بعد سيطرة إسرائيل على محور نتساريم، بدأت تحصين الموقع وإنشاء منطقة عازلة، تحتوي على قواعد عسكرية ضخمة، وفقا لما نشرته صحيفة "
نيويورك تايمز" في ديسمبر الجاري.
وقالت الصحيفة الأميركية إن إسرائيل هدمت كل المنازل والمباني الفلسطينية في الموقع، وحصنت محور نتساريم ليصبح موقعا تستمر فيه لفترة طويلة، ما ينفي احتمالية خروجها من قطاع غزة كما تشترط حماس لوقف إطلاق النار.
وأخفت إسرائيل حقيقة ما يدور داخل المحور في المناطق المتاخمة له، قبل أن تكشف صحيفة "هآارتس" في تحقيقها عن تحويل المحور إلى "منطقة قتل" تستهدف الفلسطينيين المدنيين والعُزل، وتقتلهم بلا رحمة، وتمنع عبورهم من الجنوب إلى الشمال والعكس.
وتحدث مقاتل إسرائيلي في الفرقة 252 في غزة، رفض الكشف عن اسمه، قائلا: "قتلنا صبيا صغيرا، ربما كان عمره 16 عاما، وعندما انتقد أحد الجنود الموقف وقال إنه لم يكن مسلحا وأنه مجرد مراهق مدني، صرخ الجميع في وجهه، وقال اللواء القائد: كل من يتجاوز الخط فهو إرهابي".
ويقول المقاتل إن الوضع تحول إلى فوضى عارمة، في المحور الذي أصبح ساحة القتل الأعنف في غزة، إذ يقتل السكان العُزل هناك بدم بارد، وبهجوم كبير من الجنود الإسرائيليين بمختلف الأسلحة.
ويضيف: "أي شخص يعبر إلى منطقة نتساريم يجب إطلاق النار عليه في رأسه، ذات مرة قفزنا كما لو كنا نتعرض لغارة من عشرات الإرهابيين لمجرد أن مدني أعزل مر من أمامنا، وأطلقنا النار عليه بغزارة ومزقنا جسده، وفوجئت أن بعض الجنود كانوا يطلقون النار ويضحكون عليه، لقد وقعنا في معضلة أخلاقية كبرى".
وأشار الشاهد في غزة إلى أن الجنود ذهبوا إلى جثة الشاب البالغ 16 عاما، والتقطوا الصور لها لإرسالها إلى إدارة التحقق من الأشخاص الذين تعتبرهم إسرائيل إرهابيون، ليتبين أنه لم يكن على قوائم الإرهاب، مضيفا: "في المساء جاء إلينا اللواء وأخبرنا أننا قتلنا إرهابيا!، ودعانا لقتل 10 في اليوم التالي".
وينتقد المقاتل الإسرائيلي الذي رفض الكشف عن اسمه التصرفات الإسرائيلية في غزة قائلا: "لم أترك منزلي وأقيم في مبنى مع الفئران داخل قطاع غزة لكي أطلق النار على أشخاص عزل في النهاية".
القصص التي تتحدث عن قتل المدنيين بدم بارك في نتساريم كثيرة، من بينها قصة أخرى يرويها مقاتل إسرائيلي آخر لم يذكر اسمه، ليتذكر قائلا: "تلقينا إخطارا بوجود إرهابيين، وتوجهنا إليهم بدبابة ومقاتلين، وكانوا 4 أشخاص عاديين يسيرون على الأقدام وغير مسلحين، لكن الدبابة أطلقت عليهم النار، مئات الرصاصات اخترقت أجسادهم".
ويروي الجندي الإسرائيلي: "قتل 3 من بين الأربعة فورا، ولا يمكنني نسيان ذلك المشهد أبدا، أما الرابع فتم القبض عليه وتعريته وتكبيله في العراء، ليبصق عليه كل الجنود تقريبا، في مشهد مثير للاشمئزاز، قبل أن يأتي محقق ليطرح عليه بعد الأسئلة أثناء تصويب المسدس إلى رأسه، قبل أن يقرر إطلاق سراحه".
وتبين أن الفلسطيني الرابع الناجي، كان يريد فقط الوصول إلى أقاربه في شمال غزة، ليعلق الجندي الإسرائيلي: "رغم ذلك تلقينا إشادة في صباح اليوم التالي بأن أدائنا كان جيدا لأننا قتلنا 3 إرهابيين، ولم أكن أعرف عما يتحدثون".
وقال محارب إسرائيلي شارك في كمائن نتساريم: "أي شخص كان يقترب من الخط المحدد، كنا نعتبره تهديدا، ونطلق عليه النار مباشرة دون الحاجة إلى طلب إذن، غير أننا لم نكن نعرف ما هو الحد المُعين الذي يعني عبوره القتل".
ويقول مقاتل آخر احتياطي من الفرقة 99، إن طائرة مروحية أسقطت صاروخا على طفلين مع شخص بالغ تجاوز الخط، ولم يكن لديهم أسلحة أو أي شيء يشكلون به تهديدا على القوات الإسرائيلية، مضيفا: "من يعتقد أنه من المشروع إسقاط صاروخ على الأطفال؟ هذا شر واضح".