نهائي ستار أكاديمي يكشف عن عنصرية متبادلة في فرنسا

في المواسم السابقة من برنامج ستار أكاديمي، كان التصويت حصريا لسكان فرنسا القارية، مما جعل آلاف المشاهدين في الأقاليم الفرنسية ما وراء البحار، مثل جزر الأنتيل، يشعرون بالتهميش. كانت هذه بمثابة عائق كبير أمام إيبوني، التي كانت تأمل في أن تحظى بدعم من أبناء موطنها الغوادلوبي والمارتينيكي.

لكن هذه المعادلة بدأت تتغير عندما وقفت الممثلة فيرمين ريتشارد أمام الكاميرات، مباشرة من قلب نادي معجبي إيبوني، لتحتج على هذا التمييز قائلة إن سكان الأقاليم الفرنسية ما وراء البحار يشعرون وكأنهم "فرنسيون من الدرجة الثانية".

لم يمر هذا الاحتجاج من دون صدى، حيث استجابت قناة TF1 بسرعة وأعلنت، في خطوة مفاجئة يوم 21 يناير، فتح باب التصويت الهاتفي لجزر الأنتيل والمناطق الأخرى البعيدة. لكن هذه الاستجابة، جاءت محدودة، إذ لم يكن هناك وقت كافٍ لتكييف نظام التصويت عبر الرسائل النصية، مما أجبر المشجعين على الاعتماد على المكالمات الهاتفية فحسب، وهو ما لم يكن كافيًا لتعويض الفارق.

وعندما حلّت ليلة المنافسة، بدا واضحًا أن التحديات لم تنتهِ، حيث احتشد جمهور ضخم في الاستوديو، يملؤه مؤيدو مارين، وارتفعت أصوات الهتافات والتصفيق لها بصخب يُشعر المتابعين بأن المنافسة قد حُسمت مسبقًا. في المقابل، كانت تشجيعات إيبوني أقل بكثير. وقد واجهت قناة TF1 انتقادات واسعة لعدم تحقيقها توازنا عادلا في توزيع الحضور الجماهيري، ما أدى إلى تفاقم الشعور بالتحيز وأثار موجة غضب على منصات التواصل الاجتماعي.

انهالت التعليقات الغاضبة، وبدأ العديد من المتابعين يصفون ما شاهدوه بـ"التحيز الصارخ" و"التمييز الواضح"، مشيرين إلى أن هذه الأجواء المشحونة أثرت بشكل كبير على أداء إيبوني، التي بدت تحت ضغط شديد. البعض ذهب إلى حد وصف الجمهور بأنه "غير محترم" و"مخجل"، معربين عن إحباطهم من عدم تحقيق التوازن بين المتنافستين في الدعم الجماهيري.

لم يقتصر الأمر على الانتقادات، بل سرعان ما تدخلت المنظمات الحقوقية، حيث أعلنت جمعيات مثل SOS Racisme وLa Maison des Potes عن نيتها اتخاذ إجراءات قانونية لمواجهة موجة الكراهية التي استهدفت إيبوني على الإنترنت طوال فترة المنافسة. تعرضت المتسابقة لتعليقات مهينة، ووُصفت بألفاظ عنصرية مثل "قردة"، ما دفع هذه الجمعيات إلى التحذير من تصاعد خطاب الكراهية الرقمي ضد الأشخاص ذوي الأصول غير الأوروبية، والمطالبة بتشديد القوانين لمحاربة هذه الظاهرة المتزايدة.

ورغم أن هذه القضية بدت وكأنها مجرد مسابقة غنائية، إلا أنها فتحت الباب أمام واقع أعمق. وفقا لاستطلاع أجرته شركة إبسوس لصالح المجلس التمثيلي لجمعيات السود في فرنسا (CRAN)، أفاد 9 من كل 10 أشخاص من ذوي البشرة السمراء بأنهم تعرضوا للتمييز العنصري. ولم تكن هذه مجرد أرقام عابرة؛ فقد أظهرت بيانات وزارة الداخلية الفرنسية لعام 2023 تسجيل 8,800 ضحية لجرائم ذات طابع عنصري، حيث كانت الفئة الأكثر تضررا من الرجال الذين تتراوح أعمارهم بين 25 و54 عاما.

مع انتهاء المنافسة وتتويج مارين بلقب ستار أكاديمي، بدأت موجة من الانتقادات التي تحمل طابعا عنصريا تنهال عليها، إذ وُصفت بـ"البيضاء القذرة" وادعى البعض أن فوزها لم يكن بفضل موهبتها، بل نتيجة انحياز عنصري لصالحها كونها بيضاء.

لم يكن هذا الجدل مجرد صدى إلكتروني، بل وجد طريقه إلى الأوساط السياسية، حيث اعتبر النائب ماتيوس رينو أن هذه الهجمات ضد مارين مثال واضح على العنصرية ضد البيض، مشيرا إلى أن تسييس برنامج ترفيهي بهذه الطريقة يعكس التحديات العرقية العميقة التي تعاني منها فرنسا.

في هذا الصدد، أظهرت استطلاعات الرأي أن 80% من الفرنسيين يعتقدون أن "العنصرية ضد البيض" أصبحت واقعا ملموسا في بعض المجتمعات داخل فرنسا، وفقا لاستطلاع أجرته مؤسسة CSA لصالح قناة CNEWS.

على الجانب الآخر، حاولت شخصيات بارزة التخفيف من حدة الجدل، حيث أعربت رئيسة البرلمان الفرنسي يائيل برون بيفيه عن دعمها لكلا المتسابقتين عبر حسابها على منصة إكس، مؤكدة أن كلا من مارين وإيبوني تمتلكان مواهب استثنائية تستحق التقدير.

وقالت في تغريدتها: "هذا المساء، سأشاهد نهائي #StarAcademy مع أطفالي. لقد تركت كل من إيبوني ومارين بصمة واضحة في هذا الموسم بفضل موهبتهما المذهلة. لكن للأسف، غالبا ما تتعرض هذه اللحظات للإساءة بسبب الهجمات العنصرية أو التمييزية. نأمل أن يكون الاحترام حاضرا وأن تفوز الأفضل! تحيا الموسيقى!".