سياسة
.
تحذير رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، هرتسي هاليفي، الثلاثاء، لإيران من مغبة إطلاق صواريخ باليستية على إسرائيل، واحتمال رد من تل أبيب بـ"قدرات لم تستخدمها" في ضربات الـ25 من أكتوبر، أعاد الجدل داخل الأوساط السياسية والشعبية في العراق حول استخدام إسرائيل الأجواء العراقية خلال الهجوم الأخير على إيران.
رغم تقديم بغداد مذكرة احتجاج رسمية إلى الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة، وإلى مجلس الأمن بهذا الشأن، إلا أن المؤكد لبعض العراقيين أن واشنطن "تكيل بمكيالين"، ولا تلتزم ببنود الاتفاقات المبرمة مع بغداد، وتحديدا اتفاق الإطار الاستراتيجي الثنائي، لحماية أجوائها، وهو ما قد يدفع الفصائل العراقية باستهداف القوات الأميركية المتمركزة في العراق.
فماذا تقول الحكومة العراقية حول الالتزامات الأميركية تجاهها؟ وهل تتحول الأجواء العراقية إلى ساحة للحرب مع استمرار التهديدات الإسرائيلية بالرد في حال أطلقت إيران صواريخ باليستية على إسرائيل؟
لجنة الأمن والدفاع النيابية في مجلس النواب العراقي، أكدت أن الهجمات الإسرائيلية على إيران تمت عن طريق الأجواء العراقية التي تسيطر عليها أميركا، فيما أشارت إلى أن "الأمر أصبح مباحا للفصائل المسلحة العراقية باستهداف القوات الأميركية".
وقال رئيس اللجنة كريم عليوي المحمداوي، في بيان إن "إسرائيل استهدفت إيران عن طريق الأجواء العراقية، والأجواء العراقية مسيطر عليها من قبل قوات التحالف وأميركا بالذات".
وأضاف أن "أميركا تكيل بمكيالين، فإنها من جانب حامية للأجواء العراقية مثل ما تعتقد وتضرب إيران وتسمح لإسرائيل بضرب إيران من داخل الأجواء العراقية، وهذا خلاف للمواثيق والأعراف ونعرف ماذا تريد من هذا الأمر".
وأوضح أن "الحكومة العراقية تضغط على الفصائل بأن لا تضرب أميركا، باعتبار أن هناك انسحابا سيكون خلال الفترة المقبلة".
وختم المحمداوي قائلا "الأمر أصبح مباحا لدى الفصائل بضرب القوات الأميركية داخل العراق، باعتبارها هي التي خرقت الأجواء وهي التي خرقت المواثيق والتعهدات مع الحكومة العراقية".
في المقابل، أدانت ميليشيا حزب الله العراق الهجوم الإسرائيلي على إيران، معتبرة استخدام الأجواء العراقية سابقة خطيرة.
وفي بيان لها، الإثنين، حذرت كتائب حزب الله العراق، من "تكرار" الهجوم وحمّلت الولايات المتحدة مسؤولية التعدي على سيادة العراق، مهددة بالردّ في الزمان والمكان المناسبين.
ولفتت إلى عوامل خطرة عدة يجب الوقوف عندها، أهمّها "استخدام الأجواء العراقية لتوجيه ضربات لمنشآت إيرانية، وتكرارها على موجات استمرت لساعات".
وحمّلت الولايات المتحدّة "مسؤولية الاستهتار باستخدام الأجواء العراقية".
من جهته، حذر رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، هرتسي هاليفي، الثلاثاء، إيران من إطلاق صواريخ باليستية على إسرائيل، متوعدا في حال قامت بذلك بالرد باستخدام "قدرات لم نستخدمها" في ضربات الأسبوع الماضي.
وقال هاليفي، من قاعدة رامون الجوية في جنوب إسرائيل، "إذا ارتكبت إيران الخطأ وأطلقت وابلا آخر من الصواريخ على إسرائيل، فسنعرف مرة أخرى كيفية الوصول إلى إيران، وهذه المرة، بقدرات لم نستخدمها، وسنضرب بقوة شديدة القدرات والأماكن التي لم نقصفها".
