أين اختفى معتقلو سجن صيدنايا؟
"الداخل مفقود والخارج مولود"، عبارة تردد صداها لسنوات طويلة حول سجن صيدنايا العسكري، الذي اكتسب سمعة سيئة بوصفه رمزا للقمع الوحشي في سوريا.
ومع سقوط نظام بشار الأسد، خرجت إلى العلن بعض الحقائق، لكن مصير الآلاف من المعتقلين لا يزال غامضا، تاركا العديد من الأسئلة دون إجابة.
تحرير المئات.. ومصير الآلاف مجهول
منذ الأحد
8 ديسمبر، تم تحرير حوالي ألفي معتقل من سجن صيدنايا، وفقا لما أكده دياب سرية، مدير رابطة معتقلي ومفقودي السجن، إلا أن هذا الرقم لا يمثل سوى جزء بسيط من الإجمالي الذي دخل هذا السجن منذ عام 2011.
ويُقدر أن نحو 35 ألف شخص دخلوا سجن صيدنايا بين عامي 2011 و2021، لكن 5 آلاف معتقل فقط خرجوا أحياء، بحسب تقديرات الرابطة.
أما البقية، فيرجح أنهم تعرضوا للإعدام، أو ماتوا نتيجة سوء التغذية والرعاية الطبية، أو تحت التعذيب الوحشي.
ويشير سرية إلى أن هؤلاء المعتقلين باتوا في حكم المختفين قسريا، حيث لا توجد أدلة قاطعة حول مصيرهم حتى الآن.
"صيدنايا.. جزء من منظومة أكبر"
الممارسات التي شهدها سجن صيدنايا ليست استثناء، بل هي جزء من نهج شامل طال مختلف الأفرع الأمنية في سوريا. ويوضح فضل عبد الغني، مدير الشبكة السورية لحقوق الإنسان، أن الشبكة وثقت اعتقال 136 ألف شخص منذ بداية 2011.
حتى الآن، تم تحرير نحو 31 ألف معتقل فقط من سجون الأفرع الأمنية، فيما يظل مصير البقية مجهولا.
ويؤكد عبد الغني أن العدد الأكبر من هؤلاء قد قضى تحت التعذيب، لكنه يشدد على أن عمليات البحث مستمرة للكشف عن مصيرهم، رغم أن الغالبية لا تزال في عداد المختفين قسريا.
جهود دولية لمواجهة الكارثة الإنسانية
في يونيو 2023، اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة قرارا بإنشاء "مؤسسة مستقلة" تهدف إلى الكشف عن مصير آلاف المفقودين في سوريا.
المؤسسة التي أُطلق عليها اسم "المؤسسة المستقلة المعنية بالمفقودين في الجمهورية العربية السورية"، تسعى إلى ضمان مشاركة الضحايا وأسرهم في عملية الكشف عن الحقيقة.
كما تهدف إلى اعتماد نهج يركز على حقوق الضحايا واحتياجاتهم.
لكن حتى الآن، لم تتخذ المؤسسة خطوات ملموسة على الأرض، وفقا لما أشار إليه حقوقيون. ومع ذلك، يُتوقع أن تلعب دورا رئيسيا في المرحلة المقبلة، خاصة فيما يتعلق بمعالجة ملف المقابر الجماعية التي يتم العثور عليها في مناطق مختلفة من سوريا.