تتجه الأنظار اليوم، الثلاثاء، إلى الدوحة، حيث يُتوقع أن يجتمع المفاوضون لوضع اللمسات الأخيرة على خطة تاريخية لإنهاء الحرب في غزة وإطلاق سراح الرهائن، وذلك بعد تصريحات الرئيس الأميركي جو بايدن التي أكد فيها أن الاتفاق "على وشك أن يصبح واقعاً".
وبحسب مسؤول مطلع على المحادثات، شهدت المفاوضات اختراقاً مهماً عند منتصف ليلة الإثنين، مما دفع الوسطاء إلى تسليم مسودة نهائية للاتفاق إلى الجانبين، إسرائيل وحماس.
وتُعد هذه الخطوة تتويجاً لمحادثات متقطعة استمرت لأكثر من عام، وتهدف إلى تنفيذ أكبر عملية لإطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين منذ الأيام الأولى للصراع، عندما أفرجت حماس عن نصف الرهائن لديها مقابل إطلاق سراح 240 فلسطينياً محتجزين في السجون الإسرائيلية.
ويشارك في محادثات الدوحة كبار المسؤولين من الجانبين، بمن فيهم رئيسا الموساد والشاباك الإسرائيليان، ورئيس وزراء قطر، إلى جانب مبعوث الرئيس الأميركي بريت ماكجورك، ومبعوث الرئيس المنتخب دونالد ترامب ستيف ويتكوف.
وقد أشار وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن إلى أن الطرفين "أقرب من أي وقت مضى" إلى التوصل إلى اتفاق، بينما أكدت حماس حرصها على إبرام الصفقة.
فما هي تفاصيل الاتفاق الوشيك بين حماس وإسرائيل؟ وما هي التنازلات التي قدمها الطرفان؟ وهل من عواقب قد تفسد نجاح المفاوضات؟
اعرف أكثر
كشف الرئيس الأميركي جو بايدن، في خطاب ألقاه أمس، الاثنين أن الاتفاق المتوقع "سيحرر الرهائن، ويوقف القتال، ويوفر الأمن لإسرائيل، كما سيتيح زيادة المساعدات الإنسانية بشكل كبير للفلسطينيين الذين يعانون بشدة في هذه الحرب التي بدأتها حماس".
ونقلت وكالة رويترز عن مسؤول إسرائيلي أن المسودة النهائية للاتفاق تتضمن خطوات واضحة تبدأ بـ:
عودة الرهائن
الإفراج عن 33 رهينة في المرحلة الأولى، وهم أطفال ونساء ومجندات ورجال فوق الخمسين، بالإضافة إلى جرحى ومرضى. وبحسب السلطات الإسرائيلية، لا يزال هناك 98 رهينة محتجزين في غزة.
تستمر المرحلة الأولى 60 يوما، وإذا سارت على النحو المخطط لها، فستبدأ مفاوضات بشأن مرحلة ثانية في اليوم 16 من دخول الاتفاق حيز التنفيذ.
تشمل المرحلة الثانية إطلاق سراح الرهائن المتبقين، ومن بينهم المجندون الذكور والرجال في سن الخدمة العسكرية، إضافة إلى استعادة جثث الرهائن الذين لقوا حتفهم خلال الاحتجاز.
وفي مقابل الرهائن، ستفرج إسرائيل عن أكثر من 1000 أسير ومعتقل فلسطيني بما يشمل من يقضون أحكاما بالسجن لفترات طويلة لإدانتهم بإسقاط قتلى في هجمات.
انسحاب القوات
ينص الاتفاق على انسحاب تدريجي للقوات الإسرائيلية من قطاع غزة، مع بقائها في محيط الحدود لحماية البلدات والقرى الإسرائيلية.
يبدأ تشغيل معبر رفح بين مصر وغزة تدريجيا والسماح بخروج الحالات المرضية والإنسانية من القطاع لتلقي العلاج.
تنفيذ ترتيبات أمنية على طول محور فيلادلفيا في الحافة الجنوبية لغزة، حيث ستنسحب القوات الإسرائيلية من أجزاء منه خلال الأيام الأولى من سريان الاتفاق.
يسمح الاتفاق بعودة سكان شمال غزة غير المسلحين، مع إنشاء آلية لضمان عدم نقل الأسلحة إلى هذه المنطقة.
تنسحب القوات الإسرائيلية كذلك من محور نتساريم في وسط القطاع.
يتضمن الاتفاق الإفراج عن الفلسطينيين المدانين بجرائم قتل أو هجمات أسقطت قتلى، ولكن العدد سيعتمد على عدد الرهائن الأحياء الذين سيتم إطلاق سراحهم.
