هل فشلت فرنسا في "الصورة المثالية" للأولمبياد؟

قبل ساعات من افتتاح حفل الأولمبياد الجمعة 26 يوليو، أعلنت شركة السكك الحديدية الحكومية الفرنسية "SNCF" في بيان رسمي، تحويل عدد كبير من القطارات أو إلغاؤها، وطلبت من جميع المسافرين والركاب القادرين على تأجيل رحلاتهم فورا، وعدم الذهاب إلى المحطة.

إعلان سكك الحديد الفرنسية تسبب في قلق كبير، وأسفر عن حالة اضطراب واسعة النطاق، بعد التأكيد على تعرض خطوط القطارات لتخريب واضح، لتعطيل حركة السفر قبل حفل الافتتاح.

والإثنين قال وزير الداخلية الفرنسي جيرالد دارمانان إن باريس تشتبه في أن يكون متطرفون من أقصى اليسار وراء التخريب الذي استهدف شبكة القطارات فائقة السرعة الأسبوع الماضي قبل بدء الألعاب الأولمبية.

وقال وزير النقل باتريس فيرجريت لإذاعة (آر.تي.إل) إن جميع القطارات عادت إلى العمل بحلول صباح الإثنين 29 يوليو، بعدما عملت مختلف الفرق بلا انقطاع خلال عطلة الأسبوع من أجل إصلاح الأضرار.

وقال مصدر استخباراتي لشبكة سي إن إن إن أجهزة الاستخبارات الفرنسية مستنفرة بالكامل من أجل البحث عن المسؤولين عن حادث السكك الحديدية، ومنع أي أعمال تخريبية أخرى خلال الأولمبياد.

وفي ظل التأمين غير المسبوق في شوارع باريس، تعرض أيقونة كرة القدم البرازيلية زيكو للسرقة، بعد قيام أحد اللصوص بالاستيلاء على حقيبته التي تحتوي على مقتنيات بقيمة 420 ألف جنيه إسترليني.

وأشارت التقارير إلى أن زيكو كان قد غادر فندق إقامته في باريس، وسافر بحقيبة تحتوي على عقد من الألماس، ومبالغ مالية، وساعة رولكس فاخرة، وأثناء رحلته بسيارة أجرة "تاكسي" اقترب منه شخص شتت انتباه السائق ليقترب شخص آخر من مؤخرة السيارة ويختطف الحقيقة ويفر هاربا.

ولم تنتشر عصابات السرقة في الشوارع فقط، فقد أعلن الاتحاد الأرجنتيني لكرة القدم، تعرض معسكر المنتخب للسرقة، قبل مباراته الأولى في البطولة ضد المنتخب المغربي.

وقال خافيير ماسكيرانو المدير الفني للأرجنتين، إن مقر تدريب الفريق تعرض للسرقة بالكامل، مؤكدا أن مثل هذه الأمور غير مُريحة في تجمع رياضي مثل الأولمبياد، كاشفا عن ساعة فاخرة سُرقت من لاعب الوسط تياغو ألمادا، وفقا لما نشرته "واشنطن بوست".

وقال مكتب المدعي العام في سانت إتيان، إن الوفد الأرجنتين بالفعل ذهاب إلى قسم شرطة في ليون وتقدم بشكوى رسمية، لإثبات حالة السرقة التي تعرض لها فريق كرة القدم.

ونشر موقع تايمز أوف إسرائيل تلقي أعضاء من بعثة إسرائيل في باريس تهديدات مباشرة في القتل، عن طريق رسائل عبر البريد الإلكتروني استهدفت 3 رياضيين.

وقامت فرنسا بتكثيف الحماية للبعثة الإسرائيلية بكل تنقلاتها في العاصمة باريس، وبدأت التحقيقات لمعرفة مصدر التهديدات، بينما أشارت النتائج الأولية إلى أن الأمر ليس له علاقة بإيران أو دول أجنبية أخرى.

وأعلنت الشرطة الفرنسية تعرض شبكة الألياف البصرية للتخريب في أماكن متفرقة، الأمر الذي أثر سلبا على شبكة الاتصالات والإنترنت في البلاد.

اعتمدت فرنسا في حفل الافتتاح على المظهر المُبهر لنهر السين، وقدمته كأحد أهم معالمها التي يجب الاستفادة منها في إظهار صورة مثالية مُبهرة عن البلد المُنظم، لكن ما حدث للنهر بعد ذلك كان صادما.

وتعرض نهر السين لتلوث كبير، أدى إلى إلغاء تدريبات السباحة، اليوم الاثنين، إذ كان مقررا خوض لاعبي رياضة "ترايثلون" حصص تدريبية في النهر بباريس، وفقا لشبكة بي بي سي.

