"خيام تغرق وأخرى تطير".. أسوأ كوابيس "محمد" في شتاء غزة

بعد أن أحس محمد بطاح بارتفاع منسوب المياه كثيرا في الشارع الذي ينصب فيه خيمته، أمسك بما يعرف بـ"الكريك" وهو مجرفة طويلة، وبدأ بإزالة المياه وما جمعتها من أوساخ.

يقول محمد لبلينكس: "خيمتي فيها كل شيء، أغراضنا وملابسنا، إذا غرقت لن يبقى لنا شيء"، مضيفا: "حتى لو نقلت الخيمة لمكان آخر، فالمطر على الجميع والغرق سيكون للجميع".

يبلغ عدد النازحين خارج منازلهم في قطاع غزة 1.9 مليون نازح، الغالبية العظمى منهم يعيشون في خيام تفتقر إلى مقومات الحياة الآدمية، حسب ما أوردت وكالة رويترز. ويتركز تواجد النازحين في وسط قطاع غزة في منطقتي دير البلح وخان يونس.

يستذكر محمد فرحته مع أطفاله وعائلته بالمطر خلال السنوات السابقة: "في 2022 بدأ المطر في شهر أكتوبر وكنا سعداء به وبرائحة التراب المبلول، بدأنا نخرج الملابس الشتوية، ونستمتع بالجو".

في شتاء 2023 لم تكن إسرائيل قد توغلت نحو دير البلح والمناطق المحيطة بها، لذلك هذا أول شتاء تقضيه عائلة محمد بطاح في خيمة.

على الجهة المقابلة، يعتبر شتاء 2024 الشتاء الثاني الذي يعيشه نازحو الشمال في الخيام، فتهجير أهالي شمال غزة بدأ بعد توغل إسرائيل بريا في القطاع في 28 أكتوبر ودفعهم نحو الوسط والجنوب، ليسكنوا الخيام في أواخر 2023.

عند سؤال محمد بطاح، ماذا ستفعل بالشتاء؟ أجاب: "لا أعرف"، وأكمل: "كل ما أفكر فيه هو ألا يشعر أطفالي بالبرد وألا تغرق خيمتنا". وفي محاولة لمنع غرقها يحاول محمد بالطين والرمل أن يضع حاجزا بين الشارع وجدار خيمته، كي يمنع مجرى الماء الذي يكونه المطر من جرف الخيمة أو الدخول إليها.

ليس المطر فقط ما يؤرق محمد وبقية النازحين، فالرياح الشتوية القوية، كما يصفها محمد يمكن أن تقتلع الخيام من مكانها أو على الأقل تقذف بسقفها بعيدا. سقف خيمة محمد يتكون من القماش، والرياح تجعله غير ثابت، رغم محاولات تثبيته بالمسامير في الخشب الذي يشكل هيكل الخيمة.

خيام أخرى يتكون سقفها من البلاستيك، وهذا ما يجعلها أكثر برودة وأكثر عرضة لتجمع الماء في سقفها، حسب ما يقول محمد لبلينكس. وانتشر على مواقع التواصل فيديوهات لخيام في خان يونس تتطاير جدرانها بفعل الرياح القوية التي صاحبت المطر في 16 سبتمبر الجاري.

أوامر الإخلاء التي أصدرها الجيش الإسرائيلي لأهالي قطاع غزة، معظمها كانت تحدد مناطق قريبة من البحر كمناطق آمنة، وكانت تطلب من أهالي القطاع أن يأخذوا شارع الرشيد المحاذي للبحر طريقا لهم فهو "الممر الآمن" حسب إعلان الجيش الإسرائيلي، لذلك يتركز أغلب النازحين على شاطئ البحر الذي غالبا يكون بعيدا عن مناطق القتال.

تظهر صور وفيديوهات مدى اقتراب الخيام من شاطئ البحر، وهو ما يعني غرقها وتعرض سكانها للأذى على الأقل من مياه البحر التي يرتفع منسوبها مع تساقط أمطار الشتاء عادة، وخاصة مع نشاط حركة الرياح التي تغير من منسوب الأمواج.

"سواء كنت تسكن على الشاطئ أو لا، فغرق الخيمة يمكن أن يحدث" يشرح محمد بطاح، الذي أكد أن الأهم من ذلك، هو الأمراض التي ترافق فصل الشتاء، فالأطفال يلعبون بالمياه وبالتالي ترتفع احتمالية إصابتهم بنزلات البرد والأنفلونزا، "ولا توجد أدوية تكفي الجميع".