سياسة
"قطع الجيش في كل مكان. الدبابات على الطرقات، وسكان عدة أحياء يبحثون عن أي فرصة لركوب سيارة أجرة سعيا للفرار. القيامة قائمة في البلد بكل معنى الكلمة".. هذا حال مدينة حمص وسط سوريا بلسان عدد من سكانها تواصلت معهم بلينكس هاتفيا.
تقول الشابة صفاء سلوم إن المدينة التي دخلت الفصائل المسلحة إلى ريفها الشمالي صباح الجمعة: "لا يحكم مشهدها الآن سوى أصوات الطائرات الحربية من الجو والسيارات المارة على الطرقات وفي مقابلها الدبابات".
فما الذي تعيشه حمص؟ وماذا عن السكان فيها؟ وكيف تبدو المواجهة الأكبر من نوعها في تاريخ هذه المدينة منذ عام 2014؟
الفصائل المسلحة التي دخلت حماة مساء الخميس أعلنت، الجمعة، سيطرتها على عدة قرى وبلدات في ريف حمص الشمالي. وقالت مصادر إعلامية لبلينكس من حمص إن المسلحين يحاولون الآن اختراق دفاعات الجيش السوري، من جهة بلدة الدار الكبيرة.
كما أضافت أن الريف الشمالي لحمص "بات فعليا خارج سيطرة الجيش السوري"، بعدما أخلى جميع حواجزه المنتشرة هناك، سعيا لإنشاء خط دفاعي في عدة جبهات إلى الوراء.
المصادر ذاتها أشارت إلى نية الفصائل المسلحة فتح محورين، من أجل الدخول للمدينة.
تحدثت "بلينكس" مع 4 شبان وشابات من مناطق مختلفة من المدينة. وتقول سلوم التي تعيش في شارع البرازيل إن الكثير من سكان المدينة خاصة في الزهراء وعكرمة والحضارة والسبيل بدأوا بالنزوح منذ ليلة الخميس إلى مناطق الساحل السوري، ومصياف ومنطقة مشتى الحلو.
وتضيف: "لم يبق إلا الشبان. النساء والأطفال والكبار في العمر لم يبق منهم أحد، وهناك أزمة وصعوبة كبيرة على مكاتب سيارات الأجرة".
بالإضافة إلى الأحياء المذكورة، يشرح الشاب سامر، المقيم في حي باب تدمر، أن "منطقة العباسية القريبة من خط المواجهة بريف حمص الشمالي أخليت بالكامل من المسلحين والمدنيين"، وكذلك الأمر بالنسبة للأحياء الواقعة بالقرب من السجن المركزي.
ويضيف سامر لبلينكس: "تنتشر بين الأهالي معلومات عن إخلاء كامل قرى الريف الشرقي لحمص من النساء والأطفال واليافعين، بالتزامن مع وصول قطع الجيش إلى المنطقة، واستعداد السكان للدفاع عن منازلهم في حال هجوم الفصائل عليهم".
يعيش في حمص خليط واسع من الطوائف من السنّة، والشيعة، والعلويين، والمسيحيين. كما تحظى المدينة بموقع استراتيجي وحساس، يتيح لأي طرف عسكري يسيطر عليها اكتساب نقاط قوة، على صعيد الثكنات الموجودة فيها أو حتى على صعيد شبكة الطرق المارة بها.
نظرا لموقعها وسط سوريا، تُعد حمص وحماة من النقاط المحورية التي تربط مدن الشمال مثل حلب وإدلب، بمدن الجنوب مثل دمشق، ومدن الشرق مثل الرقة ودير الزور، وخط مدن الساحل مثل اللاذقية وطرطوس، بحسب الخبير العسكري إسماعيل أيوب، الذي شرح في تقرير لـ"بلينكس" أهمية المدينتين.
ويشرح أيوب: "حماة وحمص هما الأهم بسبب الارتباط بمنطقة الساحل. هناك طريق دولي بين حماة واللاذقية وبين حمص وطرطوس، كما تتميز المدينتين بتقاطع الطرق داخلهما، في الاتجاهات كافّة".
ورغم أن المدينة سبق أن شهدت مواجهات مسلحة ومعارك، فإنها لم تصل إلى الحال الذي عليه اليوم، من زاوية استعدادات الفصائل المسلحة للسيطرة عليها بشكل كامل.
© 2024 blinx. جميع الحقوق محفوظة