غطاء إسرائيلي ينهب مساعدات غزة بـ"كلاشينكوف و4 آلاف دولار"

أفراد مسلحون يتبعون لعشيرتين في رفح غالبا ما يحملون معهم بنادق كلاشينكوف يقفون في الليل والنهار لشاحنات المساعدات ويطلبون 15 ألف شيكل (4000 دولار أميركي) على كل شاحنة تمر نحو الشمال.

هذا دفع بعض المنظمات إلى تجنب إرسال المساعدات الإنسانية التي تشتد الحاجة إليها. "الغريب" من وجهة نظر هآرتس، أن هذا يحدث في منطقة تحت سيطرة الجيش الإسرائيلي الكاملة.

تسمح القوات الإسرائيلية للفلسطينيين المسلحين بنهب قوافل المساعدات التي تدخل غزة وتساعدهم في الابتزاز المالي، كما تقول مصادر في منظمات الإغاثة الدولية العاملة في القطاع لهآرتس.

تدخل قوافل المساعدات من معبر كرم أبو سالم، وتقول مصادر الصحيفة إن نهب القوافل يعكس الفوضى الكاملة التي تسود غزة بسبب غياب أي حكومة مدنية فاعلة.

لكن في حالات كثيرة حاولت آخر بقايا قوات الشرطة المحلية اتخاذ إجراءات ضد اللصوص، ولكن القوات الإسرائيلية تعتبرهم جزءا من حماس وتهاجمهم.

تفاقمت مشكلة العصابات المسلحة منذ أن سيطر الجيش الإسرائيلي على معبر رفح الحدودي بين غزة ومصر في مايو الماضي. ومنذ ذلك الحين، دخلت معظم المساعدات عبر معبر كرم أبو سالم، ولكن العصابات المسلحة تسيطر على المنطقة في الجانب الغزي.

الشاحنات الداخلة من معبر كرم أبو سالم تمر عبر المنطقة على طول الحدود المصرية، ثم تتجه شمالا نحو رفح، حيث تهاجمها العصابات. تقول مصادر مطلعة على عملية توزيع المساعدات إن العصابات توقف الشاحنات من خلال حواجز مرتجلة أو بإطلاق النار على الإطارات. ثم تطلب "رسوم عبور" وأي سائق يرفض ذلك يخاطر بالخطف أو سرقة محتويات شاحنته.

سائقو الشاحنات الذين تعرضوا للهجوم طلبوا المساعدة في كثير من المرات من الجيش الإسرائيلي، ولكن الأخير رفض التدخل، بل يمنع السائقين من سلوك طرق بديلة تعتبر أكثر أمانا.

مسؤول كبير في إحدى المنظمات الإغاثية في القطاع قال لهآرتس: "رأيت دبابة إسرائيلية وفلسطينيا مسلحا ببندقية كلاشينكوف على بعد 100 متر فقط منها". وأضاف المسؤول: "ضرب الرجال المسلحون السائقين وأخذوا كل الطعام لأنهم لم يحصلوا على أموال الحماية".

ولمنع هذا، توافق بعض المجموعات على الدفع. وعادة ما يتم الدفع من خلال شركة فلسطينية تعمل كوسيط. وتقول عدة مصادر إن ضباطا من منسق أنشطة الحكومة الإسرائيلية في القطاع، وهي الوحدة العسكرية المسؤولة عن المساعدات المقدمة إلى غزة، أوصوا بالدفع "من خلال تلك الشركة بالذات".

يقول مسؤول المساعدات الذي تحدث لهآرتس: "أردنا السفر عبر طرق أخرى، لكن الجيش الإسرائيلي منعنا من ذلك. حاولنا القدوم في الخامسة صباحا على أمل ألا يكون اللصوص موجودين، لكن ذلك لم ينفع. حتى أننا حاولنا التفاوض مع الرجال المسلحين وشرحنا لهم أن هذا طعام للناس، لكن ذلك أيضا لم ينفع".

أما الحل من وجهة نظر إسرائيل فكان في التخطيط لجعل العشائر التي ينتمي إليها المسلحون "مسؤولة عن توزيع المساعدات على سكان غزة".

