بعد خصام.. إسرائيل تعلن أنطونيو غوتيريش "شخصا غير مرغوب فيه"

وزير الخارجية الإسرائيلي يسرائيل كاتس قال الأربعاء إن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش "شخصا غير مرغوب فيه"، ما يعني منعه من دخول البلاد ردا على عدم إدانته الهجوم الصاروخي الإيراني على إسرائيل.

وقال وزير الخارجية في بيان إن "أي شخص لا يمكنه إدانة الهجوم الإيراني الشنيع على إسرائيل لا يستحق أن يُسمح بأن تطأ قدماه التراب الإسرائيلي. هذا أمين عام معاد لإسرائيل يدعم الإرهابيين والمغتصبين والقتلة".

وكان نتنياهو قد صرح خلال كلمته أمام الجمعية العامة: "إلى أن يتم التخلص من هذا المستنقع المعادي للسامية، سيبقى الأشخاص المنصفون في أنحاء العالم ينظرون إلى الأمم المتحدة على أنها ليست أكثر من مهزلة مثيرة للازدراء".

وخاضت إسرائيل لسنوات حروبا كلامية مع منظمات أممية مختلفة، إلا أن هذا العام شهدت اتهامات متكررة من داخل نظام الأمم المتحدة لإسرائيل بارتكاب "إبادة جماعية"، في حرب غزة، حين ردت إسرائيل باتهام المنظمة بالتحيز، واتهام الأمين العام أنطونيو غوتيريش، شخصيا بالتواطئ مع الإرهاب.

الآن، تشعر إسرائيل "بالخيانة" من جانب الأمم المتحدة، كما ورد على لسان سفيرها لدى المنظمة في جنيف، دانييل ميرون، في حديثه لوكالة فرانس برس.

لكن حتى قبل هجوم حماس، واندلاع الحرب في غزة، لطالما اشتكت إسرائيل من تحيز الأمم المتحدة، مشيرة على سبيل المثال إلى العدد الهائل من القرارات التي تستهدفها، فمنذ إنشاء مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في عام 2006، استهدف أكثر من ثلث قرارات الإدانة التي تجاوزت 300 قرار إسرائيل، كما أشار ميرون، ووصف هذا بأنه "مذهل".

في المقابل، يسلط المنتقدون الضوء على أنه منذ الوقت الذي مهد فيه تصويت الجمعية العامة الطريق لإقامة إسرائيل في عام 1948، تجاهلت حكومتها العديد من قرارات الأمم المتحدة وأحكام المحاكم الدولية، دون عواقب.

فتجاهلت إسرائيل القرار 194 الذي يضمن حق العودة للفلسطينيين الذين هجروا عام 1948 من الأراضي التي احتلتها إسرائيل أو الحصول على التعويض، كما تجاهلت الأحكام التي تدين استيلاءها بالقوة على الأراضي وضم القدس الشرقية بعد حرب عام 1967، وسياسة الاستيطان المستمرة والمتوسعة في الضفة الغربية، من بين أمور أخرى.

وقال أستاذ علم الاجتماع السياسي في معهد جنيف للدراسات العليا، ريكاردو بوكو، لوكالة فرانس برس إنه من خلال السماح لإسرائيل بالمضي في "عدم الامتثال للقانون الدولي، فإن الغرب يجعل الإسرائيليين يعتقدون أنهم فوق القانون الدولي".

بعد حرب غزة، بدأ مستوى جديد من الاحتكاكات بين المنظمة وإسرائيل، حيث أطلقت المحاكم والمجالس والوكالات والطواقم التابعة للأمم المتحدة وابلا من الإدانات والانتقادات لحملة القصف المدمر والعمليات البرية التي أطلقتها إسرائيل في غزة متوعدة بـ"القضاء" على حماس.

في المقابل استهدفت إسرائيل بشكل خاص وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين الأونروا، حيث اتهمت أعضاء الوكالة بالتواطؤ مع حركة حماس، بل والمشاركة في هجوم السابع من أكتوبر ومن ثم شهدت الوكالة سلسلة من تخفيضات التمويل.

واتهم المفوض العام للأونروا فيليب لازاريني، إسرائيل بالرغبة في "تفكيك ممنهج" للأونروا التي شهدت تدمير العديد من بناها التحتية في قطاع غزة، حيث قُتل 220 موظفا.

لكن غضب إسرائيل طال منظومة الأمم المتحدة بالكامل، وصولا حتى إلى أمينها العام، فبعد فترة وجيزة من اندلاع الحرب بدأت تظهر دعوات إسرائيلية لاستقالة غوتيريش، وذلك بعد أن أكد في تصريحات أن "الشعب الفلسطيني خضع مدى 56 عاما للاحتلال الخانق"، مشددا على أهمية الإقرار بأن "هجمات حماس لم تأت من فراغ".

ويرى أستاذ التاريخ والسياسة الدولية في معهد الدراسات العليا في جنيف، سايروس شايغ، أنه "حصل تدهور كبير" في العلاقة، موضحا انها "انتقلت من سيء إلى سيء حقا".

ويحذر خبراء من أن تجاهل إسرائيل للأمم المتحدة يهدد الاحترام الأوسع للمنظمة، بين هؤلاء الخبير الأممي في مجال الحق في مياه الشرب، بيدرو أروجو أغودو، الذي أكد أن هناك عواقب مترتبة على "اتخاذ هيئات الأمم المتحدة قرارات من غير أن يتم احترام أي شيء".

وأضاف "نحن نفجر الأمم المتحدة إذا لم نتصرف".

وترى المتحدثة باسم مكتب حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، رافينا شمداساني، أن انعدام المساءلة في أزمة الشرق الأوسط يبدو أنه جعل "أطراف الصراع أكثر وقاحة".

وقالت لوكالة فرانس برس: "حذرنا عدة مرات والآن هناك انطباع بأن الإفلات من العقاب هو السائد".

في الوقت ذاته أسفت شمداساني على الهجمات المتزايدة على هيئات الأمم المتحدة وموظفيها الذين يعبرون عن قلقهم إزاء الوضع معتبرة أن هذا "أمر غير مقبول".

ومؤخرا، اعتبرت مقررة الأمم المتحدة الخاصة لحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية، فرانشيسكا ألبانيزي، أن إسرائيل أصبحت "منبوذة"، لكن جراء آرائها، تواجه ألبانيزي انتقادات شديدة ودعوات من إسرائيل لطردها، وسط اتهاماتها المتكررة لإسرائيل بارتكاب "إبادة جماعية" في غزة.

زادت ألبانيزي من نبرتها المنتقدة لإسرائيل،عندما سألت الصحافيين الأسبوع الماضي: "هل ينبغي أن يكون هناك اعتبار لعضويتها كجزء من هذه المنظمة التي يبدو أن إسرائيل لا تحترمها على الإطلاق؟".

وهاجم السفير الإسرائيلي ألبانيزي ووصفها بأنها "معادية للسامية وتشكل إحراجا حقيقيا للأمم المتحدة".