كشف عضو لجنة الأمن والدفاع النيابية حسين العامري، الثلاثاء، عن توجيه سؤال نيابي لرئيس الحكومة العراقية، محمد شياع السوداني، بسبب استخدام الأجواء العراقية من قبل إسرائيل في ضرب إيران.
وقال العامري إن "اللجنة وجهت سؤالا نيابيا للقائد العام للقوات المسلحة وقيادة العمليات المشتركة لمعرفة من سمح لـ(إسرائيل) انتهاك السيادة الوطنية".
وأضاف أن مهاجمة "إيران تمثل انتهاكا واضحا من قبل اسرائيل"، لافتا إلى أن "الأجواء العراقية ليست ساحة للحرب".
واعتبر العامري أن "الجانب الأميركي يتحمل المسؤولية الكاملة عن انتهاك إسرائيل لسيادة الأجواء العراقية لضرب إيران".
كان رئيس الحكومة قد أصدر توجيهات لوزارة الخارجية "بالتواصل مع الجانب الأميركي، بشأن هذا الخرق، طبقا لبنود اتفاق الإطار الاستراتيجي الثنائي، والتزام الولايات المتحدة تجاه أمن وسيادة العراق".
ودعا خبراء أمنيون لمحاسبة من "فتح الأجواء العراقية" أمام الطائرات الإسرائيلية التي ضربت مواقع عسكرية في إيران، منتقدين اتفاقية الشراكة مع الولايات المتحدة التي سمحت بتدخل الأخيرة بشؤون العراق.
الخبير الأمني جمال الأسدي أشار إلى اتفاقية باريس 1919، واتفاقية شيكاغو 1944 التي نظمت موضوع المجال الجوي للدول، والعراق عضو ومنضم إليها منذ 1944، موضحا أن هذه الاتفاقيات "تحول دون اختراق المجال الجوي المحدد لكل دولة".
الأسدي أوضح أن "الجميع يعلم أن أقصى ارتفاع ممكن أن تصل إليه الطائرات الحربية لإسرائيل وهي (طائراتF35)، 50 ألف قدم (أكثر من 15 كيلومتر) عن مستوى سطح الأرض، وهذا المجال هو من ضمن المجال الجوي الذي يفترض أن يكون تحت سلطة السيادة العراقية".
وأضاف الأسدي وهو مفتش سابق في وزارة الداخلية، أن "الاتفاقية الأمنية مع الولايات المتحدة أتاحت لهم (لأميركا) التدخل بالشؤون الداخلية للعراق بحجة محاربة (تنظيم داعش)، وأسباب أخرى تنظيمية، وهذه الأسباب أدت إلى انتهاك الأجواء العراقية بصورة متكررة".
واعتبر الأسدي أن هذه الانتهاكات الكبيرة والخطيرة هي "أعمال مجرمة وفقا للقوانين والاتفاقيات الدولية، وأن القاعدة العامة هي أنه لا يحق لطائرة عسكرية أجنبية اختراق أجواء دولية إلا بأذن مسبق".
وقال إن "العراق في مثل هذه الانتهاكات يمكن أن يفاضل بين مواقف عدة؛ تتراوح بين تجاهل هذه الانتهاكات، وهذا يعد تهاونا في شأن السيادة الوطنية، أو تمارس دورها الطبيعي في استخدام حق الدفاع عن البلد في مواجهة أي مخاطر، سواء بالرد العسكري داخل الأجواء العراقية أو محاولة ذلك على الأقل".
وسط كل الجدل الدائر والاتهامات، نفت السفيرة الأميركية في بغداد، إلينا رومانسكي، الثلاثاء، فرض الولايات المتحدة سيطرتها على سماء العراق.
