معاملة خاصة خلف القضبان.. هل يبقى سلامة بالسجن؟

حاليا، يخضع سلامة للتوقيف في ثكنة المقر العام التابعة لقوى الأمن الداخلي في منطقة الأشرفية، وقد نُقل عبر سيارة خاصة إلى هناك معززة بحماية أمنية.

مصادر متابعة لملف سلامة قالت لبلينكس إن قرار نقل حاكم مصرف لبنان السابق من قصر عدل بيروت حيث جرى توقيفه، جاء لدواع أمنية.

وأكدت المصادر أن سلامة يمكث وحيدا الآن في طابق أودعَ فيه سابقا 4 ضباط لبنانيين عام 2005 من بينهم النائب الحالي جميل السيد، وذلك إثر اتهامهم بالتورط بجريمة اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق، رفيق الحريري.

وتفيد معلومات بلينكس بأن سلامة يحظى برعاية جيدة، كما أُحضرت ملابس خاصة له مع مستلزمات شخصية من أحد منازله.

المحامي اللبناني وديع عقل، المتابع لملف رياض سلامة، أوضح لبلينكس أنه:

• قبل نحو 8 سنوات، تعاقد مصرف لبنان المركزي مع شركة تُسمى "أوبتيموم" للوساطة، وذلك بعد ظهور اسم شركة فوري التي تعامل معها البنك المركزي في وثائق بنما الشهيرة عام 2015.

• كانت علاقة مصرف لبنان مع "أوبتيموم" تتمحور في بيع وشراء سندات خزينة وشهادات إيداع، ونتيجة هذه العمليات كان البنك المركزي يسجل أرباحا وهمية يتم إيداعها في حساب للعمولات ضمن البنك المركزي ومن ثم يجري تحويلها إلى حسابات أخرى.

• قبل سنوات، حين بدأت شركة "الفاريز آند مارسال" تدقيقا جنائيا في لبنان، اكتُشف وجود عمولات، وتبين أن هناك مبلغا بقيمة 111 مليون دولار في مصرف لبنان، جرى تحويله عبر مصارف لبنانية وأجنبية لصالح حسابات أخرى كان سلامة على علم بها، ما يشكل جرم اختلاس مال عام وإثراء غير مشروع وتبييض أموال.

• إثر ذلك، جاءت شركة "كرول" للتدقيق، فاكتشفت 45 عملية تحويل إضافية بمبلغ تراكمي قيمته 8 مليارات دولار.

• بعد انكشاف هذا الأمر، طلبت المدعي العام في جبل لبنان، القاضية غادة عون، توقيف رياض سلامة، إلا أنه جرى كف يدها عن ملفه. بعد ذلك، عُيّن القاضي الحجار الذي تولى الملف.

من جهتها، قالت وكالة رويترز أن سلامة اتهم بالحصول على أكثر من 110 ملايين دولار عبر جرائم مالية تشمل شركة "أوبتيموم".

الرئيسة التنفيذية للشركة اللبنانية، رين عبود، قالت إن "أوبتيموم" لم تستدعَ إلى جلسة التحقيق مع سلامة في ما يتعلق بتعاملاتها مع الأخير.

ونقلت رويترز عن عبود قولها إن "الشركة سمعت بتوقيف سلامة من وسائل الإعلام وإنها أجرت تدقيقا ماليا في وقت سابق هذا العام لتعاملاتها مع مصرف لبنان المركزي ولم تجد أي دليل على ارتكاب الشركة أي مخالفات".

يقول عقل لبلينكس إن مدة الـ4 أيام التي تحدث عنها القاضي الحجار هي "توقيف إحتياطي"، مشيرا إلى أنه بعد ذلك يُحال الملف أمام قاضي التحقيق الأول في بيروت بلال حلاوي، فإما أن يتخذ الأخير قرارا بتسطير مذكرة توقيف وجاهية بحق سلامة أو إخلاء سبيله بناء على المعطيات المتوافرة لديه.

هنا، يبرز سؤال إضافي.. هل من الممكن إطالة أمد التوقيف الاحتياطي لما يزيد عن 4 أيام قبل إصدار أي قرار آخر؟ في السياق، يجيب عقل قائلا إن أي قرار في هذا الإطار يأتي من النيابة العامة التمييزية، شرط أن يكون مُعللا ومبررا.

سلامة ملاحق من قبل "الإنتربول" بموجب مذكرتي توقيف، الأولى ألمانية والثانية فرنسية.

وخلال شهر يونيو الماضي، أسقطت ألمانيا مذكرة التوقيف بحق سلامة، إلا أن مذكرة التوقيف الفرنسية ما زالت قائمة وهي مرتبطة بملفات مالية.

بالإضافة إلى ذلك، فإن الدولة اللبنانية ما زالت تحتجز جواز سفر سلامة، كما أنها لم تلغ حجزها على أملاكه في ألمانيا.

وسبق أن خضع سلامة لتحقيقات في لبنان لكنه لم يجرِ توقيفه.. فما السبب؟ في هذا الإطار، يقول المحامي عقل إنه بعد انتهاء ولايته في يوليو 2023، ادعى مدعي عام التمييز السابق غسان عويدات على سلامة في ملف شركة "فوري" التي ارتبط اسم شقيق الأخير رجا سلامة بها. إثر ذلك، جرى تحويل الملف إلى قاضي التحقيق الأول في بيروت سابقا شربل أبي سمرا، لكن الأخير ترك سلامة حرا طليقا.

بدوره، يرد أبي سمرا عبر بلينكس على هذا الأمر ويقول إنه سبق أن أقام 6 جلسات تنفيذ استنابات قضائية أوروبية بحق سلامة، مشيرا إلى أنه في هذه الحالة، أي خلال تنفيذ الاستنابات، لا يمكنه توقيف الشخص المذكور، وذلك عملا بمضامين القضاء الأوروبي.

وتابع "أما على صعيد ملفات سلامة لدى القضاء اللبناني، فإنني أقمت 3 جلسات لكن الملف توقف قبل نهاية التحقيق والسبب هو ادعاء هيئة القضايا اللبنانية على سلامة لارتكابه جرائم عدة، منها جرائم اختلاس المال العام وإثراء غير مشروع وتزوير وتهرّب ضريبي".

وأكمل "أيضا، جرى نقل الملف إلى قاضي تحقيق آخر، علما أن التحقيق حينها لديّ لم يكن قد انتهى، وكان من الممكن إصدار قرار بتوقيف سلامة من عدمه بناء للمعطيات التي ستكون متوافرة في حينه".

سيمضي سلامة مدة التوقيف الاحتياطي، علما أنها قابلة للتجديد، ويقول عقل إن قرار قاضي التحقيق الأول في بيروت سيصدر بشأن شركة "أوبتيموم" التي تم توقيف سلامة على أساس ملفها، فيما يأمل أن يتم فتح ملفات أخرى ليتم اتخاذ قرارات أخرى.

أيضا، يرجح عقل أن يفتح ملف توقيف سلامة الباب أمام طلب دول عدة لديها ملفات ضد سلامة، التحقيق معه موقوفا.

وقال "يمكن أن تصل إلى لبنان مراسلة قضائية تطلب إرسال وفد قضائي للتوسع في التحقيق مع سلامة في مكان توقيفه داخل لبنان".