على بعد كيلومتر واحد من معبر كرم أبو سالم، قبل الأحياء الشرقية من رفح بقليل، توجد منطقة يطلق عليها الجيش "منطقة النهب". هذا هو المكان الذي تتم فيه معظم عمليات نهب شاحنات المساعدات. ولكن المنطقة تحت السيطرة الكاملة للجيش الإسرائيلي، حيث يتمركز الجنود هناك.

يقوم سلاح الجو الإسرائيلي بمراقبة المنطقة باستخدام طائرات بدون طيار بينما يراقب الجيش ما يحدث من الأرض.

ويقول الجنود العاملون في غزة إنهم على دراية تامة بالنهب، الذي يقولون إنه أصبح روتينيا.

خلال جولة للصحفيين مع الجيش الإسرائيلي في شمال غزة، رأى المراسلون قافلة مساعدات متجهة جنوبا. قال لهم أحد الضباط: "بعد 500 متر أخرى، سيتم نهبهم". يتهم سائقو الشاحنات والمسؤولون من منظمات الإغاثة الدولية الجنود برؤية الهجمات على القوافل، ومع ذلك لا يفعلون شيئا

تقول إسرائيل إن طريقا آخر تم فتحه في جنوب غزة من شأنه أن يسمح لسائقي الشاحنات بتجاوز منطقة النهب.

ومع ذلك فقد وقعت بالفعل عدة حوادث على طول هذا الطريق أيضا. ويقول الفلسطينيون إن العصابات ما زالت تجمع أموال الحماية للسماح لقوافل المساعدات بالدخول إلى "المناطق الآمنة" ومناطق القتال.

إعلان إسرائيل عن فتح طريق جديد للمساعدات جاء بعد انتهاء المهلة التي حددتها الولايات المتحدة لها لتأمين المساعدات للمدنيين.

إدارة الرئيس جو بايدن دعت إسرائيل الشهر الماضي إلى "الدفع" بالمزيد من الغذاء والمساعدات الطارئة الأخرى إلى غزة، ومنحتها مهلة مدتها 30 يوما انتهت الثلاثاء 12 نوفمبر، وحذرت من أن إخفاق إسرائيل في الامتثال للمطالب قد يؤدي إلى صدور قوانين أميركية تلزمها بتقليل الدعم العسكري، بحسب أسوشيتد برس.

8 منظمات إغاثة دولية عاملة في غزة أصدرت تقريرا جاء فيه أن الولايات المتحدة طلبت تنفيذ 19 إجراء من إسرائيل لتسهيل وصول المساعدات للمدنيين في غزة، وتقول هذه المنظمات التي تراقب الموضوع عن كثب أن إسرائيل "أخفقت في الامتثال لـ 15 إجراء، ولم تمتثل إلا لـ 4 فقط، بصورة جزئية.

كان من المقرر أن يتم فتح معبر خامس للقطاع، الثلاثاء 12 نوفمبر، هذا المعبر كانت إسرائيل قد وعدت الولايات المتحدة بفتحه، إلا أن ذلك لم يحدث، وما زال السكان مكتظين داخل المخيمات، ولا يزال وصول عمال الإغاثة إلى شمال غزة مقيدا، كما تستمر إسرائيل في الضغط على وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين الأونروا.

ومع انتهاء المهلة، أعلنت الولايات المتحدة الثلاثاء أن إسرائيل لم تنتهك القانون الأميركي في ما يتعلق بدخول المساعدات الإنسانية إلى غزة، لكنها دعت للقيام بالمزيد، وذلك بعد شهر من التلويح بأن عرقلة المساعدات الإنسانية قد تؤدي لتعليق جزء من الدعم العسكري.

وأعلنت وزارة الخارجية الأميركية أن وزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي رون ديرمر أطلع شخصيا بلينكن في اجتماع عُقد الإثنين في واشنطن على مستجدات ما تبذله إسرائيل من جهود.

وقال باتيل "ما زال الوضع الإنساني العام في غزة غير مرض. ولكن في سياق الرسالة، لا يتعلق الأمر بما إذا كنا نجد الأمر مرضيا أم لا؛ بل يتعلق الأمر بالإجراءات التي نراها".