سياسة
.
دبلوماسية مكثفة تقودها الولايات المتحدة منذ سنة تقريبا في غزة، لكنها أصبحت تحت اختبار حقيقي مع تصاعد خطر تحول صراع إسرائيل وحزب الله في لبنان إلى حرب إقليمية شاملة.
الرئيس الأميركي جو بايدن يواجه سلسلة من الأزمات في الشرق الأوسط والتي من المرجح أن تستعصي على الحل قبل مغادرته منصبه في يناير، ومن المؤكد أنها ستلطخ إرثه في السياسة الخارجية، بحسب محللين ودبلوماسيين تحدثوا مع وكالة رويترز.
عانى بايدن على مدار عام تقريبا من أجل تحقيق التوازن في حركته بين "دعم إسرائيل ضد حركة حماس في غزة" و"إسرائيل ضد جماعة حزب الله"، من جانب، وبين "محاولته احتواء الخسائر في صفوف المدنيين ومنع اتساع نطاق الصراع في الشرق الأوسط".
فمن لبنان إلى غزة، كيف يواجه بايدن آخر أيامه الصعبة؟
واجه بايدن مرارا أوجه القصور في هذه الاستراتيجية، كان آخرها رفض إسرائيل، الخميس 26 سبتمبر، لمقترح تدعمه الولايات المتحدة بإعلان هدنة مدتها 21 يوما مع حزب الله بينما تواصل إسرائيل شن ضربات قتلت مئات اللبنانيين.
تراجع رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، الجمعة، حين أقر أن فرقا إسرائيلية عقدت اجتماعات لمناقشة مقترحات أميركية لوقف إطلاق النار مع لبنان، وأنها ستواصل المناقشات في الأيام المقبلة، مضيفا أنه "يقدّر الجهود الأميركية".
ضابط المخابرات الوطنية السابق لشؤون المنطقة في الحكومة الأميركية، جوناثان بانيكوف أعتبر أن المشهد يعكس مدى عمق النفوذ الأميركي في المنطقة حين قال: "ما نراه هو حدود قوة الولايات المتحدة ونفوذها في الشرق الأوسط"، حسب ما نقلت عن وكالة رويترز.
وعلى مدى ما يقرب من عام، سعت الولايات المتحدة دون جدوى إلى التوسط في اتفاق بين إسرائيل وحماس لوقف القتال وتبادل الأسرى، في وقت أكدت فيه مصادر لرويترز أنه لا يوجد أي تقدم وشيك.
يسارع المسؤولون الأميركيون إلى إلقاء اللوم في فشل المفاوضات على حماس، لكن بعضهم أشاروا أيضا إلى تغيير نتنياهو للمطالب.
خلال الزيارات التسع التي قام بها وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، إلى المنطقة منذ السابع من أكتوبر، وجد الدبلوماسي الأميركي نفسه على خلاف عدة مرات مع كبار القادة الإسرائيليين.
في إحدى المناسبات في نوفمبر الماضي، حث بلينكن في مؤتمر صحفي إسرائيل على وقف هجومها العسكري في غزة للسماح بدخول المساعدات إلى الفلسطينيين. وبعد لحظات، رفض نتنياهو الفكرة في بيان أذاعه التلفزيون وقال فيه إنه أوضح لبلينكن أن إسرائيل ستواصل عملياتها "بكل قوة".
نسب زعماء غربيون الفضل إلى بايدن في تنشيط التحالفات الرئيسية للولايات المتحدة، بما في ذلك مع حلف شمال الأطلسي وكبار الشركاء الآسيويين.
تجلى ذلك في أبريل عندما حشدت إدارة بايدن الدعم من الشركاء الإقليميين والأوروبيين للمساعدة في الدفاع عن إسرائيل في مواجهة هجوم إيراني بطائرات مسيرة وصواريخ.
لكن بعض الدبلوماسيين الأجانب قالوا لوكالة رويترز، إن تعامل بايدن مع الأوضاع في الشرق الأوسط المضطرب، وخاصة في طريقة الاستجابة لحرب غزة، أضعف مصداقية الولايات المتحدة على الساحة الدولية.
أحد المسؤولين الغربيين قال للوكالة: "كان الخطأ الأصلي الذي ارتكبه الرئيس بايدن هو القول إن الولايات المتحدة ستقف إلى جانب إسرائيل مهما كلف الأمر. ولم نتعافَ من ذلك".
الدبلوماسية الأميركية "فشلت في ترهيب الخصوم"، هكذا عبر ذات المسؤول عن رأيه بما تفعله الولايات المتحدة، مشيرا إلى أن بايدن أرسل أصولا عسكرية إلى المنطقة بعد السابع من أكتوبر كتحذير لإيران والجماعات المتحالفة معها لكن يبدو أن ذلك لم يردعها على الإطلاق.
نائب مساعد وزير الدفاع السابق لشؤون الشرق الأوسط في عهد إدارة ترامب، مايكل مولروي يعتقد أن بايدن "كان بإمكانه أن يكون أسرع في الرد أكثر صرامة في مواجهة هذه الهجمات التي يشنها وكلاء إيران".
رفض المسؤولون الأميركيون مرارا مثل هذه الانتقادات قائلين إن دبلوماسيتهم أحدثت فرقا نحو الأفضل وإن الانتشار العسكري الأميركي في المنطقة ساعد حتى الآن في تجنب اتساع نطاق الصراع في غزة إلى حرب إقليمية.
في الأمم المتحدة حيث أيد مجلس الأمن في يونيو مقترح بايدن للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة مقابل إطلاق سراح الرهائن، هناك دلائل على أن الصبر على الدبلوماسية الأميركية في الشرق الأوسط ينفد.
إقليميا، يرى وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي، أن الجهود المبذولة لوقف العنف في الشرق الأوسط تمثل "عاما من الفشل" وإنه إذا لم تتم محاسبة الحكومة الإسرائيلية فإنها لن تستمع إلى القانون الدولي "وإنها لا تستمع إلى أصدقائها بما في ذلك الولايات المتحدة".
مع تهديد إسرائيل بشن هجوم بري في لبنان ومواصلة الضغط على حزب الله المتحالف مع إيران من أجل إعادة آلاف الإسرائيليين إلى منازلهم في الشمال، فإن الأزمة هناك قد تتفاقم أيضا.
قد يكون لمسار الصراع في لبنان تداعيات أخرى ليس فقط على إرث بايدن، ولكن أيضا على الحملة الرئاسية لنائبته كاملا هاريس. وبعض الناخبين الديمقراطيين التقدميين غاضبون بالفعل من الدعم الأميركي الراسخ لإسرائيل.
لهذا، تتجه الأنظار إلى نتنياهو لمعرفة ما إذا كان سيستجيب لدعوات بايدن لتجنب المزيد من التصعيد في لبنان، خاصة مع بقاء ٤ أشهر فقط لبايدن في منصبه، إذ توقع المحللون أن يرث خليفته الأزمات الحالية.
© 2024 blinx. جميع الحقوق محفوظة