"منيو المعتقلين" يفجر أزمة داخل إسرائيل

"منيو" الطعام، الذي زعم الجيش أنه يقدّمه إلى الأسرى الفلسطينيين في سديه تيمان، محسوب بدقة شديدة، بحساب السعرات الحرارية اللازمة لإبقاء إنسان على قيد الحياة.

القائمة تضم مثلث جبن واحدا صغيرا، و100 غرام زبادي أو لبن و30 غرام مربى و150 غرام خضار و150 غرام فاكهة و80 غرام سمك تونة معلب يوميا، وزعم الجيش أنه يقدم مرتين أسبوعيا وجبة من البروتين والكربوهيدرات؛ مثل النقانق أو البطاطس أو كرات اللحم أو فطيرة المعكرونة، بالإضافة لـ18-23 شريحة خبز.

وعندما تُقدَّم وجبة الكربوهيدرات، يحذف الجيش التونة من القائمة، ويخفّض عدد أرغفة الخبز المقدّم للأسرى.

هذا المنيو يصف أفضل الحالات؛ لأنه محاولة من الجيش للدفاع عن نفسه أمام المحكمة، لذلك لا يعبر عن الواقع بالضرورة، خاصة أن جميع الأسرى المفرج عنهم تبدو عليهم أعراض الهزال ونقصان الوزن الحاد من التجويع وسوء المعاملة.

القناة 13 وثقت قبل 6 أشهر أوضاع الأسرى في السجون الإسرائيلية، وتفاخر السجّانون حينها أنهم فقط يقدمون للأسرى كميات صغيرة من الأرز الأبيض، مطبوخ من دون ملح أو أي نكهة، وحمص حب منقوع في ماء غير مطبوخ.

بينما يقول بعض الأسرى أنفسهم إنهم كانوا يحصلون على "5 غرامات أرز في اليوم"، وإن حارس الغرفة كان يبصق في الطعام أحيانا، ويتبوَّل فوقه في أحيان أخرى.

وقالوا إنهم كانوا يحصلون على ما بين "10 إلى 12 حبة فاصولياء مع قطع من الملفوف، من السابعة صباحا حتى وقت العشاء".

قائمة طعام سديه تيمان، التي نشرها الجيش، تشمل فقط "المعتقلين الأمنيين"، أي من تشتبه إسرائيل بأنهم أعضاء في فصيل فلسطيني، مثل حماس أو الجهاد.

ولكن لا تشمل القائمة "الموقوفين للاستجواب" الذين يتم اعتقالهم من غزة لفترات طويلة مفتوحة، دون أن يكون هناك أي اشتباه بانضمامهم لأي منظمة مسلحة.

الحكومة الإسرائيلية قالت يوم الخميس، للمحكمة العليا، إن هناك فقط 24 معتقلا رسميا في سديه تيمان، مقارنة بـ28 في بداية أغسطس، وإن هناك 10 معتقلين جدد وصلوا إلى المعتقل في الأيام الأربعة الماضية، ولا يزال 7 منهم في عملية "الاستجواب الأولى".

لكن إسرائيل اعتقلت في سديه تيمان أكثر من 14 ألفا و500 فلسطيني منذ 7 أكتوبر، وهو ما يعني أن إسرائيل لا تُحصي مَن تعتقلهم تحت بند "الاستجواب"، ولا تصدر إحصاءات عنهم، ولا يشملهم "منيو" الطعام المزعوم.

علاوةً على ذلك، فإنّ المعتقلين تحت بند "الاستجواب" يكونون في العادة مقيّدي الأيدي والأقدام ومعصوبي الأعين، بحسب صحيفة تايمز أوف إسرائيل.

الإسرائيليون يعدّون على الفلسطينيين أنفاسهم حرفيا داخل السجون وخارجها. فحتى في غزة، تعُدّ إسرائيل السعرات الحرارية المسموح بدخولها للقطاع أو نوع الطعام الذي يأكله سكان القطاع أو الأماكن المسموح لهم بالسكن فيها أو كيفية ممارسة حياتهم اليومية خلال الحرب.

حتى نتنياهو تفاخر أمام الكونغرس الأميركي أن إسرائيل تسمح لأهل غزة بالحصول على 3300 سعرة حرارية يوميا، في حين منظمة أوكسفام الدولية تقول إن عدد السعرات الحقيقي الذي يحصل عليه سكان الشمال لا يتجاوز 245 سعرة يوميا.

قبل 4 أشهر، انفجرت في إسرائيل موجة غضب عارمة، إثر ظهور مقطع فيديو من غزة، يوثّق قيام النازحين بالاصطفاف على شواطئ بحر غزة.

وقال الصحافي يهودا شليسنيغر في القناة 12، الأكثر مشاهدة في إسرائيل، إن تلك المشاهد كانت "صعبة على روحه" وأثارت غضبه، لأن أهل غزة من المفترض فقط أن يعانون من "الموت المؤلم"، لا أن "يستمتعوا" على البحر، على حد تعبيره.