شبح "صفر انبعاثات" يُدخل الأوروبيين في نفق مظلم

جاء تحذير شركات تصنيع السيارات بعد يوم من تصريحات رئيسة الوزراء الإيطالية، جورجيا ميلوني، التي وصفت فيها حظر تصنيع السيارات ذات محركات الاحتراق الداخلي بأنه "سياسة مدمرة ذاتيا"، محذرة من أنه قد يؤدي إلى "تدمير آلاف الوظائف، أو تفكيك قطاعات صناعية كاملة".

ووجدت تصريحات ميلوني صدى واسعا لدى السياسيين في أوروبا، خاصة في دول مثل ألمانيا ودول أوروبا الشرقية التي تعتمد بشكل كبير على صناعة السيارات.

وإذا فشلت شركات صناعة السيارات في تلبية معايير القوانين الجديدة للانبعاثات الكربونية، بحلول نهاية عام 2024، فسيتم تغريمها مبلغ 95 يورو لكل غرام من ثاني أكسيد الكربون، لكل كيلومتر، لكل مركبة غير متوافقة تباع في الاتحاد الأوروبي، وفقا لمجلة بوليتيكو.

وتؤكد ورقة أعدتها شركة رينو أنه إذا بقيت حصة السوق الحالية للسيارات الكهربائية كما هي حتى عام 2025، فإن الشركات المصنعة للسيارات والشاحنات الصغيرة قد تواجه غرامات تصل إلى 13 مليار يورو بسبب القوانين الجديدة. ووفقا للورقة، فإن الشركات تحتاج إلى أن تصل حصتها السوقية إلى نحو 20-22% للامتثال للوائح، إلا أن هذه الحصة توقفت عند أقل من 15%.

أكدت شركات السيارات الأوروبية أنها لا ترغب في إبطاء التحول نحو السيارات النظيفة، لكن التراجع الكبير في مبيعات السيارات الكهربائية قد يؤثر بشكل كبير على إنتاجها، إذ انخفضت تسجيلات السيارات الكهربائية الجديدة في الاتحاد الأوروبي بنسبة 44% في أغسطس، مقارنة بالعام السابق، وفقا لإحصائيات الرابطة.

ويعود انخفاض المبيعات إلى أسباب مترابطة حددها جون هايز، محاضر في الهندسة الكهربائية والإلكترونية بجامعة كورك، في:

• التحديات الاقتصادية المتزايدة: مع الارتفاع الكبير في تكاليف المعيشة والإسكان في العديد من الدول، يجد الكثيرون صعوبة في اتخاذ قرار شراء سيارة كهربائية، على الرغم من التوجه نحو استخدام الطاقة النظيفة.
• تحديات البنية التحتية: تعاني البنية التحتية العامة لشحن السيارات الكهربائية مشكلات كبيرة. يجد العديد من السائقين صعوبة في العثور على محطات شحن عامة تعمل بشكل جيد أو متوفرة بسهولة، مما يزيد من مشاعر القلق والشك لدى المستهلكين.
• تحديات استراتيجية: وضع أهداف طموحة وغير واقعية من قبل بعض الحكومات لزيادة عدد السيارات الكهربائية على الطرق، مثل هدف الوصول إلى مليون سيارة كهربائية، بحلول عام 2030. هذه الأهداف تواجه تحديات كبيرة بسبب نقص الاستثمار في البنية التحتية اللازمة وزيادة تكاليف الكهرباء.

سيغريد دي فريس، المديرة العامة لرابطة شركات السيارات الأوروبية، صرحت لصحيفة فاينانشال تايمز، بأن هناك ضرورة ملحة للاعتراف بوجود مشكلة يجب حلها قبل حلول عام 2025، وإلا فإن العواقب ستكون خطيرة على صناعة السيارات.

وأضافت أن الاتحاد الأوروبي وضع حدودا لانبعاثات السيارات، لكنه لم يوفر حوافز كافية للمستهلكين لشراء السيارات الكهربائية. وعلى الرغم من وجود بعض الحوافز المتاحة بالفعل، فإنها تظل غير كافية لتحفيز الطلب بالقدر المطلوب.

ولتشجيع مبيعات السيارات الكهربائية، تقدم الحكومات بعض الحوافز المالية، مثل التخفيضات الضريبية والمساعدات المباشرة. فعلى سبيل المثال، تقدم ألمانيا خصومات ضريبية تصل إلى 40% للشركات عند شراء السيارات الكهربائية، وفقا لرويترز.

إلى جانب الحوافز المالية، تقدم بعض الحكومات أيضا حوافز غير مالية لتشجيع شراء السيارات الكهربائية. ففي النرويج، تم تخفيض رسوم مواقف السيارات لأصحاب السيارات الكهربائية، كما يُسمح لهم باستخدام مسارات الحافلات العامة.