لن تشمل قائمة المفرج عنهم أي مقاتلين شاركوا في هجوم 7 أكتوبر 2023 على إسرائيل.
زيادة المساعدات
زيادة كمية المساعدات الإنسانية المرسلة إلى قطاع غزة، حيث حذرت هيئات دولية منها الأمم المتحدة من أن السكان يواجهون أزمة إنسانية خانقة.
سماح إسرائيل بدخول المساعدات إلى القطاع لكن هناك خلافات على الكمية المسموح بدخولها وتلك التي تصل إلى المحتاجين، مع تزايد عمليات النهب من جانب العصابات.
أفاد موقع أكسيوس أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وافق على تقديم تنازلات جديدة تتعلق بالأسرى الفلسطينيين الذين سيتم الإفراج عنهم كجزء من الاتفاق، وكذلك بشأن انسحاب القوات الإسرائيلية من ممرات نتساريم وفيلادلفيا في غزة.
ووفقًا لتقرير نشره موقع إسرائيل هيوم، تضمنت التنازلات الإسرائيلية نقل عدد من الأسرى الفلسطينيين ذوي الملفات الحساسة إلى دول أخرى. ويشير التقرير أيضًا إلى أن إسرائيل وافقت على تخفيف وجودها العسكري في مناطق محددة داخل غزة، مع التزامها بضمان أمن البلدات الإسرائيلية الحدودية من خلال ترتيبات دفاعية جديدة.
ووافقت إسرائيل على السماح للنازحين بالعودة إلى شمال غزة، مع إجراء فحوصات أمنية على المركبات من قبل هيئة دولية، بينما لن يتم تفتيش المشاة.
من ناحية التنازلات التي قدمتها حماس لإسرائيل نفي عدد من الأسرى الفلسطينيين البارزين إلى خارج الأراضي الفلسطينية، وهو ما كان يُعتبر مطلبًا صارمًا للحركة في المراحل السابقة من النزاع.
وتأتي هذه التطورات في المفاوضات والتنازلات بعدما هدد الرئيس الأميركي المنتخب أنه إذا لم يتم إعادة الرهائن بحلول الوقت الذي سيتولى فيه الرئاسة، فإن الجحيم سوف يندلع في الشرق الأوسط.
تشهد الجهود المبذولة للوصول إلى وقف إطلاق النار في غزة عقبات كبيرة تعرقل التوصل إلى اتفاق نهائي بين إسرائيل وحماس، وفقًا لوكالة أسوشيتد برس.
أبرز هذه العقبات هو انعدام الثقة المتبادل بين الطرفين. تخشى إسرائيل أن تستغل حماس أي هدنة مؤقتة لإعادة تنظيم صفوفها وتعزيز قدراتها العسكرية، بينما تخشى حماس من أن تستغل إسرائيل هذه الهدنة لتكثيف عملياتها العسكرية بمجرد إطلاق سراح الرهائن، مما يعمق الهوة بين الطرفين.
على صعيد آخر، تبرز تباينات حادة حول مستقبل غزة بعد انتهاء الحرب. ترفض إسرائيل عودة حماس إلى السلطة وتبحث عن بدائل لإدارة القطاع، في حين تصر حماس على رفع الحصار المفروض على غزة كشرط أساسي لإتمام أي اتفاق.
قضية الأسرى الفلسطينيين تضيف مزيدًا من التعقيد إلى المفاوضات. حماس تطالب بإطلاق سراح قيادات فلسطينية بارزة، لكن إسرائيل تعارض ذلك بشدة، مشيرة إلى تجارب سابقة مثل إطلاق سراح يحيى السنوار، الذي تتهمه إسرائيل بالتخطيط لأكبر هجوم عليها.
فيما يتعلق بقضية قائمة الرهائن، تطالب إسرائيل بمزيد من المعلومات لتحديد الرهائن الأحياء وضمان إطلاق سراحهم أولاً. في المقابل، تؤكد حماس حاجتها إلى هدنة قصيرة على الأقل للتحقق من حالة الرهائن، إذ إنهم محتجزون من قبل مجموعات مختلفة وفي مواقع سرية موزعة، مما يعقد عملية التفاوض ويزيد من الضغط على الطرفين.
إضافة إلى ذلك، تطالب حماس بعودة اللاجئين إلى شمال غزة، وهو ما تعتبره إسرائيل تهديدًا محتملاً لأمنها. لذلك، تصر إسرائيل على وضع آليات تفتيش صارمة لضمان عدم نقل أسلحة إلى المنطقة، مما يجعل تحقيق اتفاق شامل أكثر تعقيدًا.