بعدما أنهت عملياتها.. ماذا تبقى لإسرائيل في غزة؟

قال مسؤولون أمنيون إسرائيليون، إنّ نشاط الجيش في قطاع غزة انتهى، لكن سيكون بإمكانه العودة عندما تكون هناك معلومات استخباراتية جديدة.

ونقلت هيئة البث الرسمية، في 16 أغسطس 2024، عن مسؤولين أمنيين في إسرائيل وصفتهم بـ"الكبار"، قولهم: "سيكون بإمكان إسرائيل العودة إلى القطاع عندما تكون هناك معلومات استخباراتية جديدة، ولكن كقاعدة عامة انتهى نشاط الجيش الإسرائيلي في غزة".

في الوقت ذاته، أخبرت قيادة الجيش الإسرائيلي صناع القرار في تل أبيب، أن لواء رفح التابع لحركة حماس قد تم حلّه، وأنه غير موجود تقريبا، وذلك خلال مناقشات تقييم الوضع الأمني في الآونة الأخيرة"، وفق ادعائها.

في سياق متصل، قال مسؤولون أميركيون لصحيفة نيويورك تايمز، في وقت سابق، إن إسرائيل حققت كل ما في وسعها عسكريا في غزة، مشيرين إلى أن استمرار القصف لن يؤدي إلا إلى زيادة المخاطر على المدنيين، مع تضاؤل احتمالات إضعاف حماس بشكل أكبر.

وقال عدد من مسؤولي الأمن القومي في الإدارة الأميركية، إن الجيش الإسرائيلي عاق حماس بشدة، لكنه لن يتمكن أبدا من القضاء على المجموعة بشكل كامل.

وألحقت إسرائيل أضرارا أكبر بحماس، بشكل فاق توقعات المسؤولين الأميركيين عندما بدأت الحرب في أكتوبر 2023، بحسب الصحيفة.

وفق بيانات إسرائيلية سابقة فإن المرحلة الثالثة في حرب غزة عبارة عن "إنشاء نظام أمني جديد في القطاع"، ومن ناحية إجرائية يعني ذلك انسحاب الجيش الإسرائيلي تدريجيا من غزة، مع خلق منطقة أو مناطق عازلة في القطاع، بحسب ما يشير رئيس معهد شؤون الأمن العالمي والدفاع الدكتور سيد غنيم، في مقال له على الموقع الرسمي للمعهد في يناير 2024.

وعن السيناريوهات المتوقعة لتنفيذ إسرائيل خطتها بفرض السيطرة العسكرية على القطاع، قال غنيم لبلينكس:

1. تركيز إسرائيل على شمال ووسط القطاع، مع استمرار السيطرة على طريق صلاح الدين الواصل بين شمال القطاع وجنوبه.
2. تركيز إسرائيل على شمال القطاع وأجنابه الشمالية.
3. تركيز إسرائيل على وسط وجنوب القطاع مع استمرار السيطرة على طريق صلاح الدين الواصل بين شمال القطاع وجنوبه.
4. تركيز إسرائيل على وسط القطاع، وبما يمكن من القدرة على المناورة شمالاً وجنوباً.

ويميل غنيم إلى السيناريو الثالث، مع احتمال تركيز إسرائيل على إنشاء منطقة عازلة عند "ممر فيلادلفيا" المتاخم للحدود المصرية، وكذلك "ممر نتسريم" وسط القطاع، مع عدم تخليها عن شارع صلاح الدين الواصل من معبر إيريز الإسرائيلي شمالا إلى معبر رفح الفلسطيني جنوباً في رفح.

ويعدد غنيم المكاسب الاستراتيجية التي يمكن أن تحققها إسرائيل من هذا السيناريو كالآتي:

1. حفظ ماء الوجه لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، إذ إن إعلان انتهاء العمليات العسكرية في قطاع غزة قد يرسّخ فكرة انتهاء الحرب وإعلان انتصار إسرائيل في القطاع والوصول للمرحلة الثالثة، الأمر الذي يأتي في صالح موقف نتانياهو بوصفه منتصرا، ويلغي فكرة كونه الداعي لاستمرار الحرب في غزة لأهداف شخصية على حساب الجميع.
2. إهداء هذا الإعلان لإدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، قبل انتهاء فترة رئاسته الوحيدة والأخيرة، كإرث يُحسب له، وبما يستحق الرد بقرارات داعمة لموقف إسرائيل في الأهداف التالية ضد حزب الله وإيران.
3. تصوير أي استمرار للعمليات العسكرية الإسرائيلية داخل القطاع على أنه رد فعل للأنشطة الفلسطينية وليس استمراراً للقتال، وبما يخفف الضغط الدولي والإقليمي، بل والضغط الداخلي على نتنياهو نفسه.
4. أمنياً، وجود قوات إسرائيلية في محوري نتساريم وفيلادلفيا تضمن حصار الفصائل الفلسطينية وعدم إعطائها الفرصة لالتقاط أنفاسها واستعادة كفاءة قواتها، فضلاً عن عزلها عن أي منافذ خارجية براً تجاه مصر وبحراً، وبما يضمن تماماً عدم وصول أي مساعدات لها.
5. ضمان عزل الفصائل الفلسطينية عن أي اتصال مع إيران كجزء مما تطلق عليه إيران "محور المقاومة".

في خطاب بنيامين نتنياهو أمام الكونغرس الأميركي في شهر يوليو، استشهد رئيس الوزراء الإسرائيلي بـ"خبير أميركي" يُدعى جون سبينسر قال إن تل أبيب خلقت "معيارا ذهبيا جديدا" في حربها على غزة مقارنة بالحروب في المناطق العمرانية.

حجة سبينسر مبنية بشكل رئيسي على أمر واحدة، وهو أن الجيش الإسرائيلي يصدر تحذيرات وأوامر للمدنيين في غزة قبل اجتياح منطقة معينة، لحمايتهم على حساب فقدان عنصر المفاجأة.

نظرياً، يبدو الأمر أن إسرائيل تحاول حماية المدنيين بالفعل والالتزام بالقانون الدولي، لكن عملياً تستغل إسرائيل أوامر إخلاء "غير قابلة للتطبيق"، على حد وصف الاتحاد الأوروبي، قبل قصف التجمعات السكنية.

ومن ناحية أخرى تصدر إسرائيل "أوامر إخلاء" تلك كاستراتيجية للعقاب الجماعي، باللعب بسكان غزة كبيادق شطرنج أو كرة في تنس الطاولة، وإجبارهم بشكل مستمر على التحرك، للضغط عليهم واستنزافهم لأقصى حد، بحسب القناة 12 الإسرائيلية.

وأصدرت إسرائيل حتى الآن أوامر إخلاء لأكثر من 84% من مجمل مساحة قطاع غزة المحاصر، ما يعني أنه لم يتبق إلا 58 كيلومترا ليحتشد فيه ملايين السكان في قطاع غزة.

ويُضاف لها أوامر أخرى في 16 أغسطس 2024، لإخلاء أجزاء واسعة من المنطقة التي تصنفها إسرائيل نفسها كـ"مساحة آمنة"، بحسب معاريف.