سياسة
في خطوة مثيرة للجدل، اختار الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب الجندية السابقة تالسي غابارد، المعروفة بمواقفها المؤيدة للرئيس السوري بشار الأسد ونظيره الروسي فلاديمير بوتين، لمنصب مديرة الاستخبارات الوطنية.
القرار أثار ضجة كبرى، مع تساؤلات حول مستقبل استقلالية الاستخبارات الأميركية، وقدرتها على مقاومة التسييس المباشر.
لكن لماذا يثير قرار ترامب الضجة والتساؤلات؟
غابارد، البالغة من العمر 43 عاما، ليست مجرد شخصية سياسية عابرة. إذ إنها أثارت موجات من الانتقادات الحادة بعد لقاء جمعها ببشار الأسد في دمشق عام 2017، ما دفع الأوساط الأميركية لاتهامها بمحاولة الترويج له.
ولم تتوقف عند ذلك، بل تضامنت مع ما أسمته "مخاوف روسيا المشروعة" إزاء توسع حلف شمال الأطلسي (الناتو) المحتمل بضم أوكرانيا، مما عزز الشكوك حول ميولها السياسية.
في حال إقرار تعيينها، ستتولى غابارد منصبا تأسس في أعقاب أحداث 11 سبتمبر 2001 لضمان تنسيق عمل الوكالات الاستخباراتية الـ18 في الولايات المتحدة.
لكن منتقديها يرون أنها تفتقر تماما إلى الخبرة اللازمة، خاصة أنها غالبا ما كانت تنتقد هذه الوكالات علنا، بحسب رويترز.
الرئيس ترامب، المعروف بعلاقته المتوترة مع أجهزة الاستخبارات، يبدو مصممًا على إعادة تشكيلها بما يتناسب مع رؤيته. فقد سبق أن وصف مسؤولي الاستخبارات بأنهم "سذج"، وواجه انتقادات حادة عندما أمر برفع السرية عن ملفات تتعلق بروسيا، وسط اتهامات بالتواطؤ مع موسكو خلال حملة انتخابات 2016.
تعيين غابارد يُنظر إليه كخطوة أخرى في هذا الاتجاه، إذ يُعتقد أنها ستساهم في القضاء على أي انتقادات قد تواجه الرئيس داخل أجهزة الاستخبارات.
بحسب ماثيو بوروز، المحلل السابق في وكالة الاستخبارات المركزية، فإن غابارد ستكون قادرة على تعديل الإحاطات اليومية المقدمة للرئيس لتتناسب مع قراراته، وهو ما يمثل تهديدا لاستقلالية التحليل الاستخباراتي في أميركا.
يقول الأستاذ بكلية الحرب البحرية الأميركية توم نيكولز، إن "شخصا بآراء غابارد لا يجب أن يقترب من جوهرة الاستخبارات الأميركية".
أما أستاذ العلوم السياسية ألكسندر بابا إيمانويل فيرى أن "ترامب قد يحاول كسر قواعد الاستخبارات كما فعل مع السياسة والإعلام".
في المقابل، يرى البعض أن هذه الخطوة تهدف إلى إصلاح العلاقة بين البيت الأبيض وأجهزة الاستخبارات التي شهدت توترا كبيرا في ولاية ترامب الأولى، فيما يخشى آخرون من أن يؤدي ذلك إلى تسييس الاستخبارات وتوجيهها لخدمة أجندة سياسية ضيقة.
في حال تثبيت غابارد في منصبها، لن تظهر العواقب الحقيقية فورا، ولكنها قد تكون بعيدة المدى حسبما يتوقع خبراء.
غابارد، التي تقول إنها تسعى لتجنب الحروب، متهمة فعليا بحماية النظام السوري وتبرير سياسات بوتين. ومع توليها هذا المنصب الحساس، يرى محللون أن رئاسة ترامب الثانية قد تكون أكثر جرأة في كسر الأعراف والتقاليد.
© 2024 blinx. جميع الحقوق محفوظة