والثلاثاء 30 يوليو، قالت اللجنة المنظمة لأولمبياد باريس إن سباق الرجال للترايثلون لن يقام كما كان مقررا بسبب مستويات التلوث في نهر السين.

وأجل السباق إلى الأربعاء مباشرة بعد سباق السيدات المقرر في الثامنة من صباح ذلك اليوم.

وقال المنظمون في وقت سابق إنهم واثقون من تحسن جودة المياه في الوقت المناسب للسباق بعد الأمطار الغزيرة التي هطلت يومي الجمعة والسبت الماضيين والتي تسببت في تلويث النهر.

وكان تدريبا آخر قد ألغي يوم الأحد الماضي، بسبب التلوث، ولم يتم تدارك الأمر ليُلغى تمرين اليوم التالي، مع ضبابية في الرؤية حول الموعد الذي تعود خلاله التدريبات.

وحددت اللجنة المنظمة مسبقا يومين للطوارئ، هما 1 و2 أغسطس المُقبل، لإقامة منافسات السباحة في نهر السين، في حالة حدوث أي شيء يؤجل موعدها الأول.

وتعتمد منافسات الترايثلون على ثلاثة ألعاب، هي السباحة وركوب الدراجات والركض، وفي حالة استمرار تلوث النهر "المُبهر" ستلغى منافسات السباحة وسيتم الاكتفاء بالدراجات والركض، ليُعد ذلك فشلا واضحا في التنظيم تسبب في إلغاء منافسة أساسية في الدورة الأولمبية.

وأظهرت الاختبارات التي أجريت في شهر يوليو الجاري، نظافة نهر السين، وعدم تعرضه للتلوث، لكن اللجنة المنظمة قالت إن هطول الأمطار تسبب في انخفاض جودة الماء.

وكانت انتقادات واسعة قد وجهت إلى فرنسا حول تلوث نهر السين المُعتاد، لتقوم عمدة باريس، آن هيدالغو، بتنفيذ وعدها القديم بالسباحة في النهر لإثبات نظافته وعدم تعرضه للتلوث قبل أيام من افتتاح الأولمبياد.

وقالت هيدالغو في تصريحات نقلتها إي بي نيوز إن المياه جيدة للغاية، وأن سباحتها في النهر كان حلما، وشهادة على إنجاز فرنسا الكثير من العمل الشاق.

اتفق الكثير من الجمهور والمسؤولين حول العالم، بأن حفل الافتتاح الذي اعتمدته فرنسا لدورة الألعاب الأولمبية لم يكن موفقا إلى حد كبير، واتهمه البعض بالسخرية من الديانة المسيحية.

زعماء الكنيسة الكاثوليكية في فرنسا، قالوا إن حفل الافتتاح شهد سخرية واضحة واستهزاء بالمسيحية، وذلك بعد عرض هزلي لـ"العشاء الأخير" للسيد المسيح، الأمر الذي أغضب الكثير من المسيحيين حول العالم.

وأصدرت اللجنة المنظمة للحفل بيانا، أكدت خلاله أن مشهد حفل الافتتاح لم يكن أبدا مستوحى من العشاء الأخير، ولم يكن هدفه السخرية أو الإساءة للدين المسيحي.

ودفع الأمر شركة "C Spire" ومقرها ميسيسبي، لاتخاذ قرار بسحب إعلاناتها من بث الألعاب الأولمبية، ووصف المتحدث الرسمي لها مايك جونس، مشهد العشاء الأخير في حفل الافتتاح بـ"المروع والمهين للمسيحيين"، وفقا لصحيفة نيويورك تايمز.

وقال المدير الفني لحفل الافتتاح توماس جولي إن المقصود لم يكن تخريب الحفل والتسبب في صدمة للناس أو السخرية من معتقداتهم بكل تأكيد، مضيفا: "إذا شعر الناس بأي إساءة، فنحن حقا آسفون".

وأضاف جولي في مقابلة تلفزيونية مع شبكة "BFMTV" الفرنسية، إن المشهد ضم ديونيسوس، وهو إله الاحتفالات والنبيذ في الحضارة اليونانية القديمة، وهو والد سيكوانا، إلهة نهر السين، لكن بالنسبة للبعض كان هناك تشابها مع لوحة دافنشي، العشاء الأخير، وهو مشهد لا يمكن إنكاره.

ورفض المؤرخ الفني والأستاذ الفخري في الجامعة الوطنية الأسترالية، ساشا جرين، تبريرات اللجنة المنظمة ومدير الحفل، قائلا إن فكرة الشخصية المركزية مع مجموعة من الأتباع على الجانبين، هي تطابق واضع لأيقونة "العشاء الأخير".