عين "أوديتا" على أولمبياد باريس 2024

تحقيق صحيفة لوفيغارو يقول إن حملة تُعرف باسم "أوديتا" بدأت في ألمانيا عام 2022 قبل أن تنتقل إلى فرنسا.

في ذلك الوقت، بدأت حسابات على وسائل التواصل الاجتماعي تظهر بكثافة على صفحات فيسبوك ألمانية، والغريب في الأمر، بحسب التحقيق، هو أن جميع هذه الحسابات تحمل اسما مشتركا هو "أوديتا"، وتدّعي أنها تعمل لدى شركة نتفليكس.

ولخلق انطباع بأن هذه الحسابات حقيقية، كانت تروج لرسائل سياسية واجتماعية مثيرة للجدل، مثل اتهام أوكرانيا بمنع تصدير حبوبها، وأن الحرب الروسية-الأوكرانية ستعود بالنفع على الدول الأوروبية.

ولترويج الرسائل، نشرت الحسابات أخبارا على مواقع تتظاهر بأنها حقيقية، مثل أحد العناوين المنسوب لموقع 20minutes.fr الفرنسي الشهير، لكنه في الحقيقة منشور على موقع يدعى 20minuts.com، وخبرا ثانيا نسبته هذه الحسابات لوكالة الأنباء الإيطالية Ansa.it، لكنه في الحقيقة يظهر على نطاق إنترنت مختلف هو Ansa.ltd.

لكن سرعان ما اكتشف الإعلام الألماني هذه الحملة وأطلق عليها اسم "دوبلغانغر"، وهو مصطلح يشير إلى "الشبيه الخبيث" في الفولكلور الألماني.

من جهتها، اكتشفت شركة ميتا، الشركة الأم لفيسبوك، أن هذه الحسابات مرتبطة بشركات روسية متخصصة في التسويق وتطوير المواقع الإلكترونية، مثل Struktura، وSocial Design Agency التي تتعامل معها عدة وزارات ومؤسسات حكومية روسية.

وقالت هيئة مراقبة المعلومات المضللة الخارجية الفرنسية "فيجينوم" في فبراير إنها اكتشفت حملة تضليل مخطط لها في فرنسا وألمانيا وبولندا مرتبطة بالذكرى الثانية للحرب الروسية الأوكرانية، وانتخابات الاتحاد الأوروبي الحالية، والتي أطلقت عليها اسم "بورتال كومبات"، وفقا لبوليتيكو.

يُظهر تقرير آخر صادر عن مركز تحليل التهديدات التابع لشركة مايكروسوفت أن مجموعة روسية فاعلة في مجال الإنترنت تدعى "ستورم-1679"، استهدفت الألعاب الأولمبية بشكل مباشر.

يتضمن التقرير بعض التفاصيل عن استخدام أدوات تقنية متقدمة، بما في ذلك الذكاء الاصطناعي، لإنشاء مقاطع فيديو وتقارير مزيفة تهدف إلى تشويه سمعة اللجنة الأولمبية الدولية وإثارة الخوف بين المشاركين والجمهور.

كما أنتجت وضخمت "ستورم-1679" مقاطع فيديو خيالية ومقاطع إخبارية وبيانات صحافية، تزعم أن المخاوف من وقوع حوادث إرهابية خلقت موجة من إلغاء التذاكر، ودفعت الباريسيين للتهافت على شراء وثائق تأمين على ممتلكاتهم، وفقا لفرانس برس.

ومع اقتراب موعد حفل افتتاح الأولمبياد في 26 يوليو، تتوقع مايكروسوفت أن تشتد حدة حملة التضليل مع استخدام المزيد من اللغات والمنصّات الإعلامية.

يفيد تحقيق مايكروسوفت بأن لروسيا تاريخا طويلا في محاولة تقويض الأحداث الرياضية الدولية، لا سيما عندما تكون مشاركتها محدودة أو مشروطة.

في العديد من الألعاب الأولمبية السابقة، مُنع الرياضيون الروس من المشاركة تحت العلم الروسي بسبب فضيحة تعاطي المنشطات أو بسبب الحرب في أوكرانيا.

واستجابة لذلك، تتجه روسيا نحو تشويه سمعة اللجنة الأولمبية الدولية والبلدان المستضيفة من خلال محاولة التأثير على عقول المشاركين والمشاهدين والجماهير حول العالم.

استبعدت اللجنة الأولمبية الدولية روسيا في ديسمبر الماضي من المشاركة في أولمبياد 2024، لكنها أعطت الضوء الأخضر للرياضيين الروس والبيلاروس للمنافسة كمشاركين محايدين، طالما أنهم لا يدعمون بشكل واضح الحرب الروسية في أوكرانيا.

وخُفّفت القيود الأولمبية العام الماضي، ما سمح للرياضيين من كلا البلدين بالعودة إلى المنافسة في ظل ظروف معينة. ومع ذلك، ظلوا ممنوعين من المشاركة في منافسات ألعاب القوى.

تفيد مجلة ذا أتلانتيك بأن حملات التضليل قديمة، إذ شاركت الولايات المتحدة في بعض منها ضد الاتحاد السوفيتي خلال الحرب الباردة.

شملت هذه الحملات دعم وتمويل إذاعات مثل "راديو أوروبا الحرة" و"راديو ليبرتي" لبث دعاية مناهضة للشيوعية داخل الاتحاد السوفيتي وبلدان أوروبا الشرقية، وفقا لمعهد ويلسن.

كما أطلقت الاستخبارات المركزية الأميركية في الستينيات عملية سرية تدعى "استراتيجية الفوضى" وتهدف إلى مراقبة وتعطيل الحركات المناهضة للحرب وحركات الحقوق المدنية من خلال نشر معلومات زائفة عن علاقة هذه الجماعات بالاتحاد السوفيتي والمنظمات الشيوعية، وفقا لموقع هيستوري.

وفي الثمانينيات، خلال الحرب السوفيتية في أفغانستان، دعمت الولايات المتحدة المقاتلين الأفغان، بما في ذلك نشر دعاية لتشويه سمعة السوفيت وإبراز إخفاقاتهم العسكرية وانتهاكات حقوق الإنسان، حسب ما ذكرت جاكلين فيتزجيبون في كتابها "السياسة الأمريكية والدعاية والمجاهدين الأفغان: السياسة الداخلية والحرب الأفغانية".