إسرائيل تعزل جنين عن الحياة

لليوم الرابع تواليا، واصل الجيش الإسرائيلي، السبت، عمليته العسكرية الواسعة في الضفة الغربية. وتركزت المعارك في مخيم جنين.

على مسافة غير بعيدة من الشارع الذي وقفت فيه فايزة أبوجعفر، قُتل رجل ثمانيني برصاصة قناص إسرائيلي، وفق ما يقول سكان. وقتل في العملية التي يقول الجيش إنها "لمكافحة الإرهاب"، 20 فلسطينيا.

ومنذ الأربعاء، دفع الجيش الإسرائيلي بعربات مدرعة مدعومة بسلاح الجو إلى جنين وطولكرم وطوباس ومخيماتها.

وجرفت الآليات العسكرية الأسفلت عن الطرق، ما تسبّب بتدمير البنى التحتية. وأمكن السبت رؤية تلال صغيرة من التراب والأسفلت على جوانب هذه الطرق، بالإضافة إلى دمار وفجوات في الأبنية.

ويقول الجيش الإسرائيلي إن أنابيب المياه تحت الأرض ثُقبت عن طريق الخطأ، في حين كان يحاول البحث عن عبوات على جانبي الطرق، لكنّ سكانا يؤكدون أن الأمر متعمّد.

وتشهد الضفة الغربية توغلات إسرائيلية منتظمة. لكن من النادر أن تُنفذ بشكل متزامن في مدن عدّة، وبإسناد جوي، كما يحدث منذ الأربعاء.

ومنذ بدء الحرب بين إسرائيل وحماس في قطاع غزة، ازدادت أعمال العنف في الضفة الغربية.

وأفاد مصور لوكالة "فرانس برس" في جنين السبت، بأن أصوات إطلاق النار تُسمع في أنحاء المدينة، بينما خلت الشوارع تقريبا من الحركة، باستثناء العربات العسكرية الإسرائيلية، مشيرا إلى تحليق طائرات مسيّرة في أجوائها.

وقف مجدي المهدي يتفقّد سيارتين ودراجة نارية، سُحقت تحت كومة من الركام والمعادن المتناثرة من جرافات عسكرية.

ووصف ما حدث بأنه "حرب"، مضيفا "أقاموا ثكنة عسكرية قبالتنا، وكانوا يُحضرون الشبان إليها للتحقيق معهم".

وقال طاهر السعدي: "نحن معزولون عن العالم الخارجي تماما".

وأضاف: "المياه والكهرباء مقطوعة، كل البنية التحتية دُمّرت. لم تبقَ بنية تحتية".

وتابع "جميع مقومات الحياة هنا معدومة. لا يوجد خبز. نحن نعيش بصعوبة. لا يوجد حليب، والمواد الغذائية مقطوعة بشكل نهائي".

يقول محافظ جنين، كامل أبوالرب: "لا نعرف بالضبط ما الذي يحدث هناك".

وبحسب أبوالرب، هناك "إجراءات إسرائيلية بمحاصرة المستشفيات وتقسيم المدينة والمخيم إلى مربّعات، واعتبارها مناطق عسكرية مغلقة".

وتابع: "لا يسمح للإسعاف ولا الدفاع المدني ولا الصحافيين بالدخول والخروج حتى نعرف حقيقة ما يجري".

كان مخيم جنين مركز الانتفاضة الفلسطينية الثانية ضد إسرائيل في مطلع الألفية الثانية.

في عام 2002، حاصر الجيش الإسرائيلي المخيم لأكثر من شهر، وسط قتال شرس، سُوّيت خلاله مئات المنازل بالأرض، فيما قتل 52 فلسطينيا و23 جنديا إسرائيليا.

ويُعرف المخيم بأنه معقل "للمقاومة" الفلسطينية في الضفة الغربية.

وقارن أبوالرب ما يحدث اليوم بـ2002، مشيرا إلى أن هذه العملية "تذكّرنا بذلك، من حيث العدد (..)، ومن حيث تدمير البنية التحتية وإطلاق النار على الأبرياء".