انتخابات
"مجلس محاربين".. آخر أفكار فريق الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب لتقييم الجنرالات بوزارة الدفاع الأميركية، وذلك في إطار خطته للتخلص من "التقدميين"، بحسب ما أشار في تصريحات سابقة خلال حملته الانتخابية.
رئيس الأركان سي.كيو براون القادم من أصول أفريقية هو أول المعرضين للخطر، إذ صوّت ضد اختياره نائب الرئيس المنتخب جي دي فانس حينما كان عضوا بمجلس الشيوخ، في الوقت الذي تعهد فيه ترامب بتسمية قاعدة أميركية كبرى باسم "الكونفيدرالية" في إشارة إلى الولايات الجنوبية التي حاربت في الحرب الأهلية في القرن 19 ضد إلغاء العبودية. فما هي خطة ترامب داخل البنتاغون؟ وكيف سيواجه خصومه العسكريين؟
يدرس ترامب مشروع أمر تنفيذي لإنشاء "مجلس محاربين" من ضباط عسكريين متقاعدين يملك سلطة مراجعة ضباط الجيش من الرتب العليا، خاصة الجنرالات، والتوصية بإقالة أي ضابط يُعتبر غير كفؤ للقيادة بحسب ما ذكرت وول ستريت جورنال. وحال موافقته فإنه سيعطي إشعاراً لجميع ضباط القيادة العسكرية العليا بأن إدارته تنوي إجراء تغييرات جذرية في صفوف القادة العسكريين الذين لا يتمتعون بصفات القيادة المطلوبة.
ورغم تمتع الرئيس الأميركي بسلطة كاملة لإقالة أي ضابط بموجب منصبه كقائد أعلى للقوات المسلحة، لكن تشكيل مجلس خارجي يعينه هو شخصيا سيتجاوز نظام الترقية التقليدي في البنتاغون، مما يرسل إشارة واضحة بأن ترامب يهدف إلى إعادة تشكيل القيادة العسكرية العليا.
ويركز الأمر التنفيذي على تعزيز "قدرات القيادة، والاستعداد الاستراتيجي، والالتزام بالتميز العسكري"، ومع ذلك، لا تحدد المسودة المعايير الدقيقة التي يجب على الضباط الالتزام بها لإثبات كفاءتهم، مما يثير القلق حول تأثير هذه السياسة على استقرار المؤسسة العسكرية.
ويرسل أعضاء المجلس المقترح توصياتهم إلى الرئيس، ليتم إحالة الضباط الذين تتم التوصية بإقالتهم إلى التقاعد خلال ثلاثين يوماً.
وفقًا لمصادر مطلعة على المناقشات السياسية، فإن تأسيس هذا المجلس يأتي تماشياً مع دعوات ترامب لتطهير المؤسسة العسكرية من الجنرالات الذين وصفهم بالفشل، وخاصة أولئك الذين شاركوا في الانسحاب الفوضوي من أفغانستان عام 2021.
حينما سألت قناة فوكس نيوز ترامب في يونيو ٢٠٢٤ عما إذا كان سيطرد جنرالات وصفوا بأنهم "تقدميون"، كانت إجابته "سأطردهم. لا يمكن أن يكون لدينا جيش من التقدميين".
على رأس هؤلاء الرئيس الحالي لهيئة الأركان المشتركة للجيش الأميركي سي.كيو براون، وهو جنرال طيار مقاتل سابق وقائد عسكري يحظى باحترام واسع ويبتعد عن السياسة، ويخشى بعض المسؤولين الحاليين والسابقين من استهداف فريق ترامب له.
وحينما كان نائب ترامب، جي دي فانس، عضوا في مجلس الشيوخ كان تصويته ضد تعيين براون في منصبه الحالي، لكنه حصل على غالبية الأصوات الكافية لترشيحه في منصب رئيس الأركان.
وقال المتحدث باسم براون، الكابتن في البحرية جيرال دورسي "ما زال رئيس هيئة الأركان المشتركة وجميع أفراد الخدمة في قواتنا المسلحة يركزون على أمن أمتنا والدفاع عنها وسيواصلون القيام بذلك، مما يضمن انتقالا سلسا للإدارة الجديدة للرئيس المنتخب ترامب"، وفق وكالة رويترز.
وقال فانس في مقابلة مع تاكر كارلسون قبل الانتخابات "إذا كان الناس في حكومتك لا يطيعونك، فعليك التخلص منهم واستبدالهم بأشخاص يستجيبون لما يحاول الرئيس القيام به".
وفي الأيام التي أعقبت مقتل جورج فلويد في مايو 2020 على يد ضابط شرطة في مينابوليس خرج براون، صاحب البشرة السمراء، ليتحدث عن التمييز في الرتب العسكرية داخل الجيش.