وذكرت رومانسكي، خلال استضافتها في ندوة حوارية على هامش ملتقى مؤسسة الشرق الأوسط للبحوث (MERI) المنعقد في مدينة أربيل، أن "أميركا لم تشترك في هجوم إسرائيل على إيران"، مضيفة أن "العراق بلد ذو سيادة، ولم نفرض سيطرتنا على أجوائه".
وأضافت: "نحن نسعى إلى تمكين العراق من أن يستخدم مصادر طاقته وثرواته بشكل عصري، ومفيد يعود بالنفع له"، مردفة بالقول: "نحن نرغب بتحسين شبكة الكهرباء في العراق من أجل ألا تستمر معاناة العراقيين في مجال نقص الطاقة".
وبما يتعلق بتواجد قوات بلادها في العراق، قالت السفيرة إن "قوات بلادها متواجدة في العراق للقضاء على بقايا تنظيم داعش"، مستدركة بالقول إن "بغداد اتخذت قرارا بنقل العلاقات من المجال العسكري إلى مجالات أخرى، وتسعى الولايات المتحدة إلى تمكين القوات العراقية من الأخذ بزمام الأمور في ترسيخ الأمن".
وأكدت أن "رئيس الوزراء، محمد شياع السوداني، قد أبلغ أميركا بأن القرار الأمني بشأن العراق، الحكومة هي من تصدره حصريا"، ونوه بأن "العراق بلد مهم يمكنه أن يساهم بشكل كبير في استقرار المنطقة".
أكد عضو لجنة الأمن والدفاع البرلمانية علي نعمة في حديث صحفي، أن "العراق لا يملك لغاية الآن أي منظومات دفاع جوي حديثة ومتطورة يمكن لها كشف أي اختراق للأجواء عبر الطائرات الحربية والصواريخ، ولهذا لا نستطيع منع انتهاك أجوائنا خلال الحرب الدائرة في المنطقة".
وأضاف أن "الحكومة العراقية تعمل على إبرام عقود من أجل شراء منظومات دفاع جوي متطورة تكون قادرة بشكل حقيقي وفاعل من أي اختراق للأجواء العراقية، خاصة وان الأجواء حاليا تحت سيطرة التحالف الدولي، وهذا التحالف هو من يسمح بأن تنتهك سيادة العراق، فهو جزء من المشكلة وليس الحل لما يجري في المنطقة من تداعيات خطيرة".
وفي سبتمبر الماضي، كشفت قيادة الدفاع الجوي العراقي تفاصيل صفقة لشراء منظومة دفاع جوي من كوريا الجنوبية. وقال قائد الدفاع الجوي العراقي، مهند غالب الأسدي، في ذلك الوقت، إن منظومة صواريخ أرض-جو متوسطة المدى نوع "أم-سام" (M-SAM) المتعاقد عليها أخيرا هي منظومة متقدمة جدا.
وأشار إلى أن العراق توصل إلى "اتفاق بناء مع شركة إيلاجي الكورية وحكومة جمهورية كوريا الجنوبية لشراء عدد منها، لحماية الأجواء العراقية".
وأضاف الأسدي، في بيان حينها، أنه "من المقرر وصول هذه البطاريات إلى العراق تباعا على مدى السنوات المقبلة".
وأشار الأسدي إلى أن أول بطارية صواريخ ستصل العام المقبل ليبدأ تدريب الكوادر العراقية القتالية والفنية من مهندسين وفنيين عليها، في الشهر الرابع أو السادس من السنة المقبلة بكوريا الجنوبية.
وأوضح أن "الكادر المتخصص بتلك البطاريات سيكون عراقيا، أي أن استعمال التعبئة والاستخدام التعبوي للبطاريات والكادر الهندسي هو فني عراقي، وستستمر فترة تدريبهم 4-8 أشهر حسب كل اختصاص"، مؤكدا أنه "هذه هي المرة الأولى التي تصل فيها إلى العراق منظومة بطاريات جاهزة لتدخل مسرح العمليات وتدافع عن العراق وأجوائه".
© 2024 blinx. جميع الحقوق محفوظة