تعمل منظومة الدعم في مصر؟

كشف وزير المالية المصري، محمد معيط، عن تخصيص مبلغ 635.9 مليار جنيه (نحو 13.44 مليار دولار) للدعم في الموازنة المالية الجديدة للدولة للعام المالي 2024-2025، وفقا لبيانات وزارة المالية الرسمية.

هيئة الاستعلامات العامة المصرية أشارت إلى أن الدعم الحكومي ارتفع إلى 635.9 مليار جنيه، بدلا من 529.7 مليار جنيه (11.19 مليار دولار) في موازنة العام المالي السابق، بمعدل نمو سنوي بلغ 20%.

وأكد معيط أن الحكومة متمسكة بتخفيف الأعباء عن المواطنين في إطار سياسات التعامل مع تداعيات الأزمات العالمية والإقليمية المتتالية، وآثارها السلبية في الاقتصاد المصري، من خلال التوسع في شبكة الحماية الاجتماعية.

وتخصّص مصر 134.2 مليار جنيه (2.84 مليار دولار) بالموازنة الجديدة لدعم السلع التموينية، بمعدل نمو سنوي بلغ 5.1% عن العام الماضي، و154.5 مليار جنيه (3.26 مليار دولار)، لدعم المواد البترولية بزيادة سنوية بلغت 29.4%.

وزادت الحكومة المصرية في موازنتها الجديدة من المبلغ المخصص لدعم الإسكان الاجتماعي بنسبة 16.5%، لتخصص 11.9 مليار جنيه (250 مليون دولار)، و10.1 مليار جنيه (210 ملايين دولار) لعلاج المواطنين على نفقة الدولة، بمعدل نمو سنوي بلغ 24.7%، و8.3 مليار جنيه للتأمين الصحي والأدوية المجانية بزيادة سنوية بلغت 38.3%.

وبلغت فاتورة التأمينات الاجتماعية ودعم نظام المعاشات في الموازنة العامة الجديدة لمصر نحو 215 مليار جنيه (4.54 مليار دولار)، كما خصصت الحكومة 17.5 مليار جنيه (370 مليون دولار) لدعم سعر الفائدة في التسهيلات الائتمانية لأصحاب الأنشطة الإنتاجية الصناعية والزراعية، لتشارك الدولة المستثمرين الأعباء ضمن استراتيجية تهيئة بيئة جاذبة للاستثمار، بالإضافة إلى 23 مليار جنيه (490 مليون دولار) لدعم الصادرات وتنشيطها.

يعتمد المواطن المصري بصفة أساسية على دعم الحكومة في السلع الأساسية والتموينية والخدمات المُقدمة على مستوى الإسكان والصحة والتعليم.

ونشر المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية دراسة عن أهمية الدعم في مصر، الذي يُعد بمثابة شبكة أمان تحمي الفئات الأكثر ضعفا على المستوى المالي في المجتمع، وتسهم في توفير احتياجاتهم الأساسية.

وتكمن أهمية الدعم للمواطن المصري في الحصول على السلع والخدمات الأساسية بأسعار مخفضة، بعيدا عن قيمتها الأساسية خارج نظام الحماية الاجتماعية، ما يخفّف الأعباء المادية المُلقاء على كاهل محدودي الدخل.

كما تسهم منظومة الدعم في نمو قطاعات اقتصادية معينة، مثل الزراعة والصناعة والمشروعات الصغيرة، إذ تُسهم الحكومة في تحمل الفارق في سعر الفائدة من خلال قروض ميسرة وإعفاءات ضريبية، بالإضافة إلى دعم للبنى التحتية.

وتشير الدراسة إلى أن الحماية الاجتماعية من خلال الدعم تقلل من معدلات الفقر والجريمة، وتزيد الشعور بالعدالة والمساواة بين أفراد المجتمع، وتنشر ثقافة التعاون والتضامن.

وتشمل فاتورة الدعم تقديم حماية خاصة لبعض فئات المجتمع مثل كبار السن وذوي الإعاقة والأيتام، إذ تقدم أنواعا مختلفة من المعاشات التقاعدية والدعم المالي وخدمات الرعاية الصحية، لتحسين مستوى معيشتهم وضمان حصولهم على حقوقهم الأساسية.