في المقابل، تعهد ترامب خلال الحملة بإعادة اسم "الكونفدرالية العامة" إلى قاعدة عسكرية أميركية رئيسية، ملغيا التغيير الذي جرى بعد مقتل فلويد، وفي ذلك إشارة إلى الولايات الكونفدرالية إبان الحرب الأهلية.
واستهدفت أقوى رسائل ترامب المناهضة لمن يصفهم بـ"الجنرالات التقدميين" خلال الحملة أفراد القوات من المتحولين جنسيا. وسبق أن حظر ترامب خدمة المتحولين جنسيا بالجيش، ونشر إعلانا للحملة على إكس يصورهم على أنهم ضعفاء، مع تعهد بأنه "لن يكون لدينا جيش من التقدميين".
ألمح ترامب إلى أن الجيش الأميركي يمكن أن يضطلع بدور مهم فيما يتعلق بالكثير من الأولويات في سياسته، مثل الاستعانة بالحرس الوطني، وربما بالقوات النظامية للمساعدة في تنفيذ الترحيل الجماعي للمهاجرين الذين لا يملكون وثائق، وحتى نشر القوات للتعامل مع الاضطرابات الداخلية.
وتثير مثل هذه المقترحات قلق الخبراء العسكريين الذين يقولون إن نشر الجيش في الشوارع الأميركية من شأنه ليس فقط انتهاك القوانين، وإنما تأليب جزء كبير من سكان الولايات المتحدة على القوات المسلحة التي تحظى بالاحترام على نطاق واسع.
وفي رسالة إلى القوات بعد فوز ترامب في الانتخابات، أقر وزير الدفاع المنتهية ولايته لويد أوستن بنتائج الانتخابات وأكد أن الجيش سوف يطيع "جميع الأوامر القانونية" من القيادات المدنية.
لكن بعض الخبراء يحذرون من أن ترامب لديه حرية تفسير القانون ولا يمكن للقوات مخالفة الأوامر التي تعتبرها خاطئة أخلاقيا طالما كانت قانونية.
وقالت كوري شاك، من معهد أميركان إنتربرايز ذي التوجهات المحافظة "هناك تصور خاطئ واسع النطاق بين العامة بأن الجيش له حرية الاختيار في عصيان الأوامر غير الأخلاقية. وهذا ليس صحيحا في الواقع"، وحذرت شاك في تصريح لرويترز من أن ولاية ترامب الثانية قد تشهد "إجراءات فصل وتسريح من الخدمة تصل إلى مستويات عالية وسط الدفع بسياسات مثيرة للجدل".
وأضافت "أعتقد أنه ستكون هناك فوضى كبيرة في ولاية ترامب الثانية، سواء بسبب السياسات التي سيحاول سنها أو الأشخاص الذين سيسعى إلى تعيينهم لتنفيذها".
بالمقابل، قلل أحد المسؤولين العسكريين الأميركيين من شأن مثل هذه المخاوف، وأوضح شريطة عدم الكشف عن هويته لرويترز، إن بث الفوضى داخل سلسلة القيادة العسكرية الأميركية من شأنه إثارة رد فعل سياسي عنيف ولن يكون ضروريا لترامب لتحقيق أهدافه.
وأضاف المسؤول العسكري "ما سيكتشفه هؤلاء الرجال هو أن ضباط الجيش يركزون عموما على القتال وليس السياسة"، موضحا "أشعر أنهم سيكونون راضين عن ذلك، أو على الأقل يجب أن يكونوا كذلك".
أما المدنيون في وزارة الدفاع، فيقول مسؤولون حاليون وسابقون إن ذوي الخبرة منهم يمكن أن يخضعوا لاختبارات ولاء.
وذكر مسؤول دفاعي أميركي كبير، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته لرويترز، أن هناك قلقا متزايدا داخل البنتاغون من أن يتخذ ترامب إجراءات لإفراغ الوزارة من الموظفين المدنيين المتخصصين. وقال المسؤول "أنا قلق للغاية من وجودهم"، مضيفا أن عددا من الزملاء عبروا عن قلقهم بشأن مستقبلهم الوظيفي.
ويعمل الموظفون المدنيون المتخصصون ضمن ما يقرب من 950 ألف موظف غير عسكري داخل الجيش الأميركي وفي كثير من الحالات يتمتعون بخبرة متخصصة لسنوات.
وخلال إدارته الأولى، لم يتحول عدد من اقتراحات ترامب المثيرة للجدل للمستشارين إلى قرارات فعلية، مثل إطلاق الصواريخ المحتمل على المكسيك لتدمير مختبرات للمخدرات، لعدد من الأسباب من بينها رفض مسؤولي البنتاغون.
© 2024 blinx. جميع الحقوق محفوظة