باراك حيرام.. قائد غزة الجديد الذي يدرب ضباطه في مسلخ

في عام 2007 عندما كان باراك حيرام، قائدا لمدرسة تدريب وحدة الكوماندوز، إيغوز، قرر الضابط المصاب حديثا بجروح خطيرة في حرب لبنان، تدريب طلابه داخل حظيرة حيوانات.

حيرام أدخل المنضمين الجدد لمدرسة الكوماندوز إلى مسلخ وأمرهم بالنظر مباشرة لعمليات ذبح الأبقار والأغنام، ما أثار اشمئزاز واعتراض آباء الجنود الذين اشتكوا من تصرفه، حسب ما نقلت صحيفة هآرتس.

لكن حيرام صمم على طريقته في التدريب وقال إن هذه "جولة تعليمية تكميلية مهمة، تهدف إلى تقوية جنوده وتجهيزهم لمواجهة مشاهد الحرب".

أحد زملاء حيرام برر تصرفه للصحيفة بالقول إنه "أراد تعويد قواته على مناظر الدماء والجثث".

زميل آخر لحيرام قال إن القائد العسكري الجديد لفرقة غزة، كان يعبر عن آراء "يمينية شرسة تشابه آراء الحاخام المدان بالإرهاب مائير كاهانا"، فيما أشار زميل ثالث إلى أن "إسرائيل الكبرى كانت جزءا من رؤيته حتى في المدرسة الثانوية".

صديقه المقرب في المدرسة عمير بروكمان يشرح رؤية صديقه بالقول: "يرى أن إسرائيل هي أجمل مكان في العالم".

تربى حيرام في عائلة ميسورة الحال من المهندسين، ودرس في مدرسة ريلاي العبرية العلمانية المرموقة في حيفا، ولكن مع ذلك، اختار قضاء وقته مع أطفال الحريديم شديدي التدين.

وبمجرد وصوله إلى مرحلة الشباب غادر حيفا والحياة المدنية، ليسكن في منزل متنقل صغير في بؤرة استيطانية معزولة في الضفة الغربية.

هناك، تعلم حيرام اللغة العربية بطلاقة وتقرّب من المستوطنين وأصبح شديد التدين قبل انضمامه للجيش، وشارك في حرب لبنان عام 2006 حيث لحقت به إصابة خطيرة، كما فقد 5 من زملائه الجنود.

وفي مارس 2022، قال حيرام للمجندين الجدد في لواء غولاني في حفل أداء القسم الذي أقامه عند الحائط الغربي في القدس "الكتاب المقدس هو مصدر حياتنا، وحقنا في هذه الأرض".

ما قد ينتظر غزة تحت قيادة حيرام العسكرية خلال الأيام المقبلة، عبّر عنه في مقابلة مع القناة 12 قبل الاجتياح البري بـ24 ساعة، عندما قال: "أنا خائف جدا من أنه إذا تراجعنا وحاولنا إجراء المفاوضات مع الفلسطينيين، فسنكون عرضة للوقوع في فخ يقيد أيدينا ولن يسمح لنا بفعل ما هو مطلوب: وهو الدخول إلى غزة وقتلهم".

قصف حيرام المنزل الذي احتجز فيه الأسرى يوم 7 أكتوبر، ونسفه جامعة الإسراء، وتصريحاته العدوانية تجاه المجتمع الإسرائيلي نفسه جعلته محط انتقادات من قطاع عريض في المجتمع الإسرائيلي. فكتبت زعيمة حزب العمل السابقة شيلي يحيموفيتش مقالا في صحيفة يديعوت أحرونوت، هاجمت فيه العميد حيرام بالقول: "أبطال إسرائيل يدافعون عن أطفال إسرائيل، ولا يقتلونهم".

لكن على الجانب الآخر، كانت تلك الحادثة المثيرة للجدل، هي السبب المباشر لاحتفاء اليمين الإسرائيلي بالعميد الشاب والإشادة بجرأته.

عاميت سيجال، المعلق السياسي اليميني الأشهر في إسرائيل قال إن "الجيش يحتاج للمزيد من حيرام، وعدد أقل بكثير من ضباط لا يمتلكون زمام المبادرة".

وغرّد وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير "نحن بحاجة إلى المزيد من أمثاله"، بينما وصفه وزير المالية المتشدد بتسلئيل سموتريتش بأنه "بطل إسرائيل".

ووصل الأمر لترشيح حيرام لمنصب السكرتير العسكري لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو شخصياً، وهو أحد المناصب المرموقة للغاية في إسرائيل.

جامعة الإسراء كانت أحدث جامعات غزة وتم تصميمها على طراز المعمار الإسلامي القديم، وكان يجري تجهيزها لافتتاح متحف لتخليد التاريخ والثقافة الفلسطينية.

الجيش الإسرائيلي احتل الجامعة عند اجتياحه مدينة الزهراء في القطاع، واستخدمها كقاعدة لتمركز الجنود، واعتقال واستجواب الفلسطينيين.

وفي يوم 17 يناير، نشرت وسائل إعلام إسرائيلية مقطع فيديو لنسف الجامعة من الداخل بألغام وقنابل زرعها الجنود في قلب المبنى، بعد إحراق مكتبتها ونهب القطع الأثرية البالغ عددها نحو 3000 قطعة يعود تاريخ بعضها للعصور الرومانية والبيزنطية.

تسبب هذا المشهد الذي أشرف عليه باراك حيرام في إحراج دولي لإسرائيل، لأن تدمير مؤسسة تعليمية دون مبرر عسكري يعتبر جريمة حرب، ما دفع الجيش للتبرؤ من حيرام، قائلا إنه تصرف من تلقاء نفسه، وإنه خالف القوانين الإسرائيلية نفسها قبل القانون الدولي. مع ذلك، لم يتعرض حيرام لأي عقوبات، واكتفى الجيش بتوبيخه.

كما أفلت حيرام من تفجير الجامعة، أفلت من الحادث الأول من خلال تقرير أصدره الجيش، قال فيه إن قوات الأمن ومتطوعي منظمة زاكا لم يحافظوا على مسرح الجريمة بشكل لائق ونقلوا الجثث على عجالة.

أوضح التقرير أنه لم يتسنَ للجيش التحقق إذا كان سبب وفاة الرهائن هو قرار حيرام بقصف المنزل أم أنهم قتلوا على يد مسلحي حماس قبل القصف. وبناءً على ذلك، خلص التحقيق إلى تبرئة العقيد حيرام، رغم اعترافه أن هذا الحادث "غير مسبوق".