وضع الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، الخيار أمام شعبه في كلمة ألقاها خلال افتتاحه مشروعات تنموية في جنوب الوادي بمركز المنارة للمؤتمرات الدولية، السبت 27 مايو الجاري، بقوله: "أقطع الكهرباء ولا أغليّها؟".

الخيار الذي طرحه الرئيس المصري حول تخفيف الأحمال بانقطاع الكهرباء بصفة دورية، أو رفع سعرها، فتح الباب للحكومة من أجل الحديث بوضوح حول خطة لتخفيف الدعم خلال الفترة المقبلة في مختلف القطاعات.

وجاء قرار الحكومة برفع سعر الخبز وتخفيف فاتورة الدعم عليه، بعد يومين فقط من تصريحات السيسي.

وعن فاتورة دعم الخبر، قال وزير المالية إن الحكومة تتحمل 125 مليار جنيه سنويا من قيمة رغيف الخبز، في حين يدفع المواطن فقط 5 مليارات جنيه سنويا من قيمته، قبل رفع سعره 300%.

وكشف المتحدث الرسمي باسم مجلس الوزراء، المستشار محمد الحمصاني، عن خطة الدولة لرفع الدعم عن الوقود والمواد البترولية تدريجيا على مدار سنة ونصف، لينتهي الدعم تماما بختام عام 2025.

ورفضت الحكومة أن يكون السولار مشمولا ضمن خطة رفع الدعم نهائيا عن المواد البترولية في مصر، بسبب استخدامه في أغلب وسائل المواصلات العامة في مصر، سواء الحافلات الصغيرة والكبيرة لنقل الركاب، أو بالنسبة إلى عربات نقل البضائع والسلع والخضراوات.

وأعلنت الحكومة خطة أخرى لرفع الدعم عن الكهرباء كليا ضمن خطة تستمر 4 سنوات، تُرفع خلالها الأسعار بصورة تدريجية إلى أن تُباع الكهرباء بتكلفتها للمواطنين دون تحمل من الحكومة في موازنتها العامة.

تعتمد مصر على الاستيراد من أجل توفير احتياجاتها من المواد البترولية اللازمة لتشغيل محطات الكهرباء، التي تُباع للمواطنين، وكذلك القمح الذي يجري استيراد كميات كبيرة منه سنويا، ومع انخفاض قيمة الجنيه بصورة مستمرة في السنوات الماضية، تأثرت فاتورة الدعم في موازنة الحكومة المصرية التي تصدر بالجنيه المحلي.

في الموازنة العامة لعام 2010-2011 بلغت فاتورة الدعم 101.3 مليار جنيه مصري ما يعادل 15.58 مليار دولار، بسعر 6.5 جنيه لكل دولار وفقا لسعر الصرف آنذاك.

وارتفعت قيمة الدعم في موازنة عام 2011-2012 إلى 132.9 مليار جنيه (19 مليار دولار)، ثم تراجعت فاتورة الدعم بنسبة 15% في العام المالي 2012-2013، لتسجل 113 مليار جنيه (17.38 مليار دولار).

وسجلت موازنة عام 2013-2014 مبلغ 160.1 مليار جنيه (22.87 مليار دولار)، لسعر صرف 7 جنيهات لكل دولار، حسب بيانات البنك المركزي التاريخية لسعر الصرف عبر موقعه الرسمي.

وبعد تعويم الجنيه وارتفاع قيمة الدولار، شهد العام المالي 2017-2018 أكبر قفزة في تاريخ قيمة الدعم، بنسبة 72.8% مسجلة 222.1 مليار جنيه (13.88 مليار دولار) وفقا لسعر صرف 16 جنيها لكل دولار وقتها.

وظل الارتفاع في قيمة الدعم بالجنيه المصري مستمرا إلى أن وصل في أحدث موازنة إلى مبلغ 635.9 مليار جنيه (13.44 مليار دولار)، بسعر صرف 47.22 جنيه لكل دولار.