انتخابات الإنترنت.. هاريس التقليدية ضد AI ترامب

شهدت المناظرة الأولى، وربما تكون الوحيدة، بين هاريس وترامب، مجادلة حول الذكاء الاصطناعي، وانتقلا للحديث عن التكنولوجيا والصين والرقائق الإلكترونية، لكن هذا النقاش أظهر للجميع استراتيجية كل طرفٍ في الاعتماد على الـAI.

وبيَّنت المناظرة أن الحزب الجمهوري يعتمد في كثيرٍ من الأحيان على الذكاء الاصطناعي لتوضيح وجهات النظر السياسية، وعلى العكس تماما بالنسبة إلى الحزب الديمقراطي الذي لا يفعل ذلك.

ويعتمد ترامب على الذكاء الاصطناعي لصنع صور طريفة، تقوم بدور كبير في الدعاية الانتخابية له، كان آخرها مع كلبيْن يحملان لافتات التصويت له.

وقبل المناظرة، غرَّد ترامب جونيور، بصور لوالده وهو يمتطي قطة عملاقة ويحمل مسدسا، مع تعليق "أنقذوا الحيوانات الأليفة"، وعلق مجددا في يوم المناظرة: "إنهم يعرفون من يشجعون الليلة"، مع صورةٍ لثلاث قطط وبطة تشاهد المناظرة.

وأشارت صحيفة "الغارديان" إلى أن الجمهوريين ربما يستخدمون مولد الصور بالذكاء الاصطناعي GORK الذي طوّره إيلون ماسك، بالإضافة إلى وسائل أخرى متعددة، وذلك من أجل مساعدة ترامب على إيصال وجهات نظره بشكل واضح.

وغرّد الحساب الرسمي للجنة القضاء بمجلس النواب الأميركي من الجمهوريين بصورة لحيوانات في الماء وعلى الشاطئ، مع تعليق "أنقذوهم"، وشارك إيلون ماسك، الرئيس التنفيذي لمنصة إكس، والداعم القوي لترامب، منشورات دونالد المصنوعة بالذكاء الاصطناعي مع إيماءات ضاحكة.

وهكذا، بات الذّكاء الاصطناعي سلاحا قويا في حسابات الجمهوريين ومؤيّدي ترامب على مواقع التواصل الاجتماعي، ومن المتوقّع أن يزداد استخدامه بكثافة أكبر قبل الانتخابات.

الاستخدام المكثّف للذكاء الاصطناعي بتركيب الصور للمشاهير يزيد من احتمالات وجود أخطاء قد تتسبب في فضائح بعد ذلك، وهو ما حدث للجمهوريين مع المغنية الأميركية تايلور سويفت.

تايلور، التي تُعد أشهر امرأة على الكوكب، وتحظى بمتابعة 284 مليون شخص على منصة "إنستغرام" فقط، أصدرت بيانا استنكرت خلاله إظهارها في صور بالذكاء الاصطناعي تدعم ترامب، ووصفت ذلك بالمعلومات المضللة غير الصحيحة.

وأشارت سويفت إلى أنها مضطرّة لإعلان موقفها بالانتخابات المقبلة، وأكدت أنها ستمنح صوتها لكامالا هاريس، معللة: "لأنها تناضل من أجل الحقوق والقضايا التي تحتاج إلى محاربٍ للدفاع عنها، وهي زعيمة موهوبة وثابتة".

واضطر ترامب للرد على سويفت، وقال إنه لا يعرف شيئا عن صور المغنية الشهيرة التي انتشرت على منصّته "Truth Social"، مشيرا إلى أن شخصا آخر صنعها، وليس هو نفسه.

أما هاريس فلم تنشر أي صورٍ بواسطة الذكاء الاصطناعي، وكذلك حملتها الانتخابية والمؤثرون من الحزب الديمقراطي، مكتفين بنقل الأخبار والصور الحقيقية، الحالية والقديمة فقط.

وفي ظل النشاط المكثف لترامب والجمهوريين باستخدام الـAI، اتخذت هاريس طريقا عكسيا تماما، ونشرت صورا قديمة لها من طفولتها مع أجدادها في الهند.

ويجد الذكاء الاصطناعي صعوبة في تحقيق التوازن بين التفاصيل التي يمكن إضافتها على الصور القديمة، ما يكسبها أصالة وسحرا خاصا بها، يصعب تقليده أو التعديل عليه.

وبشكل عام، تعتبر هاريس تقليدية في التعامل مع التكنولوجيا، إذ التُقطت صورٌ عديدةٌ لها تستخدم الهاتف بوضعه على أذنيها، بدلا من استخدام السماعات المتطورة الحديثة اللاسلكية، إذ تسعى حملتها للتركيز على كونها مرشحة تُركز على الواقعية.

أما ترامب، فقدَّم نفسه على أنه مرشّح الـAI، الأمر الذي أثار بعض الشّكوك حول تحالفه مع بعض شركات الذكاء الاصطناعي، بعد أن تبنّى بشكل قوي كل الأدوات التكنولوجية الجديدة في حملته وكذلك المحيطون به وحملته والمؤثّرون في حزبه.

وتحظى الصور، التي يصنعها ترامب بالذكاء الاصطناعي، تفاعلا كبيرا على مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة، الأمر الذي يُشجّعه على صناعة وتقديم المزيد منها.

وربما صنعت هاريس حليفا قويا؛ مثل تايلور سويفت بشعبيتها الطاغية، بعدم استخدام الذكاء الاصطناعي والاعتماد على الأصالة والواقعية.

وتسعى هاريس لأن يراها الناخبون كشخصية واقعية بعيدا عن التحريف بواسطة الـAI، بينما يريد ترامب أن يقدّم نفسه بشكل أكثر عصرية، وبلمحات ساخرة أحيانا، تتوافق مع شخصيته.