شهر على سقوط الأسد.. سوريا بين قبل وبعد
لا يزال السوريون يعيشون بحلم بعد سقوط نظام بشار الأسد، رغم مرور شهر على هذا الحدث التاريخي. كثير منهم لا يصدقون حتى الآن ما حصل. يعيشون الصدمة، وهو ما تؤكده تعليقاتهم على وسائل التواصل.
يختصر الشهر الذي مضى عقودا من جهة، وحربا استمرت نحو 14 عاما من جهة أخرى، وما حدث في ديسمبر الماضي، يكسر كل القواعد التي بُنيت على الصعيد المتعلق بالمشهد السياسي في البلاد.
فما الذي حصل منذ سيطرة الفصائل المسلحة على دمشق؟
منذ دخول قائد "هيئة تحرير الشام"، أبومحمد الجولاني، إلى دمشق، شهدت العاصمة السورية حركة مكوكية لوفود من الداخل والخارج، وجميعهم قصدوا "قصر الشعب".
القصر انقلبت صورته كليا بعد محطة الثامن من ديسمبر 2024، خاصة على صعيد هوية وشكل الزوار الجدد، سواء القادمين من الداخل أم الخارج.
فبينما كان أبرز زائريه من إيران وحزب الله سابقا، شهد زيارات تركية غابت خلال الأعوام الأخيرة، بوفد من رئيس الاستخبارات التركي إبراهيم قالن، ووزير خارجية تركيا هاكان فيدان، بالإضافة إلى وزراء من دول عربية عدة، بينها قطر والأردن والبحرين.
وانضم إليهم بالتدريج وزراء خارجية أوكرانيا، وفرنسا، وألمانيا، ومسؤولون كبار من الإدارة الأميركية.
اللقاءات والاستقبالات كان الجولاني في صلبها، وإلى جانبه برز وزير خارجيته أسعد الشيباني، ورئيس استخباراته أنس خطاب.
قبل الزيارات التي شهدتها دمشق، أعيد فتح عدة سفارات خلال الشهر الماضي، كانت في غالبيتها موصدة، مثل القطرية والتركية والأذربيجانية والأوكرانية.
أما على صعيد المواقف والتصريحات فقد تقاطعت غالبيتها (الصادرة من دول عربية وغربية) عند نقطة "الحفاظ على وحدة سوريا وسلامة أراضيها".
وتقاطعت أيضا عند القضية المتعلقة بالتشاركية والحفاظ على مؤسسات الدولة وضرورة حماية الأقليات.
لم تنقطع الاحتفالات بسقوط الأسد في دمشق، وغيرها من المدن، خلال الشهر الماضي. لكن، وفي مقابل هذا المشهد، تسللت ملامح واقع معيشي صعب.
السوريون لم يتسلموا رواتبهم الشهرية حتى الآن، ويترقبون قيمة "الراتب الأول" مع الزيادة المحددة بـ400%، وهو ما وعدت به وزارة المالية في الحكومة المؤقتة.
الدولار قبل 8 ديسمبر كان يسمى تارة بـ"النعنع" وأخرى بـ"البقدونس"، خوفا من المساءلة، وبعد سقوط نظام الأسد، أصبح يُباع في الشوارع كأي منتج آخر.
كثير من مناطق سوريا مدمرة، ولا خطط للعودة الكاملة إلى المنازل التي تحتاج لتسوية وإعادة إعمار. وهذه قضية لم تتطرق إليها إدارة سوريا الجديدة حتى الآن.
مرارة انتظار الراتب الأول، تتوازى مع أمنيات تتعلق بضرورة تحسين الواقع الخدماتي، فالكهرباء على حالها ولا تأتي إلا ساعة واحدة في اليوم، بحسب سكان تحدثوا لبلينكس من عدة محافظات سورية.
وكذلك الأمر بالنسبة للمياه وبقية القطاعات الخاصة بمعيشة السوريين.
ومع ذلك، هناك وعود رددها مسؤولو سوريا الجدد، وأشارت إليها أيضا دول، من بينها الأردن الذي أبدى استعداده تزويد دمشق بالكهرباء.
خلال الشهر الماضي، نسى السوريون القصف، وانتقلوا من حالة البحث عن المعتقلين إلى نعيهم على مواقع التواصل.
الحواجز الأمنية التابعة لجنود النظام السابق، بات عليها مسلحون ملثمون من "تحرير الشام"، والثكنات كذلك، وبقية المواقع العسكرية.
وفي شهر، تغيّر علم سوريا من الأحمر إلى الأخضر، وتوقفت وسائل إعلامها الرسمية وانقلبت بخط تحريري جديد.
غابت شخصيات عن المشهد وتصدرت أخرى، ولبس قسم ثالث وجها جديدا انقلب به عن السابق بـ180 درجة.